نصوص أدبية

بستان الحروف / محمد مكي

فحير بذلك عقول الانوار في فهم قصده، ثم صاغ من الحروف أسماء وسوى الاسماء نفوسا ناطقة أودعها على شكل فطرة في أفئدة هياكل الصلصال وجعلها ذواتا مدركة، فأباح بذلك أسرار آيات صنعته في أنفسهم وفي الآفاق.

 

فبوحه بـ (كن) صاغ به الكون وصمته عن (كن) صاغ به العدم. وبين البوح والصمت يندرج عالم الممكنات.

 

وقد كنت شاهدا لايراق الكلام في حضرة بستان الحروف، إذ كنت صدى ناقوس تثليث، ليس كمثل ناقوس النصارى. فانا (الشاهد) الذي ابتدع الوهم الخاطر في الذهن، العارف بما انتهى اليه الحال. وأنا (ذات) السالك، التي تتجلى بما نص عليه السرد. فهي ذاتي الناسجة في فاعل الحدث. وأنت (هو) الذات الأخرى، التي يقع عليها فهم القصد. فأنا الشاهد وأنا الفاعل وأنت من ينفخ من (نفسه) في جسد الحرف معناه.

 

وبين الكلام ومعناه يندرج عالم الخيال والخيال في تجليه حدس البداهة من صبوة الوعي الأولى، فإذا ماتدرج في مسالك المراتب وكانت حقائق الظواهر حدوده، نسج العقل معنى الكون الكامل مانحا إياه صفة الصدق في كمال دائرة صدقه. وبذا أكون مولد أوهام أنت صنعتها، فإذا ماتماها الوهمان في الوعي الثالث تم الفهم. وبذا يكون المعول عليه في إدراك معنى الكلام الذي باح به النطق هو أنت.

 

كاتب عراقي

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2279   الاثنين    19/ 11 / 2012)

في نصوص اليوم