نصوص أدبية

مسرحية إبنُ الخايبه !

 

المؤلف

- المكان: غرفة بُنيت من القصب والطين، تتوزع في تفاصيلها بعض الادوات العتيقة: فانوس، أواني طهي، أفرشة قديمة متهرئة، ملابس معلقة على مسامير، طباخ نفطي صغير، صورة كبيرة لرجل ميت معلقة في منتصف الحائط .

- نرى حبلا طويلا قد تدلّى من سقف الغرفة على شكل (مشنقة) وتحتها وضع كرسي صغير !

- (الأم) نائمة، تضع عباءتها كغطاء فوقها .

- (زوج الأم) نائم وهو يشخر بصوت عال ! سمين جدا، له كرش كبير، يأخذ مساحة واسعة في الغرفة، اي ان جسده مبالغ في حجمه !

- (صبر) في الثلاثينيات من عمره .. يقف امام صورة الرجل المعلقة، ينظر اليها وكأنه يراها لأول مرة .

زوج الأم: (يشخر) اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخو ...

صبر: (يبصق على الصورة) تفو عليك، تفو تفو تفو ... ايها القواد تفو

عليك، تفو عليك يا أبي، يا أيها الغالي على القلب ! (يصيح) تفو عليك بويه (يضحك) ايها الشهيد، ايها البطل .. انت تعلم جيدا بأنني احبك يا أبي، احبك بكامل روحي، ولكن تفو عليك يا قواد، حبي لك ليس لانني ابنك فقط، بل لانك تستحق هذا الحب بجدارة ! ما أروعك وما أجملك ايها الاب، ولكن مقابل حبك لي ولأمي لا أملك سوى البصاق على صورتك ايها الاب الشهيد والسعيد، فتفو عليك مليون مرة، تفو عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا، تفو عليك لانك جعلت حياتنا جحيما ببطولاتك العظيمة والتي لا معنى لها ! تفو عليك لاننا سنطرد كالكلاب من هذه الغرفة بسببك... (يترك الصورة،  يصعد فوق الكرسي ويضع الحبل حول رقبته، يحاول اكثر من مرة دفع الكرسي وشنق نفسه لكنه لا يستطيع، ينزل من الكرسي، يقف عند رأس أمه، يحاول ايقاضها بهدوء) أمي، أمي، أمي ...

زوج الأم: (مستمرا بشخيره ...) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخو...

الأم: (تنهض فزعة) بسم الله الرحمن الرحيم، صبحنا وصبح الملك لله، يا الله يا الله يا الله، استغفرك يا الله ... صباح العافية يمّه صبر . أخذني النوم (تنظر من نافذة الغرفة الصغيرة) هل تأخرتُ عن صلاة الصبح؟

صبر: مازلنا في منتصف الليل أمي !

الأم: حسبت انك أيقضتني لصلاة الصبح كعادتك .

صبر: لا فرق بين ليلنا وصبحنا .

الأم: انت جائع اذن يا روح أمك .. بقي من خبز العشاء الذي تحب دائما ان

تغمّسه مع الشاي .

صبر: (يخاطب الصورة) خبز مغمس بالشاي لثلاثين سنة، كم كنت اتمنى

ان أغمّس الشاي بالخبز وليس العكس، لكنني لم استطع ان احقق هذه

الامنية...

الأم: سأضع لك الشاي على النار .

صبر: لست بجائع، فالخبز والشاي أتخماني ليلة البارحة والليلة قبل البارحة

والليلة التي سبقت ليلة ليلة البارحة، والليلة التي ...

الأم: نعمة الله يمّه .

صبر: لكن الكريم لا يُكرم بخبز وشاي !

الأم: نحن افضل من غيرنا !

صبر: (يضحك) هذا يعني ان غيرَنا يُغمّس الطين بالشاي مثلا؟

زوج الأم: (يشخر ...) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...

الأم: نعمة تستحق الشكر، ألف ألف ألف شكر لك ياربي (تنظر الى الحبل

المتدلي) ما هذا الحبل؟

صبر: حبل .. ليس بأفعى ... ! ألم تشاهدي حبلاً في حياتك؟

الأم: اعرف انه حبل . لكنه لا يبدو لي كذلك .

صبر: ربما يبدو لك مشنقة !

الأم: (تغيّر الموضوع أو تتظاهر بأنها لم تسمع) دعني اضع الشاي على

النار .

صبر: قد تكون مشنقة فعلا .

الأم: (تتهرب) لدينا بقايا خبز .

صبر: انظري اليها، ما أجملها من مشنقة .

الأم: يمّه صبر .. انت تشكو من البرد؟ دعني اعطيك عباءتي تتدفأ بها، لا

لا.. سأعطيك روحي فهي اكثر دفئا !

صبر: سأشتاق لوجهك دائما .

الأم: أنا باقية في الحياة من اجل وجهك (تصيح به) قل ماهذا الحبل؟

صبر: قد يبدو ................... انظري الى صورة أبي، ما أروعها الليلة،

وجه نوراني ...

زوج الأم: (يشخر) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...

الأم: أ تدري بأنني أغار من حبك لأبيك؟

صبر: القواد ...؟

الأم: (تضرب صدرها بكفها) يمّه صبر ... هذه الكلمة لا تليق بلسانك،

فكيف تليق بمن تحب؟

صبر: ماذا افعل؟ هذا من فرط حبي لأبي ! أحبه واحبه واحبه كثيرا، ولا

اجد كلمة يمكن ان تعبر عن هذا الحب .. سوى قواد !

الأم: مابك؟ دعني اصلي لروحك ركعتين .

صبر: لا ينفع .

الأم: صلاة الليل ليس كمثلها صلاة .

صبر: لا ينفع .

الأم: صلاةُ أمٍٍٍ ليست كأي أم .

صبر: لا ينفع .

الأم: دعاء الام لابنها مستجاب .

صبر: لا تضحكي عليّ .. ما عادت هذي الكلمات تنفع معي .

الأم: رأسك يحتاج الى شاي وخبز تنور حطب (تصيح به) يمّه صبر ..

قل ما هذا الحبل؟

صبر: مشنقة ! صدقيني انها مشنقة .

الأم: تلعب بمشنقة؟

زوج الأم: (يشخر بصوت عال) اخ اخ اخ، اخ اخ خو خو خو خو ...

صبر: إنها لعبتي المفضلة في هذه الليلة الجميلة .

الأم: لا أحبّها يمّه .

زوج الأم: (يشخر ...) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...

صبر: اعرف .. أعدك بأنني سأنتحر بها الان .. واتركها بعد ذلك الى الابد .

الأم: (تشهق) تنتحر؟! صبر .. ماذا يعني انك تنتحر؟

صبر: يعني انني اريد ان انتحر .

الأم: وبكل بساطة؟ بهذه المشنقة؟

صبر: واريدك ان تساعدينني ايضا !

الأم: أساعدك؟! كيف؟

صبر: بدفع الكرسي (يدفع الكرسي بيديه) هكذا .. عندما اصعد عليه !

الأم: (تضرب صدرها بكفها) قل اعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس

من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة

والناس . قل اعوذ ...

صبر: (يقاطعها) لو قرأت القرآن كله ما نفع ذلك معي .. الليلة اخر ليلة

معك يا أمي .

الأم: قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق ...

صبر: ومن شر هذه الحياة .. الحياة التي تتحكم فيها الاحذية الكبيرة بمصائر

(يشير الى نفسه) الاحذية الصغيرة .

زوج الأم: (يشخر بقوة اكثر) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...

الأم: يمّه صبر .. لم اعهدك تتحدث بهذه الكلمات .

صبر: أ نسيتي؟ انا ابن القعر وما زلت، وهذه لغة اهل القعر ! ماذا افعل؟

هكذا تعلمت !

الأم: إطرد هذه الوساوس من رأسك يمّه .

صبر: جاءوا صباح اليوم واعطوني ورقة .

الأم: ورقة؟

صبر: (يخرجها من جيبه، يقرأ) نبلغكم بإخلاء هذا البيت فانتم من

المتجاوزين على الحق العام ...

الأم: (منهارة) أبوك اعطى عمره وعمرنا وحياته وحياتنا من اجل الحق

العام .

صبر: ألم يكن عظيما كما تقولين دائما؟

الأم: هناك خطأ ما .

صبر: هناك جريمة ما .

الأم: أو قد يكون .. ربما من اجل ان يعطوننا بيتا، لالالالا قصرا، لالالالا

جنة لالالالالالالا...

صبر: (يغني بسخرية) يمه العمر وياج بيت وشناشيل يابويه بيت وشناشيل

وين ارحل ليا دار لو جلجل الليل يا بوية لو جلجل الليل ...

الأم: لو جلجل الليل .. تنام في وسط عينيّ .. عد الى نومك يا بني، اتوسل

اليك، هناك خطأ .

صبر: فقط .. ادفعي الكرسي من اجل ابنك الحبيب .

الأم: قل انك تمزح مع أمك، قل .

صبر: ان ابقى هو المزاح .

الأم: وقلب أمك؟

صبر: أروع ما يكون .

الأم: سأموت حرقة عليك .

صبر: احرقنا أبي القواد ببطولاته ! أعني الشهيد أبي الذي سخم حياتنا

ورحل. أخ القحبة .

الأم: ماذا اسمع؟ سِخام يُسخمني (تزجره) لا تقل قوادا على أبيك، لقد كان بطلا .

صبر: نعال !

الأم: شجاعا لايهاب الموت .

صبر: نعال .

الأم: كان طيبا .

صبر: نعال .

الأم: أبا حقيقيا .

صبر: نعال .

الأم: يمّه صبر .. امسح هذي الكلمات من رأسك، فهي لا تتناسب وطهارة بيتنا

صبر: أمسحها؟ كيف؟ انا لا املك سواها ! تعلمتها مذ كنت صغيرا في تلك الزنزانة، لا اسمع من رجال الامن سوى تلك الكلمات التي علموني اياها، كنت اعتقد ان العالم كله يتحدث بهذه الطريقة .

الأم: انها كلماتهم وليست بكلماتنا .

صبر: (يصيح بإمه) أبي كان نعالا يمّه .. وانا خلقت كحذاء صغير؟ لــم لا تفهمي؟

الأم: بل خلقت في احسن تقويم ...

صبر: (بهستيريا) أنا حذاء صغير وابن حذاء صغير وابن ابن حذاء صغير وابن ابن ابن حذاء صغير وابن ابن ابن حذاء صغير وصغير وصغير وصغير ...

الأم: دعهم ينامون في قبورهم بسلام .

صبر: هذه اول مرة أعلم بها ان الاحذية يمكن ان تنام .. ممكن ممكن لم لا .

زوج الأم: (يشخر ...) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...

صبر: (يصيح بزوج أمه) اوقفيه عن الشخير يا أمي .

الأم: (تصغي) لا اسمع شخيرا !

صبر: وهذا الشخير المدوي الذي يطلقه زوجك؟

الأم: انه عمك !! أنا لا اسمع شيئا، تتوهم بأشياء كثيرة يا بني، انظر اليه .. انه ينام بهدوء ...

زوج الأم: (يشخر ...) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...

صبر: قواد جديد !!

الأم: عمك، زوجي ...

صبر: يأكل خراء . ادفعي الكرسي .. ارجوك، لا املك القدرة على دفع كرسي مشنقتي، لا احد يساعدني سواك، ساعديني ولك مليون حسنة وحسنة في ليلة هي خير من مليار ليلة وليلة .

الأم: ثلاثون عاما وانا ابكي عليك، ولا ادري لماذا ابكي، لا ادري . عندما تنام او تصحو، ابكي عليك، عندما تخرج او تدخل الى هذه الغرفة الطينية ابكي عليك، عندما تجوع او تشبع ابكي عليك، عندما تجلس او تقف او تنام ابكي عليك، عندما تصمت او تتكلم ابكي عليك، عندما تبكي اموت من البكاء عليك . ماذا لو رحلت عن روح أمك؟ ماذا يمكن ان يحدث؟!

صبر: قلبي توقف الان عن سماع كلماتك يا أمي، ما عليك سوى ان تدفعي

الكرسي، ارجوك ...

الأم: لا يمكن ...

صبر: تخيلي ذلك .

الأم: لا يمكن ...

صبر: حاولي ان تتخيّلي مشهد انتحاري .. ماذا سيحدث؟ وماذا ستفعلين؟

الأم: لا يمكن ...

صبر: تخيّلي ارجوك .. من اجل ابنك الحبيب

الام: أتخيل ...؟!

(انتقالة ...)

- (مشهد تخيلي)

- (يتدلى جسد صبر بعد ان قام بشنق نفسه)

الأم: (لاطمة) يمّه يمّه يمّه يمّه يمّه صبر (صارخه) يمّـــــــــــــــــه . شلون بيّه .. الان فقط هُدمَ حيلي، الآن فقط يحق لي ان ألطمَ على وجهي وصدري، (تلطم بوجع) حيل يمّه .. الان فقط يحق لي ان أصيح بصوت تسمعه الأمهات كلهن فتخرج عاشر جارة على صياحي (تصيح) أعينني على اللطم والصراخ .. راح الوالي راح وليدي، الان فقط يا بعد عمري أُغلقَ باب الله بوجه أمك، يمّه .. هذي قيامتي يا صبر قد بدأت، ارى النار النار النار تصيح أما من حطب، وأقول لها: انا الحطب، خذيني. فقد احترقت روحي بعد روحك يمّه، يا الوالي يا شمعة الدار وحلاوة روحي، يا الغالي ... (تضرب وجهها) انطفأ يا وجه، (تضرب عيونها) توقفي يا عيون عن رؤية الاشياء، فبعدك يا صبر لا شيء يستحق ان أراه، كنت باقية من اجلك هنا، فما معنى ان ابقى الان؟ يمّه يمّه اموت معك، يمه لا تتركني، يمّه يمّه يمّه صبر    (صارخه) يمّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ...

(عودة الى ...)

صبر: ها يمّه ...

الأم: سأشعل الأبخرة والحرمل .. علّ الشياطين تخرج من غرفتنا (تبحث

عن الابخرة)

صبر: لا احد في غرفتنا سوى الملائكة .

الأم: (تتوقف) ربي رحمتك وعطفك ...

صبر: سيرحمني بهذه المشنقة كما رحم الذين من قبلنا ...

الأم: ستموت كافرا .

صبر: بل أموت في قمة إيماني .

الأم: الله يقول: لا تقتلوا النفس التي حرم الله قتلها .

صبر: لن يقتلني أي احد .. انا من سيفعل ذلك بنفسه !

الأم: يمّه صبر . ماذا افعل لرأسك؟

زوج الأم: (يجلس، الا انه مازال نائما ويشخر ...) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...

صبر: زوجك القواد الجديد لا يكف عن النوم والشخير .

الأم: لا يصح ان تتحدث عن زوج أمك هكذا .

صبر: سينفجر ويملأ الغرفة بالقوادة ...

الأم: ماذا اسمع يا ربي ...؟ عمك متعب جدا .

صبر: منذ سنوات وهو نائم ويشخر ! حاولت ان احبه، لكنني لم استطع !

الأم: حاول مرة اخرى (تشير الى المشنقة) انزل هذا الحبل من أجل أمك .

صبر: أتمنى ان تتوقفي عن أمومتك قليلا !

الأم: عن الحياة تعني ...؟

صبر: أريدك ان ترتدي ثوبا ابيض بعد ان تدفعي كرسي المشنقة .

الأم: أنا أمٌ خلقت لثياب الوجع !

صبر: والفرح؟

الأم: لا أتخيل شكلي بثياب الفرح، لا اتخيل رأسي دون هذي الشيلة

والعصّابة، لا اتخيل ان تخرج من فمي الهلاهل يمّه، لا اتخيل ان

اضحك ...

صبر: من أجلي، من اجل ابنك، حبيبك، روحك .. توقفي للحظة واحدة عن

أمومتك وادفعي الكرسي، لا اطلب المستحيل منك !

زوج الأم: (يشخر ماشيا ...) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...

صبر: اوقفيه عن الشخير يا أمي .

الأم: لا اسمع شخيرا !

صبر: رأسي يضج بأصواتهم .

الأم: يمّه صبر .. صلِ ركعتين واستغفر الله .

صبر: المشنقة .. هي الصلاة .

الأم: دعني اتوضأ من اجلك؟

صبر: احتاج الى راحة روحي .

الأم: بشنق إبني؟

صبر: ستجعلينني سعيدا هناك .. بعيدا عن حياة لا ارغب الاستمرار فيها ...

الأم: لن يحبك الله .

صبر: لا احتاج ان يحبني اي احد !

الأم: (تشهق) صبر يمّه .. ما الذي يجري في روحك؟ هذا من فعل

الوسواس الخناس بك .. انتظر، سيطرده الحرمل (تبحث عن

الحرمل)

صبر: اريد ان انتحر فقط !

الأم: (تجد الحرمل، تشعله) كيف لي ان امسح قلب الام الذي ينبض من

اجلك واقتلك؟

صبر: انك لا تحبينني .

الأم: (تصيح) يبوووووي .. سأشق هذا الثوب الى نصفين .

(يتصاعد دخان الحرمل)

صبر: الحب .. ان تدفعي كرسي انتحاري يا أجمل أم .

الأم: الشيطان قد ركب رأسك .

صبر: ارحميه .. فالشيطان لم يكن سوى شماعة ذنوب لنا .

الأم: قد ركبك الشيطان الرجيم؟ (تصيح) اخرج من هنا ايها الشيطان،

اخرج ...

صبر: ما عهدتك تطردين ضيفا .

الأم: سأجن هذه الليلة .

صبر: هو جنون يا أمي .. رأسي لا يستوعب هذي الاكاذيب، أبي عاش

حياته كلها يضحك على نفسه، صدقيني، ساخرا من احلامنا .. كان

يكذب !

الأم: أبوك رفعة الرأس وحزام الظهر وأخ لاخته ...

صبر: كان يكذب ...

الأم: أعدم من اجلنا، شنق من اجلكم، من من من من من من من من ...

زوج الأم: (يشخر بصوت عال جالسا ...) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخو...

صبر: اشعر ان كل كلمات العالم ليست سوى اكاذيب ...

الأم: أبوك قاتل كالابطال، لكنهم استطاعوا القبض عليه وأعدم بعدها ...

صبر: كان عليه ان يعيش من اجل بيته بدلا من هذه التفاهات التي قتلته !

الأم: كان مجاهدا ضد الظلم كما كان يقول لي ذلك ...

صبر: يكذب عليك ...

الأم: (تصفعه) ابن عاق .

صبر: لايهم .. فقط ادفعي الكرسي، وإلا سأشنق نفسي بنفسي .

الأم: ابوك ...

صبر: اوووووووه، ابي ابي ابي .. ابي كان هو العاق لطفولتي .. قضى

عمره يحتضن بندقيته ومات مشنوقا، ما علاقتي بكل هذه السخافات؟

الأم: (تصحح له) استشهد ...

صبر: ومن قال له ان يستشهد او يموت او يحترق؟

الأم: سُنةُ الرجال .

صبر: سُنةُ تجعلني واياك نعيش بين زنزانة وزنزانة، بين شتيمة وشتيمة،

بين اغتصاب واغتصاب، بين جوع وجوع، وبين حق عام وحق

عام اخر ...

الأم: حرام عليك .. سيعذبك الله ويرميك في النار .

صبر: نار اخرى؟

الأم: جهنم !

صبر: أخرى؟

الأم: يوم القيامة .

صبر: أخرى؟

الأم: يمّه .. صلِ ركعتين واستغفر الله، فروحك متعبة .

صبر: مللتُ من الصلاة، مللت من الدعاء، مللت من الركوع والسجود،

مللت من الاستغفار والحمد لله والشكر لله، مللت ...

تابع القسم الثاني من المسرحية

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1210 الثلاثاء 27/10/2009)

 

 

 

 

في نصوص اليوم