نصوص أدبية

إلى خلدون جاويد...مضغةٌ من حنين / جواد كاظم غلوم

ماضغاً حفنةً من حنين

واضعاً على الجرحِ ملحاً وسمّا

سائلاً عنك كلّ الدروب التي مزّقتنا

والنجوم التي سهّدتنا

لماذا تركت القوارب راسية وحدها ؟!

وأنت الذي كنت تدري...

باني اتيت بدجلة طائعةً، ظامئة

تريد وصالك حدّ التحام العناق مع الاشتياق

تضمك بين الحنايا وخوف المنايا

لماذا تركت السماء على رحبها؟؟!ِ

فاني اتيتك بالقمر البدرِ

يؤنس وحدتك القاحلة

أما زلت تذكر تلك "الكرنتينة " العاشقةْ

 تشق عباب الطفولةِ

في بحرِها المدّ والجزرُ

والخوفُ والأوفُ في كلّ باب

وفي دربها الشوك والوخزُ والأمنيات العِذاب

اما زال ورد "الوزيرية" الان يعبقُ في صدرك المستكين

هنا متّكانا  الأمين

هنا قد شممنا شذى الياسمين

هنا عرّجَ الحبُّ في قلبنا

واكتوانا الحنين

وأسرى بنا الى حيثُ نجهلُ

أين المدى وأين الرياح التي حملَتْ ..

ذلك الصّبَّ في آخر العمر كي يستكين

اما زالت "السدّة" الان تعلو؟!

وعشّاقها يملئون المكان بقبلاتهم خلسةً

بعيدا عن العاذلين

كفاك تقبّل هذا الجدار وذاك الجدار

فان اللقاء بعيدٌ وابعدُ مما تظنّ

والمشاوير موحشة  حالكة

والطريق الى الاهل والأقربين

لم يعد آمنا ، رائقا مثل ناياتِنا

حين كنّا نغنّي معاً صادحين

ونمرحُ مثل العصافير

وهي تغادر أعشاشها

بين حينٍ وحين

تبثُّ الشجى والنوى والأنين

تؤثثُ زغردةً، غنوةً لأحبابنا الراحلين

تريد المكوث بقلبك ياأيها الحضنُ

والدفء والكفّ والعطر والياسمين

تحطُّ على سور قلبك آمنةً من ظلامٍ مخيف

فتغتالها نوافذُ ذاك البنفسجِ حبّاً عفيف

وحنّاء ابوابنا لم يزل اثَرا غائما

في احتدام السنين

ايرجع ذاك "الهيام النعيم" الذي هزّ ارجوحة الورد يوما

أيتركُك الوجدُ والبعْدُ والأقربون ؟؟!

مل بنا ياصديقي العتيد

فأشجارنا نسَلَتْ حنظلا

أنجبتْ حطَباً ناحلا

ثمَراً فاسداً قاحلا

حسَكاً شائكاً قاتلا

والمسافات اوخزها الذكر والشوق والأمنيات

والمعابر مفروشة بالوحول وبالقحط والعثرات

وأفواهنا لذعتها المرارات والذكريات

أيأفل ذاك الشعاع الذي هاج في صدرنا

ألقاً في الفؤاد ؟

أتغمض تلك العيون التي ابصرت جنة الله والخالدين؟

أينبتُ دمعٌ مع الثلجِ والبرد والزمهرير؟

فهل غير بغداد سجادةٌ من نمير

ومتّكأًً ناعما ، صادحاً مثل ذاك الخرير

يراقص دجلة في زيّها السومريّ الحرير

وفي "كوكب الشرق" نأوي الى خيمةِ الشدوِ

نغدو مضاءينِ كالفرقدينِ، يعانقنا الله

نعرى من الزيف والمكْر والموبقات

ستبقى بعيدا وأنت تعانق قلباً

يضمّك بين الشغاف

سيأتيك صبحٌ جميل المحيّا

مهيب القوام

طهوراً كطهرِ العفاف

ويهديك ضوءاً، فِراشاً وثيرا

وِساداً  بريشِ نعام

يرشُّ ندىً رائقاً وابتسام

يمدّ بساطاً حريراً

وإغفاءةً كي تنام

تجيء اليك طيور اليمام

تلمُّ الأسى والضنى والزؤام

تعالَ سريعا الينا

فنحن الضيوف الكرام

فإن النوافذ مشرعةٌ

والهوى شرفةٌ صادحة

لمغناك ياأيها البابليّ العتيد الجميل

 

تنويه

هذه المادة غير مشمولة بالتعليقات، فيرجى من الجميع مراعاة ذلك وشكرا

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2255   الخميس   25/ 10 / 2012)

في نصوص اليوم