نصوص أدبية

صوت

كان ينتظر حلول صوتها في قلبه عبر سمعه وكأنّه ينتظر وصول محفل أو مهرجان. قال لها مرّة: "صوتك نافذة مشرعة على الحلم.. صوتك يحملني من بستان إلى بستان ومن روض إلى روض.. من صوتك أستنشق أنفاس الرّبيع ونسمات الصّيف.. صوتك يضمّخ روحي بعطور سحريّة ليس لها أسماء.. صوتك يشعرني بالارتواء والاكتفاء.."

ذات مكالمة وبعد أن اتّصل الخطّ بينهما وكانت على الطّرف الآخر التزم الصّمت وهو يسمعها تكرّر "ألو" ثلاث مرّات قبل أن تنطق اسمه بعد أن عرفت بحدسها الّذي لا يخطئ أنّه المتصل..

- قال : نعم..

 عندما سألته مستغربة مستوضحة: لماذا لا تقول شيئا ؟ !

- قال بصوت خافت خاشع : كنت أطلبك لأسمع صوتك فيطمئنّ قلبي.

أجابته بعبارة تحوّلت إلى نجمة تضيء سماء ليله.

كان يتّصل بها لحاجة في نفسه لا يملك لها دفعا ولا تأجيلا كما كانت تفعل لنفس الدّافع بعد أن اتّصلت بينهما جميع القنوات.. سألته ذات اتّصال:

- من أين تتحدّث؟

قال: أنظري عبر النافذة؟!

لمّا نظرت رأته على جادة الطّريق قبالة النّافذة ينظر إليها وهو في كامل أناقته ووجهه طافحٌ بالفرح والسّعادة وكأنّه عثر لتوّه على جوهرة نادرة أو كنز خرافيّ. دعته أن يشرب شيئا عندها في شقّتها.

 بعد أن استقبلته بصوتها الباذخ واستقرّ بهما المجلس.

قال لها وهو في كامل وعيه وتمام جدّه:

- جئت أطلب.. صوتك.. صوتك يناسبني ولا يمكنني أن أستغني عنه.. فهل تقبلين ؟..

بعد ذلك كان غالبا ما يدعو بهذا الدعاء: "الّلهم لا تحرمني نعيم صوتها واجعله فاتحة كلّ خير".

و كانت حسنة الدّنيا.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1219 الخميس 05/11/2009)

 

 

 

في نصوص اليوم