نصوص أدبية

فما ليَ إلاّ البيتُ منجىً وواحةٌ / جواد كاظم غلوم

وغـامـتْ رؤانــا بـيـن لـيـلٍ وغــبـرةٍ

              فلا نظَرتْ  تلـك العيـون ولا الهـدْبُ

أرحـتُ رِكــابـي بـعــد نـأْيٍّ تــمـنّـيـاً

                بـأنْ لا أرى حـمْـلاً يُــقــطّعـهُ ذئــبُ

رمتـني حظـوظي بـين نـفْيٍّ وموطنٍ

               تعـاظم فيـه النوح والحـزن والنــدْبُ

فـقـرتُ بأرضـي بـعـد يســْرٍ وعـزّةٍ

               وكـان مقامي النجــمُ إذ أوحل التربُ

ذرعـت بَـوادي الله مـذْ كـنت يافـعـاً

                 نسيــتُ بأنّ العمــرَ يدركــهُ الشيبُ

قضت نكَداً ستــون عامـا وبـضعةٌ

                 وقنديليَ المخــنوقُ أوشـك أن يخبو

ظنــنتُ بلادي واحةً عــمَّ فَــيْؤهــا

               وفي أرضنا الخضراء ملعبنا الرحبُ

وفي حضنِنا دفءٌ وفي الصدر خفقةٌ

                ويمرحُ في أجوائنـا العاشـقُ الصّـبُّ

حسبتُ نخـيلي ظـلَّ عـيشٍ يُريـحني

                  ومُتَّكئي الـميسور والمنـهل العـذبُ

ولكــنْ نبـاحُ القـومِ صـمَّ مسامـعي

                   ولـم أدرِ هـل بومٌ بـدا أم دنـا كلبُ

فــلا قــدَمٌ تخـطو أمامــي تـدلّـنـي

                   تثـاقلَ فيَّ العـزمُ وانحسـرَ الدربُ

ففي خطوِنا تيــهٌ ويأسٌ وعــثْـرةٌ

                  ونجهل مسرانا هل الملتقى غربُ!

وفي الروحِ شرْخٌ والجسوم هزيلة

                وفي الحلقِ قيءٌ والسماوات لاتصبو

فـلـيس أمامـي غــير قـحْـطٍ وغُــصـّةٍ

              أرى القــتلَ طغـيانــاً إذا ضُــيّعَ الــلّبُّ

بلادي ميــاديــنٌ من السحــتِ والأسى

               أحبـّـتُــنا تــنْـأى وفــرسانــنــا تـكـبـو

فــما لـيَ إلاّ البــيت منـجـىً وواحــةٌ

               إذا ثُقِبَ المشحوفُ والمركبُ الصعبُ

الــى الله شكوانا فــقد طفــح الضـنـى

               فليس لنــا غــير الرؤوف لنـا حسـبُ

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2260   الثلاثاء   30/ 10 / 2012)

 

في نصوص اليوم