نصوص أدبية

حزين

alwan husanسأنظف ُ الغبارَ عن الأيام الخوالي التي

قضيتها واقفا ً أمام َ بوابة ِ الأمل..

 


 

حزين / علوان حسين

 

على الصخرة ِالصلدة ِ أجلس ُ

صخرة الحزن ِ الصماء

مثل ينبوع ٍ يفارق ُ المياه

مثل دمع ٍ يفور

وحكاية ٍ تغفو على الفم ِ.

نافذة تسهر ُ وكتاب ٌ مفتوح ٌ

والحب ُ لا ينام ُ في القلب ِ

ويطل ُ عصفور ٌ برأسه ِ

من الغابة ِ المتنكرة على هيئة ِ نافذة ٍ سوداء

وليل ٌ يتكئ على حائط.

العتمة ُ وحدها ساطعة ٌ بين الأزهار ِ

وفوضى الكتب ِ.

سماء ٌ تأفل ُ من شرفة ٍ

لا نجمة ٌ تعكر ُ الصفاء َ

ولا خمر ٌ يُسكر ُ الغيمة َ المرتجفة َ فوق َ رأسي

وحده ُ صوت ُ السيدة أم كلثوم يدلني علي َّ.

في الوهدة ِ التي تأسر ُ القلب َ

والأغنية تفترس ُ الحواس َ

الليل ُ يسرح ُ في غرفتي كالأفعى

والرغبات ُ يرقصن َ في هياج

والصرخة ُ تخبو في جنح الظلام ِ

وحدي والصبر ُ يُعيرني أكمامه ُ

كي أبدو وديعا ً طيبا ً كالشموع على المائدة.

ماذا أفعل ُ أنا الكسول ُ بإبتسامتي البلهاء

بالفراشات ِ تطير ُ في حدائق الأحلام ِ

بالأحلام ِ صفراء َ كالبراعم تموت ُ تحت الضوء

بالشراع ِ أرفعه ُ على اليابسة

بالمعاني أبحث ُ لها عمّا يلائمها من كلام ٍ؟

ماذا أفعل بالخرائب المسكونة ِ بالأشباح ِ

بالقرى المأهولة ِ بالموتى والبيوت التي هرب َ

منها ساكنوها

خشية َ موت ٍ وشيك؟

ماذا أفعل بحدائق فارغة ٍ ومصاطب َ بلا

عشاق؟

كيف أكسو الكلمات معنى وهي تتحدث عن أطفال ٍ معروضين

أمام شاشات التلفاز كمادة ٍ مشوقة ٍ في الأخبار؟

عن علاقة الطقس السيّىء بضحايا منكوبين

وناجين هاربين من بلاهة موت ٍ صفيق؟

أتساءل عن الحقول محروقة ٌ والزهور

متفحمة ٌ كالجثث

المجهولة الهوية؟

عن العذراء هل لازال لعذريتها معنى

وقد إفتض َ مسلحون ثملون بخمر الجنة ِ

شفافية روحها وتوغلوا حتى أعماقها المظلمة؟

ماذا أفعل بأنفاسي تعلو وتهبط ُ

والصرخة ُ ترتعش ُ في جسد ِ رجل ٍ مهزوم ٍ؟

ليس لدي َّ سوى كلمات ٍ لا تصلح ُ أن تكون َ

مساكن َ تأوي نازحين

يلوذون بالخرائب تحت سماء ٍ عارية ٍ

وصحف تثرثر ُ كثيرا ً وهي تنقب ُ في

النفايات ِ عن أحلام ٍ فاسدة ٍ

وصور ٍ لأمهات ٍ يرضعن َ صغارهن َ الماء َ

بدلا ً من الحليب.

أقطف ُ نجمة ً من عيون الصغار الطافحة ِ

بالأسرار.

حزين ٌ لأني مرهق ٌ بأعبائي اليومية ِ

بالأشياء الصغيرة ِ وكيف َ أُرمم ُ قلبي بعيدا ً

عن الرتابة ِ

والعيش ِ في حياة ٍ فاترة ٍ والموت ُ ينقض ُّ في

كل دقيقة ٍ

على شكل رجل ٍ مهجور ٍ تركته ُ أحلامه ُ ليتجرع َ حياته ٌ

سعيدا ً بأحزانه ِ ومنتحرا ً على دفعات ٍ في لعبة ٍ تصلح ُ لقصة ٍ فكاهية ٍ عن مكائد

مبتكرة لحياة ٍ مغمضة العينين تستحق ُ أن

توضع َ في متحف ٍ للأنواع الموشكة على

الإنقراض.

سأنظف ُ الغبار َ عن الأيام الخوالي التي

قضيتها واقفا ً أمام َ بوابة ِ الأمل..

أحرس ُ حيرتي من دهشتها

ألتقط ُ صورا ً فوتوغرافية لعيني َ، لفمي، لأفكاري،

لحيواتي المعرضة للكوارث.

كعادتي أجلس ُ في غرفة الإنتظار والأحلام ُ تتكدس ُ فوق َ

بعضها أمامي كبضائع ٍ

معروضة ٍ للبيع أو متروكة للنسيان.

 

شاعر عراقي متروك للنسيان

 

في نصوص اليوم