نصوص أدبية
الحلم / زوليخا موساوي
فرفع الناس مندهشون رؤوسهم إلى السماء. كنت أنظر أنا أيضا إليها و كنت أتساءل: إلى أين تتجه هذه الطائرات؟
وكأن الآخرين قرؤوا أفكاري انطلقت أصوات عديدة في نفس الوقت:
الحرب!! الحرب!!
ستشن هجوما على الدولة المجاورة
هناك انقلاب عسكري يجري الآن في مكان ما من العالم
إنهم ذاهبون لنجدة ضحايا البركان
رغم أن كثرة الأصوات كان يحدث ضجة صاخبة، كنت أفهم بوضوح كل ما يقال و كأن كل ما يقال يصدر عن صوت واحد.
من آخر السرب حلقت طائرة على علو منخفض جدا بحيث كنا نرى من بداخلها وماذا يفعلون. كانوا ثلاثة رجال يضحكون بصخب. فجأة وعلى طريقة 11 سبتمبر سقطت أو بالأحرى ارتطمت الطائرة بالبناية المقابلة. ثم أخرى وأخرى. تحول المكان في رفة جفن إلى أعمدة من نار ودخان.
كنت تحت الصدمة ولم أفهم ما الذي يقع وبقيت متسمرة في مكاني.
كيف خرجت الدبابة من ذلك الخراب؟ سؤال لن أجد أبدا الإجابة عليه. كانت تتقدم وتردي الناس قتلى. بعضهم جرى هاربا وبعضهم مثلي سمّرته المفاجأة في مكانة. كنت أريد الهروب لكن أحسست بألم فظيع في ركبتيّ وبقيت ملتصقة بالأرض. الدبابة تتقدم نحوي. لم تبق إلا بعض خطوات تفصلني عنها.
أخيرا اقتلعت جسدي الثقيل من الأرض وتقدمت بضعة أمتار لكني لم أبتعد كثيرا. جلت ببصري أبحث عن مكان أختبئ فيه. كنت في مكان مكشوف وكنت متيقنة أني أعيش آخر لحظاتي.
غريب ذلك الإحساس بدنو النهاية. كأنك تقول في نفسك: وأخيرا! لكن مع ذلك تبحث عن وسيلة للهرب من اللحظة الأخيرة.
كان الجندي واقفا ينظر إلي بشماتة أو على الأقل هذا ما قرأته في نظرته وكان يصوب سلاحه إلى صدري واثقا أنه لن يخطئني من تلك المسافة القريبة ولأنه كان يحمل سلاحا متطوّرا مصنوعا من أجل غاية واحدة هي القتل.
هل أغمضت عينيّ لحظتها؟ لا أظن أني فعلت بما أني أعرف جيدا طبعي المشاكس حتى أمام الموت.
صوّب و هو لا يزال ينظر إليّ بنفس النظرة. انطلقت القذيفة بسرعة خارقة. ولم تصبني. حين مرّ صفيرها قرب رأسي من جهة الأذن اليمنى رأيت بطرف عيني التي جحظت أنها ليست قذيفة بل رصاصة.
لما استيقظت تماما كانت ركبي تؤلمني بشدة.
تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2241 الخميس 11/ 10 / 2012)