نصوص أدبية
سـيدة النساء
الحـبُّ نـهـرُ الـبـدءِ والـمـنـتهـى
أمِــثـلـُــهُ يُــنـقِــذنـا مــن هَــوانْ ؟
مــادُمـتِ في قـلـبي وفي مـقـلـتي
مـاحاجتي لـلـتـاج ِ والـصَّـولجانْ ؟
كــلَّ صــبــاح ٍ ولــنــا مَــولِـــدٌ
وكـلَّ لــيــل ٍ ولــنـا مِـهْــرجــانْ
ســـيّـدة َ الــنــســاء ِ بـيْ عِـلَّــة ٌ
عَـصِـيَّـة ٌ ولـيس مـن تُرجُـمـانْ:
حـيـن تـكونـيـن مـعـي لا أرى
إلآ بـفـانـوس ِ يَـديْ والـلـســـانْ
وكـانَ يا مـاكـان ـ قـال الهوى ـ
مُــشــرَّدٌ ضـجَّ بــهِ الـعـنـفـوانْ
أتـاك ِ مَـقـتـولا ً .. فـأحْـيَـيْـتِـه ِ
بـقـتـلـه ِ صَـبـابـة ً ... لا طِـعـانْ
بَـعَـثْـتِـه ِ حَــيّـا ً... فـراديـسُــهُ
ثـغـرٌ خضيبُ الوردِ ِوالـمُـقـلـتانْ
دانـيـة ُ الـقـطوفِ .. أنـعـامُـهـا:
تـيـنٌ ودفءٌ وشــذا الأقـحـوانْ
أذكـرُ يـومـا ً تـاه َ فـي غــفـلـة ٍ
مـني فمي قُـبـيـلَ صوتِ الأذانْ
أتـعَـبَـهُ الـلـثـمُ .. فـلــمّــا دجـا
لـيـلٌ وشـعّ نـاهــدٌ كالـجُـمـانْ
وجــدتُـهُ يـغـفـو كـعــصـفـورة ٍ
مُـتْـعَـبـة ٍ .. سـريـرُهُ الـناهـدانْ
ويْحَـكَ يـا ثـغـري ألا تسْـتحي ؟
فـقـالَ ليْ حـسَـبْـتُـهُ غصـنَ بانْ
صـلّـى .. وعادَ غـافـيا ً هانِـئـا ً
تُـلْحِـفُـهُ من شـعـرِهـا خُصلـتانْ
***
ســيّـدة َ الـنـسـاءِ : مـا حِـيـلـتـي
إنْ أمْسَـكَ السّـعـدُ وصامَ الأمانْ ؟
دال بـنـا الـدهـرُ .. فـأغـصـانُـنـا
عـن جـذرِها كـبُـعـدِ نجـم ٍ وثـانْ
أركـضُ كـالـنـاعـور ِ .. لكـنـني
أدورُ حـولي .. ويـدورُ المـكــانْ
فــلا أضـاءتْ زورقـي نـجـمـة ٌ
ولا تـراءى في المدى الشاطئانْ
عَصايَ لم تلـقـفْ سـوى أضـلعي
والـدربُ أفـعى والمدى طـوّفـانْ (1)
مـرّتْ مـواسِـمـي ومـا مـرَّ بـيْ
فـصـلُ ربـيـع ٍ لـتـقـومَ الـمـغـانْ
لم يـبـق َ في الـتـنّـور مـنْ خبـزه ِ
غــيـرُ رمـاد ٍ... وبـقـايــا دُخـانْ
سـيّـدة َ الـنـساء ِ مَـنْ مُـغـمِـضي
إنْ زارَنـي الرّسـولُ قـبـلَ الأوانْ ؟
ومَـنْ يرشُّ الـجـسَـدَ الـمُـسْـتـبـى
بالطـيـب ِوالكافـورِ والزُّعْـفُـرانْ ؟
حـنـجـرتي يـابـسـة ٌ .. لا صـدى ً
ومِـعـزفـي مُـهَــشَّــمٌ .. لا أغــانْ
سـيّـدة َ الـنـسـاء ِ: مـا لـلـمـكـانْ
منذ اغـتـرَبْـنـا يشتكي من هَـوانْ ؟
ســيّـدةَ الــنـســـاءِ هـل مِــثـلُـــهُ
بُـسـتـانُـنـا لولا لصوصُ الجـنانْ ؟
الــشــاربـون دمـعَــنـا خــمــرة ً
والنـاسـجـون جـلـدَنـا طيْـلـسـانْ (2)
ألـيْـسَـتِ الـنـخـلـة ُ فـي بـيـتِـنـا
عَـمَّـتَــنـا ؟ وأمَّـنـا الــرافِـــدانْ ؟ (3)
من قصَبِ الأهوار( نوحُ) ابتنى
ســفـيـنـهُ .. واقـتَـحَـمَ الطـوّفـانْ
ومن ثرى (كـوفـتِـنـا) أشـرقتْ
شـمـسٌ ولا كـنـورها الفرقـدانْ (4)
وفي جـريـدِ سَـعْـف ِ بُـسـتـانـهِ
خط َّ لنا سِـفرَيْهِمـا ( الأحمدانْ ) (5)
ســيّـدة َ الــنـســاءِ لا تـعـجـبـي
إنْ بـتُّ مـذبـوحَ المنى والأغانْ
هـرعـتُ لـلـقـيـثـار ِ .. لكـنـنـي
أمـسَـيْـتُ لا حـنجرة ٌ.. لا يَـدانْ
...................
(1) تضمين غير مباشر لقوله تعالى: (قال ألقها يا موسى* فألقاها فاذا هي حيّة تسعى)
(2) الطيلسان: كساء من الحرير يلبسه الخواص ورجال الدين والكلمة معرّبة عن الفارسية .
(3) إشارة إلى قول النبي " ص ": (أكرموا عمتكم النخلة )
(4) المراد به المتنبي .
(5) الأحمدان : هما أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، أبو الطيب الجعفي الكوفي المتنبي ، المولود في الكوفة سنة 303 هـ و أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري المولود في معرة النعمان شمال سورية سنة 363 وقد أقام في بغداد زمنا .
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1254 السبت 12/12/2009)