نصوص أدبية

إنَّ العـراقَ إذا أودعتهُ أمـلاً / كريم مرزة الاسدي

 

أبثّ ُشعري وما شعري سـوى ألمي

نبضٌ من القلبِ يجري في عروقِ دمي

 

لا أستكينُ علـــى خمدٍ وجامدةٍ

الهبْ فقـــدْ يتناسى النـّاسُ ياقلمي

 

انفـــــحْ بقافيةٍ تشفٍ النفــوسَ بهـا

واسـتنهضْ العزمَ سادتْ سكتة ُ العدم ِ

 

وإنْ جــــذوتَ فلا ترجـمْ بصـاعقةٍ

تهفـــو وأنـتَ كبركان ٍمن الضـرم ِ

 

اقرأ رويـداً ستبهرُ من شواردها

بالعيـــن ِ ميماً ونبعُ الضادِ للفـهم ِ

 

فالشـّـعرُ شعرٌ إذا أضرمته ُ ولعاً

قــد يستفيقُ سباتُ الغافل ِ الذّمم ِ(1)

 

إنَّ العـــــراق َوإرثُ المــجدِ حلـّتهُ

تكســوهُ بارقة ُ الأخلاق ِ والشّـــــيَم ِ

 

كـــمْ قــــدْ أجبتُ - وإنَّ اللهَ حافظهُ -

لولا الأصـالة ُ حلـّتْ غمّة ُالغمم ِ

 

ما ماتَ (تموز ُ) (عشـــتارٌ) لهُ خصبٌ

يومَ (البسوس ِ) ويــومَ (الظالم الدّهم ِ)(2)

 

انظــــرْ أمامــــكَ إذ ْ دنيـــاكَ صارخة ً:

خلـّفْ خلافكَ بعــدَ الأين ِ والوصم ِ

 

مـا فاقَ قومٌ تناسوا عزَّ وحدتهمْ

وأيقظوا فتنـــة ً من سالف القِدم ِ

 

ما بالكمْ ؟ عمَّ ربّ ُالكون ِ نعمتكمْ

وتغبطون شذاذاً في دُنى الظـّلــم ِ!

 

لا ترتجي من سواك العدل يحكمهُ

إذا رضيتَ بخسفٍ في الدّجى فنم ِ!

 

ماذا دهاكَ؟ ألمْ تردعكَ ضائقة ٌ؟ً

من غير رشدٍ تغافتْ عصبة ُالحُكم

 

ماذا خفى من تراثٍ أنت وارثــهُ

والحـــقُّ شعلتهُ نــارٌ على علم ِ

 

تقدّمتـنا أناسٌ أفقهم عـــدمٌ

والدّرّ ُ حـالَ بأيــديـنا إلى فحم ِ

 

فالدّهرُ لا تؤمنُ الأيّـامُ مقلبهُ

منْ غرّةِ الغـُرِّحتى وحشةِ العدم ِ

 

ويضحكُ المُقلبُ الغدّارُ سالفهُ

أينَ اعتباركَ من أسطورةالوهم ِ؟!

 

لا ترتجي الصبرَجورُالضيم ِيعقبهُ

والحرّ ُمن جــزّعَ الدنيا ولمْ يلم ِ

 

إنَّ العــــراقَ إذا أودعتهُ أمـــــلاً

أكرمْ به -إنْ تعافى- باذخ النـّعم ِ

 

هـــذا الترابُ وإنْ صفـّيتهُ ذهباً

لا يرتقي شـــــأوهُ تبْرٌ من الكرم ِ

 

إنْ جفَّ نهرٌ ونهرانٌ لنا عســفاً

نهر الحياةِ غزيرٌ من قوى الهمم ِ

 

يا ليتهمْ نظروا الآنـامً لاهفــة ً

لعشـّها أمَلتْ تــــرنو إلى الــرّحم

 

طلَّ (المسيـحُ) فعاد (السندباد) لهمْ

يزهو بشدو ٍ وألحان ٍمن النـّـغم ِ(3)

 

لا تقنطوا أنّ (عنقاءً) قد احترقت

رمادها عادها تسموا إلى القممِ(4)

 

وليس في الأرض ِشعبٌ دامَ مسلكهُ

خيراً فخذ ْعبرة ًمنْ سـالفِ الأمم ِ

 

منْ يعملْ الخير ِلا يعدل ْجوازيه

إنّ الحياة َ لأقسامٌ مـن العزم ٍ(5)

 

صبراً جميلاًعلى البلوى وحكمتنا

للهِ حـــكمٌ وهذا حســــــنٌ مختتم

 

أتلانتا تشرين الثاني 2012م

.....................

(1) (سبات الغافل ِ الذمم ِ) : الذمم ليس صفة إلى الغافل، بل مضاف إليه إلى الغافل، ويجوز في اللغة العربية أن يعرف المضاف بتعريفين (الإضافة)و (الْ)،راجع شرح ابن عقيل ج2 ص 46 باب الإضافة :

ووصلُ (الْ) بذا المضاف مغتفرْ*** إن وصلتْ بالثان ِكـ (الجعدِ الشعرْ)

وابن الرزمي يقول :

وأولادنا مثلُ الجوارح ِ أيّها*** فقدناهُ كان الفاجعَ البينَ الفقدِ

كما ترى(البين) مضاف معرف بـ (الْ) (الفقدِ) مضاف إليه.

(2) الأساطير شغلت تايخ الشعوب القديمة الأشورية والبابلية والفينيقية واليونانية والرومانية والبابلية والعبرية، واستخدمها الأدباء المعاصرون كالحكايات والرموز ومنها : كانت الآلهة (عشتار) تجسيدا للخصب، وكان (تموز) القوة الخلاقة التي تبعث الحياة في مدينة الوركاء عشتار كثير من العشاق وبضمنهم (تموز) الذي كتب لاسمه ان يقترن باسمها، وكان من اشهر احبائها فقد تزوجته وعاشا في (بيت الحياة)

• وحرب البسوس هي حرب قامت بسبب ناقة لامرأة اسمها البسوس التميمي، وذلك بين قبيلتي بكر وتغلب وأستمرت 40 عاما من 494 م إلى 534 م.(الظالم الدّهم) أي طاغية مرّ بتاريخ العراق، وتموز عشتار قابلان وقادران على الخصب والخير والمحبة والتواصل.

(3) المسيح رمزاً لإنقاذ عالم البشرية، والقول بأنه سيأتي شخص وسيقوم بطل بإنهاء هذه المجاعة والفقر والجدب و الانعتاق من أسر الواقع ورتابة الحياة الاجتماعية، والسندباد إسطورة معروفة في ألف ليلة وليلة - ولو يرجعونها للعبرية - هدفه التنقل بحراً أو برّاً لملاقاة الأهوال والأخطار للإنعتاق من الواقع المرير والرتيب، ومعظم العراقيين أصبحوا سندباد.

(4) أسطورة (العنقاء) التي تحرق نفسها وتنبعث من رمادها لتزداد نضارة وفتوة وتجدد خلاق.

(5) صدر البيت للحطيئة، مع تغيير بسيط لإستقامة المعنى، إذ ليس كل فاعل خير يجازى، ولكن الحطيئة كان ذكياً حيت أشرك الله في العجز ÷ لا يذهب العرف بين الله والناس)، والعزم : المطر الشديد

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2269   الخميس   8/ 11 / 2012)

في نصوص اليوم