نصوص أدبية

القتلى لن يُحييهم الإعتذار / يحيى السماوي

 

 

 

فـيـمَ اعـتـذارُكِ ؟ مـا أبـقـيـتِ لـيْ مُـتـعـا

تُـغـوي الـعـيـونَ بـنجـم ٍضاحِكٍ سَـطـعـا

 

هِــبـي الـمـسَـرّةُ عـادتْ وانـتهى زَعَـلٌ

وأشــمـسَــتْ ظـلـمـة ٌ والـودُّ قـد رجَعـا

 

فـهـلْ يُـعـيـدُ لـمـذبـوح ٍ صــدى أسَــف ٍ

نـبْـضـا ًويُعْـشِـبُ صـخـرا ًمـائـجٌ خَدَعـا؟(1)

 

أتـيـتُ حـقـلـكِ أسْـــتـجـدي خـمـائـلَـهُ

بعـضا ًمن الـظلِّ ـ لا الأعـنابِ ـ فامْـتـنعا

 

دخـلــتُــهُ وأنـا نـهــران ِ مـن فــرح ٍ

تـمـاهَــيــا فـي فـؤاد ٍ أدْمَـن َ الـوَرَعــا

 

حتى إذا خَـذَلَ الإعـصـارُ أشــرعــتـي

وفـزَّ نـزفٌ غـفـا بالأمـس ِ وانـقـطـعـا

 

رجـعـتُ أحـمـلُ جُـثـمـانـي يُـشَـيِّـعـني

جـفـنٌ إذا ذكـروا أهـلَ الـهـوى دَمَـعـا

 

مُـقـرَّحُ الـهـدْبِ لا مـن جـمـر أدمُـعِـهِ

ولا الـسُّهـادِ ... ولـكـنّ الـذي سَــمِـعـا

 

وكـان يُـمـكِـنـهُ ـ لـولا خـلائــقُــهُ ـ

قطف الزّهورِ ورشف الشهدِ لو طمعا

 

كـبـتْ على شـفـتي مذبـوحـة ً لـغـتـي

وأجْهشـتْ ضحكةٌ تسْـتعـطِفُ الهَلـعـا

 

طـعـنـتِ بدءَ هـيـامي طفلَ عـاطفـتـي

لا توقـظي جرحَهُ الغـافي فقد هَـجَـعـا

 

تـركـتِـنـي في دروب العشق ِأغـنـيـة ً

شـهــيـدة ً وهـزاري بعـدُ مـا يَـفِـعـا (2)

 

مُـخـضّبٌ بالأسـى ما إنْ يُـضاحِـكـهُ

حقـلُ المـسـرَّةِ حتى يصْـطلي وجَـعَـا

 

سَـلي ثـراكِ :أمِـثـلـي نـازفٌ مـطـراً؟

وناهـديكِ : أمِـثـلـي مـبـسـمٌ رضَـعـا؟

 

ومُـقـلـتـيـكِ : أكُـحْـلٌ زان هـدبَهـمـا

كما فمي؟وكصدري طابَ مُـنـتجَعـا؟

 

وسـاحِـلـيـكِ : أمِـثـلـي مـرفـأ ٌ رَفِـهٌ

إذا تـمَـرَّدَ مـوجُ الـشوق ِ وانـدَفَـعـا؟

* * *

أطالِبٌ إثـرَ وحـشـيِّ العـذابِ ردىً

فجـئتَ تـطلبُ بعد الودِّ مُصْـطـرعا؟

 

أجلْ ! سعـيتُ إلى حـتفي ولاعَجَبٌ

فابنُ الملوّح ِ قـبلي والطريدُ سـعـى (3)

 

لـثمتُ من شـغـفـي جـرحي لأنّ بهِ

من وَرْدِ كفّكِ عطراً في دمي ضَوَعا

 

وما أسِـفْـتُ على نزفي ووأدِ غـدي

ولا على كـبرياءِ المطمح ِ افْـتُـرِعا (4)

 

لكنْ على نصحِ صِدّيقٍ رأى شططاً (5)

فما أصَـخْـتِ لقول ٍ يأمَـنُ الـفـزَعـا

 

خدَعْـتِنـي؟ لا وربي : خادعي حلمٌ

مُضَـبَّـبٌ لامَسَـتـهُ الشمسُ فانقـشعا

 

نصَحْـتُهُ : لا تبُحْ وجْدا ً لـفـاتِـنـة ٍ ـ

قـلـبـي ـ فكنتُ لهيبي والوقودَ مـعـا

 

تمخّضـتْ عن بكاءٍ ضحكةٌ وغدتْ

فجيعة ً نـشـوة ٌ قد أمطرتْ مُـتـعـا

 

حَجَبْتِ شمسَكِ عني حين حاصرني

بـردٌ وأطـبـقَ دربٌ كان مُـتّـسِـعـا

 

ضحـيّـة ٌ أنت ِ .. إلآ أنّ قـاتـلـهـا

غـرورُهـا وأخو الدّنيا بما طُبِعـا

 

فـجَـهِّزي للهوى غُسلا ً ومقبرة ً(6)

أمّـا أنا ففؤادي جَـهَّـزَ الـجّـزَعـا

 

22/4 / 2007

 

.............

(1) مائج خادع : السراب

(2) يفع : أصبح يافعا

(3) الطريد : هو توبة الحميري عاشق ليلى الأخيلية

(4) إفتُرع : أهين

(5) الشطط : مجانبة الصواب

(6) الغسل : ماء تغسيل الميت

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2269   الخميس   8/ 11 / 2012)   

في نصوص اليوم