نصوص أدبية

أربع قصص على لسان الحيوان

samey alamriمَرَّ فيلٌ ضخمٌ من جنبِ أسدٍ جائعٍ

نظرَ الأسدُ إليه فتأوَّهَ وراح يردِّد: آه لو بالإمكان إرجاعُ عقرب الساعة إلى الوراء

فسألهُ الفيل: ولماذا؟ ألديكَ عزيزٌ فقدتَهُ؟

أجاب الأسد: نعم، عزيزٌ جداً فأنا في الماضي لم أكنْ إلاّ قِطَّاً

وأنت بطباعك ولونِ جلدك توحي لي بأنك لم تكن غير فأر

هنا أحسَّ الفيلُ بالحزن فمدَّ خرطومَه وراح يربِّتُ به على كتف الأسد مُعزِّياً!

 

ـ 2 ـ

قال الدولفين لسمك القِرْش:

كُفَّ عن الإفتراس وتعالَ معي وتعلَّمْ محبة البشَر

قال القِرش: لا جدوى فأنتَ لم تتعلَّم المحبة ولكنكَ جُبِلْتَ عليها

فقال الدولفين: ولكنك تشبهني كثيراً في الخَلْق

ردَّ القِرش: والبشر يتشابهون كثيراً في الخَلْق، فالكارثة ليستْ فيَّ أنا ولكنْ في أن لا تكونَ مخلِصاً لِما جُبِلْتَ عليه!

 

ـ 3 ـ

سأل فرسُ النهر صديقَه التمساحَ: لماذا تدمع عيونك على الدوام وهل صحيحٌ ما يقال عنك بأنك تُظهر عكسَ ما تُخفي؟

فأجاب التمساح: وأنت أيضاً بدأتَ تصدِّقُ ترهات البشر؟

أنظرْ إلى ذلك الطائر وهو لقلق جميل فهو الآخر لم يسلم من ألسنة البشر فهو رغم رشاقته ووقوفه الأنيق على الشواطىء وانطلاقته المبهجة في الجو أطلقوا عليه لقب مالك الحزين حتى التصقَ به هذا اللقب منقاراً ثانياً أو جناحاً ثالثاً!

فقال فرس النهر

هكذا الأمر إذن؟ عذراً صديقي، وأعدك بأن لا أقترب من البشر مرة أخرى فهم ربما بسبب غيرتهم من ضخامة جسمي سيطلقون عليّ فرس النبي!؟

 

ـ 4 ـ

قطعتْ عليه تأملاته بجعةٌ خضراء،

قال لها وهو يخفي فرحاً بها: حدِّثي شجرةً أو عشبةً فهي أقرب إلى جنسك

قالت: أنا أقرأ الممحوّ، فقلبك أخضر

قال: إدخلي لتتأكدي

وفعلاً دخلتْ بطريقة ما فهي تناثرتْ وتغلغلتْ عبر مساماته ثم خرجتْ قائلة: إنه أخضر ولكنه مائل إلى الصُفرة قليلاً ويحتاج إلى جرعات ماء

قال لها: أما كان لك أن تسقيهُ وأنت ملكة المياه؟

أجابتْ: لا فهو يحتاج إلى ماء كثير فكيف لي أن أسقيَ غاباتٍ؟

قال: شكراً على الملاطفة

ثم اقترحتْ عليه السباحة معها

من فرط فرحه وعدم تصديقه قفزَ في البحيرة بكامل ملابسه وعامَ بعيداً

فإذا بالبجعة تترك صحبته فتطير لتحطَّ على مصطبته وراحت تقهقهُ بصوتٍ كأعذب ما يكون ثم صاحت به

هكذا أنتم الشعراء

عقولكم بحجم البحيرات

أمّا قلوبكم فهي بحجم كتاكيتنا!

 

...................

من مجموعة قصصية قادمة على لسان الحيوان

 

سامي العامري

هامبورغ

 

في نصوص اليوم