نصوص أدبية

قراءات / بشرى البستاني

في التطام العواصف زرقاءَ، حمراء َ،

أقرأكْ في ذوبان الشمع يحرق أناملي

وجدا ً يضئ روحي

في انبثاق عطر الأرض عطشى،

وهي تفرد جناحيها لأول مطر الخريفِ...

أقرأ أنوارك ...

في أنين الزوارق بدميِ

في ذعر الأنهار من حيتان العتمة

وأنين الشُرَف من عنجهية القذائفْ ...

في اصطدام قطارات الزمنْ،

في إغماءتي برعشةٍ مفاجئة،

أو رقصة بلا موعد ..أقرأ ساعديكْ

في المحطات اللهفى،

في الدموع العالقة على خصلاتِ ليل ٍأخرس ْ

والدموع المعرّشةِ على وجنات الفجرْ

في اشتعال بحرين شاسعين في عينيكَ... أقرأكْ

في حرير حروفكَ واشتعال أناملك بدمي

في الصباحات الجذلى .....

ببدرِ نيسان ِعمري،

بشذراتهِ الماسيّةِ المنثالةِ على القارات ِ....

أقرأك ْ...

وعلى السنابل المحمومة ِبالوجدِ أبصر وجهكْ

في الطرق الملتوية ِ،

في الدروب الشائكة المؤديةِ إلى ألق الحرية ِ

ألمحُ وقع أقدامك .

وفي الغابة الملتفة بغموض برقٍ يهفو

مستلقية ًعلى ذراع دجلةْ،

في تأوه أدغالها ووجع جذورها

وزيتونٍ يومض على ضفائر محنتها،

أسمع غربة روحك ْ

صمتاً موجَعاً بالكلامْ .

رمزاً ضبابيا يشاكسُ البوح ْ

و سماء ً غائمة ًترفض المطر ْ

في النرجس النائم على يمام صدري . ..أقرأكْ

في ظمأ قصائدي السجينة ببحر يضيق بأوزارها

في ولع صوتك إذ تخبئه المرافئ

لتعيد ترتيله لي في الليل طلاسمَ مَرةْ

وزوارق فرحٍ أخرى

في خيمة قلبك وهي تلمُّ لآلئ روحي

يتناثر حنوّكَ غيثا من عبير

صامتٌ شوقك كهمس حرير

صامتٌ همسك كمحنة حيرى

وكثيفةٌ حيرتك كركام وردْ

آه... يلوذ بحيرتك ساعداي فيرتبكُ الزمنُ

وتحتجب الأسرارُ أكثرْ

وتقول مختالا: لا خلاص من السجن إلا فيه

فتجيب اللاعجات:

كلُّ لوحات الحبِّ بلا لون وأنت بعيدْ ..

..................

 

أتشبثُ بمياه صدرك فيرتجفُ الوعدْ

نصمتُ وننضمُّ معا لشموس معارفه،

وأقول، لا تصمتْ

فتقول لا ضوضاء لأهل العقلْ

يوجعني القيدُ

وتنساب على وجنتك دمعتي،

كم كان مرهقا ذلك الطريقُ .. إلهي

وأقولُ: لا أحب العقل لضيقه

فتقول: لكنَّ القلبَ ضيّعنا ..

فأصمتُ مرددة .. ذلك هو السمو،

أن نضيع في فضاءات غيابه

فالحكمة جوهرة الجنون

والجنون حضورُ المغيَّب حتى مطلع الجروح .

وحبك جرحي .

...................

 

لغتك الصمتُ،

وصمتك يثملُ في الحق

وفي السكرة أتساءلُ ..

أهو الغربةُُ حبك أم الحقْ

الغواية أم الطريقُ والعين والمصباحْ

 

أم .. كلَّ يوم هو في شان .؟

وأقولُ هندسة الكون مفتوحة لنضيع

هندسة الكون ما وجدت إلا لضياع العارفين،

فقبلك كانت الألفُ أصلا للأبجدية

وبك صارت نقطة النون أصلا ..

علمتني أمي ألا أدخل في خصومة مع السلطانْ

أطعتها حتى وجدتكْ

حينها علمت أن مخاصمة السلاطين خمرةُ النعيم

فخاصمتك وعصيتها

ومن يومها، وأنا أتعلم القراءةَ من جديد

و الأرض صارت جناح طيرٍ أخضر

تلعب به ريحٌ فاتنة

كلما عاكستُها لفّتْ بنشوة خصري

وتثنتْ في رقصة بارعة

فأنسى دوارَ ليلة أمسْ

وأعاود الرقصَ من جديد .

طيرٍ يحمل في منقاره وردةً تنتظر وحياً

وحلماً بنبوة

وأنا في الانتظار أهيئ متكاً لرسولي

وأطرز له دِثار حنان

كي أتعلم فكَّ الأسرارِ

والسموَّ على الحجب

والكفرَ على الطريقة الإيمانية

**

 

هل الحبُّ فتنةٌ أم وهمُ افتتانْ ..؟

هل الحبُّ أمانٌ أم سطوة رعب ..؟

هل الشكُّ معرفةٌ أم ضياعُ معارف ..؟

ضيعتني القراءاتُ .. وأقرأكْ ..

في التماعات السؤال ينزف ولعاً

و أغصانا ً طافحةً بغضب مجروح ْ

- أعيريني كفكِ تعالي .

وأرسل لك كفي عبْرَ ريح خؤون ْ.

تجتازُ الوقائعَ ولاتصل ْ

فتذبل الحمى وينكفئ الحصادْ

في الليل ترسل لي ساعديك عبر صَبا المواسم ِ

والصَّباباتْ

نشيداً عراقيا،

ووشاحاً اخضرَ يستلقي فوق كتفيْ

مرهقا تخونه الصواريخ كل يوم

و مع قوافل الشام أبعثُ لكَ تحيةَ الصباحْ

و أسألُ عنك كل يوم قوافلَ الشامْ .

أيها القلب الحالم بأمنياتٍ لم تُزرع بألغام ْ.

و بأسرّة ٍلا تكسرها القذائف .

ولواعجَ مهددة بأصابع الحقيقة

أيها القلب الذي تحول لنهر من سعير

تجري فيه محنة العبير ولهفاتُ الوقائعْ

باحثاً عن همس كفيك وسط الزوبعة

خذ إليك ألواح الحكمةِ مطرزة بدم نجمة بعيدة،

يجرحها طفلٌ نسيَ موعد موتها،

فرفضت الموت

و اقرأ قلبيَ مدججا ًبالحرائقْ

و ذاكرتي البيضاءَ إلا من دويّ المفخخات ِ،

و أشواقك ْ.

و انتظرني

تحت شجر ِالوجد ِالمنفرط ِعلى وسائد البحر ِ،

و هي تشربُ في غيابكَ أنينَ صبري

تحت شجر الوجد المنفرط ِفي خلايا جسدي،

و هي تتضوّرُ بعطشٍ نسيَ خرائط الأنهارِ

وخانته الينابيعْ

و بدفء عبيري المحبط ِبغياب من يشتعلُ في أزرارهْ .

- مقتولةٌ في صحراء حبكَ أنا

وأنت خبزي وقارورة ُعسلي

وفي الليلة الداكنة خمري .

فمدّ لي ذراعيك خذني ..

......................

 

وتتلفّتُ فتجدُ الصدى منشورا على حبل غسيل ِالمنى.

و متشظيا ًوسط القذائف ْ...

...................

 

وجودك يحاصرني .

وجودك يحررني

وجودك يعوّدني .

وجودك يمرّن روحي كي تألفَ عصيان الزوابع

وغُصة المطر .

و نثارَ اللهب المنهمر ِمن حمى فرح أشتهيه

فتأخذه الرصاصة الولهى،

إذ يستبدل الضربةَ َتلو الضربةِ بعناقيد وردٍ مفتقد ْ.

- أحبيني .

تنزلق الحمى من أناملك ويسري الحريق ْ

و في الرقصةِ الأخيرة

ينفكّ تشنجُ ساعديك بأصابع حناني .

- أكلُّ هذا النعيم لي ..؟؟

يا إلهي كسّر الحدودَ كي تتسعَ الدوائرْ

وارفع السماءَ أكثرَ

كي أجد فضاءً يتسع لدوار روحي

واجعل الشوارع َ أجملَ كي أضيع في التفاصيلْ ...

يا إلهي كنْ مخلصَ الجرح من تماسيح المحنةْ

لأبنيَ مدرسة المحبة ْ،

و أعيدَ ترميم الهاويةِ، وأزرعَ الحدائق ْ.

................

 

في الليل ترتبك النجوم، تشتعل، تنطفئ

تصعد، تهبط ..

في الليل تقوم قيامة الحبّ

يرتبك الشوقُ ..

ولا أحبكْ.

يطلقها الوجدُ مبتلة ًبالحنين

بكل هذا الحب لا أحبكْ

تنبثقُ الأجنّة ُ في دمي

و يلعبُ الأطفالُ في شُرف قلبي

و ينهض شجرُ الرمان ْ.

و.. " يا ليت جسمي كلهُ حدقٌ

حتى أراك، وليته يكفي " *

تنهض الروح مجروحة بالحنين،

هكذا، بوضوح السماءِ،

بانهمار البراري ...

بوجع البحار المنتهَكة بأسماك ٍوحشيةْ .

في الصباح أضمك إلى صدري

أسرّح شعركَ بأنامل حبي

أصحبكَ إلى الجامعةْ

أوصيكَ أن تكون هادئا ومطيعا ً...

أُجلسكَ في المحاضرة قربي

لكن ْ ما إن يبدأ الدرس ْ،

حتى تقتحم َعلى الطلبة صمتهمْ

تخلع عنهم معاطفهم

وتحذ ّرَهم من السكوت.ْ

.....................

 

في الليل تتألق لؤلؤة ُ روحي ...

في الليل تُظلني أجنحة ُ ملائكة الرحمة ْ.

في الليل ترسم خرائط َعمري.

ملونة ًببلاغة أصابعكَ إذ تؤثث ُ جنة المأوى

في الليل تنبثق أسرارُك وأشجارك في دمي

أقرأك على شعاع نغم خافت ..

وأقول للطائف: اقتربي

لعلنا نحاصرُ المحنةَ، ونكسِّرُ عُراها ..

 

...............

البيت لشاعر صوفي قديم*

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2298 السبت 08 / 12 / 2012)

في نصوص اليوم