نصوص أدبية

كابوس / مسلم السرداح

وانك ان لم تحضر سريعا فربما ستكون العواقب وخيمة.

 تمتم لنفسه بعد ان قرا الرسالة:

انها المرة الاولى التي اسافر فيها. ولقد قضى عمري في اتون حرب من جراح ودماء لاتنتهي. فلاكمل سفرتي السعيدة خارج هذا الذي يسمى وطن، وليكن مايكون.

 اجابها برسالة، متهكما، مشاكسا:

-     لا اعرف شيئا بهذا الاسم الغريب. لأني لا املكه. اما اذا كنت تقصدين شيئا اخر، فذلك امر اخر. ودعيني الان اكمل رحلتي السعيدة. اذ، ما الذي استطيع فعله امام جسد ينزف فانا لست طبيبا مختصا بجراح الاجساد النازفة جراء الفساد . ولست مسؤولا كبيرا كنائب في برلمان او رئيس كتلة استلم امتيازاتي الفلكية بسبب تأجيج الحقد الطائفي، او مرشدا دينيا اعكس تعاليمي حول الحياة وان الغرض منها هو الموت او.....ثم ان ما سميته وطني هذا ينزف منذ زمن بعيد ولم يستطع احد ايقاف نزيفه من اسماك حسن الظن لانهم لايستطيعون مغالبة حيتان المؤامرات. فكيف استطيع انا الانسان المسكين البسيط ايقاف جراح جسد مسجى ينزف من كل الجهات ؟ ولو فرضا اني سعيت، فماذا اوقف منه نزيف يديه ام رجليه ام راسه ام قلبه ام......؟

-            لا عليك. فلابد ان تأتي لتضمد جراح النزيف. هذا ما ارسلته له اخيرا.

ترك الرجل كل شيء امام اصرارها وعاد مختنقا يكاد يموت من العبرة. ذلك انه للمرة الاولى يسافر بعيدا للنزهة . وكانت هذه النتيجة مشقة وغبن حتى في المنام.

 فجأة وجد نفسه انه كان رازحا تحت كابوس ثقيل . بعد ان استيقظ على اثر الهز العنيف من قبلها ، وكان قد راح يئن ويزبد ويتمتم صائحا بكلمات غير بشرية مبهمة. اخذت بعد ذلك، تلح في الاسئلة طويلا عما حدث له اثناء الكابوس بالتفصيل الممل . وهي التي تؤمن بتفسير الاحلام وان لكل كابوس معنى.

ولذلك وحين اخبرها بتفاصيل ما راى راحت تحاول تفسير رؤياه باحدى طرق التفسير الحديثة او القديمة والتي يلجا المحبطون اليها ، وخصوصا النساء اللاتي كثيرا ما يجدن فيها تعزية لما يعانين منه من مشاكل، وما اكثرها.

قال لها:

- حلمت انني كنت مسافرا بعيدا للنزهة، وكنت احس بالسعادة لاني تخلصت من اعباء وطني هذا، ومن المشاكل التي تاتي بسبب اهله. ورحت اشعر لأول مرة بالحرية عندما......

 وتساله، مقاطعة كلامه :

- وهل رأيت منظر الدم في الحلم ؟. قالت له واضافت: ان رؤية الدم يعني ان الحلم قد فسد وانه صار من اضغاث الاحلام.

 قال لها:

-     وهل هناك نزيف بلا دم ؟ من المؤكد اني رأيت الدم. نعم تذكرت فحين عدت رأيت سماء سوداء وارضا حمراء في منظرغريب. وذلك ما جعلني ائن واصرخ رعبا .

عندها قالت له والابتسامة تعلو وجهها:

- معنى ذلك ان الوطن بخير. والحمد لله على سلامتك وسلامة الوطن !!!

- نعم. الوطن بخير. والحمد لله على سلامتنا.

ثم راحا يقهقهان بصوت عال.

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2281 الاربعاء 21 / 11 / 2012)

في نصوص اليوم