نصوص أدبية

الارنب الذي هزمته السلحفاة

moslim alsardah بعد هزيمته المعروفة للجميع لم يخجل الارنب المغرور امام خسارته المنكرة تجاه السلحفاة. بل انه حتى لم يكلف نفسه الاعتذار للحيوانات التي وضعت ثقتها فيه. وراهنت على فوزه. نعم لم يخجل ولم يعتذر بل راح يتبجح كعادته امام السلحفاة المنتصرة. ويصر على انه هو المنتصر الاول رغم كل شيء. قال له القرد الاخضر:

- انت لم تفز. بل ان الفائز هي السلحفاة. ولقد كنت اراقب المشهد عن كثب، جيدا من فوق الاشجار. وكان الفارق بينكما اكثر من مسافة عشرة امتار.

قال الارنب المتبجح:

- انها مؤامرة اقترفتوها انتم معاشر القرود ضدي. لانكم تكرهوننا نحن معاشر الارانب لاننا اسرع منكم في الركض ، واكثر منكم جمالا ورشاقة. فضحك القرد الاحمر في سره وهو يتذكر الارنب وهو يكاد يقتل نفسه من شدة الركض في الدقائق الاخيرة من السباق. ولكن دون جدوى.

قال الارنب يحدث نفسه:

- ان فضيلتي الوحيدة بين الحيوانات هي سرعتي. ولقد فقدت سمعتي. فانا والحق يقال صغير الحجم من الحيوانات النباتية. وانا لااقوى على منازلة احد من الحيوانات اكلة اللحوم الا بالهرب منها والاختباء في جحري. ثم اضاف يحدث نفسه قائلا:

- انا منذ هزيمتي المنكرة امام السلحفاة المثابرة اصبحت حديث الحيوانات في جميع انحاء الغابة. حتى انني اسمع بملئ اذني اللتين سياكلهما الدود كيف ان الاسد يطلق علي لقبا كريها " المتسابق النكرة اكل الجزرة ". وسمعت من اخرين غيره من يصفني بدناءة النفس. ذلك اني ونتيجة لمروري بمزرعة للجزر وعثوري بالصدفة على جزرة صفراء شهية سال من اجلها لعابي خسرت السباق وخسرت معه سمعتي. اذ بقيت اكل واكل حتى اعياني التعب فنمت. وعندها كانت السلحفاة قد قطعت معظم مسافة السباق.

اراد الارنب المهزوم ان يبعد نفسه ويختفي عن ارض الارانب. ففكر في الانتحار او الهجرة. لكنه ولسبب مجهول عدل عن هذه الفكرة. كان ماخوذا باحلام اليقظة في انه سينتصر في السباقات اللاحقة. بل ان المقربين له كانوا يقولون ان الارنب المهزوم كان يعتقد انه لم يهزم. وانه بقي ولايزال منتصرا.

اما معاشر الارانب ولان الحكاية تخصهم، ذلك لانها تحولت وصمة عار على جبين كل ارنب. لانها ستتحول لاحقا الى واحد من الامثال التي ستضرب في غباء الارانب ودناءة انفسهم امام منظر الجزرة. فقد لاموا انفسهم بقبول السباق الغير متكافيء بين السلحفاة البطيئة جدا والارنب المشهور بسرعته. ولذلك فقد حفروا ممرا سريا يصل بين نقطة الانطلاق والهدف النهائي بخط مستقيم. كان الممر الذي حفروه يدخل ويخرج في النقاط الكثيفة الزرع عبر مزارع الجزر. لانهم بذلك يضربون عصفورين بحجر واحد. وهما الجزر الشهي والفوز في السباق. مستندين على فكرة الكذب الابيض وذلك خوف ان يكشف خداعهم اصحاب الفضول ومالكي الكامرات.

الطريف ان الارانب ذات الرغبات المشبوهة رغم انها استوعبت الدرس جيدا. وفازت في كل السباقات اللاحقة. و صارت تنتقي متسابقيها من الارانب المدربة، بطرقها الميكافيلية. ولكن رغم ذلك بقيت دائما تسمع المثل، وصمة العار، حول هزيمتها امام السلاحف. لا ان يحدد ارنب معين وسلحفاة واحدة.

 

مسلم يعقوب السرداح

 

في نصوص اليوم