نصوص أدبية

إســراء

yahia alsamawiعِــقـدانِ والــبـلـوى رديــفــتُــهُ

طحَنـتْ حـشـاشـتـهُ وما ضَجِـرا

 


 

إســراء / يحيى السماوي

 

أضـنـاهُ لــيــلُ صــبـابـةٍ فــسَــرى

لـم يــنـتـظـرْ شــمـســاً ولا قــمـرا

 

ألــقـى الى الإعــصـارِ أشــرعــةً

مُــسْــتَـنـفَــراً لــم يــتـَّـخِــذ حَـذرا

 

نــصـحـوهُ أنْ يُــلــقـي الى قَــدَرٍ

أمـراً فــقـال ســأقــحَــمُ الــقَــدَرا

 

فـاسْـــتـخْــبــلــوهُ فــقـائِـلٌ نَــزِقٌ

لا يـرعــوي فاســتعـذبَ الـعَـثَـرا

 

قـد كان يعـرفُ مَـسْـلـكـاً رَفِـهــاً

فـاخـتـارَ دربـاً مُـوحِـشـاً خَـطِـرا

 

فـإذا غـفـا صُــبـحـاً عـلى دِعَــةٍ

فَـزَّ الضُّحى يـسـتعجِـلُ الـسَّـفـرا

 

مــاكــان ذا مــالٍ .. ولا فَــرَسٍ

يومـاً وليس الـمُـسْـرفَ الـبَـطِـرا

 

لـكـنـهُ في الـعِـشـقِ ذو سَـــرَفٍ

يُعطي ويُـرخِصُ دونهُ الـبَـصَـرا

 

هـو بـيـنَ بـيـنَ فـنِـصْـفـهُ شَــبَـحٌ

جِـنٌّ ونـصـفٌ يُــشــبـهُ الـبَــشــرا

 

خَبَـرَ العواصِفَ والـسـيـولَ فـتـىً

غضَّ الهوى واسْـتـنـبَـتَ الحجـرا

 

إنْ حاصَـرَتـهُ الــنـارُ صاحَ بـهــا

زيدي اللظى والعـصفَ والشَّـررا

 

والـيـومَ شـاخَ الـماءُ واكـتـهَــلـتْ

كـاســاتُـهُ .. والـمِـعـزفُ انـتـحـرا

 

أوَلــيـسَ مـجــنـونـاً يــمــدُّ يــداً

لـلـنـجـمِ مَـنْ في كـهْــفِـهِ قُــبـِرا؟

 

ألفى الأسى في العـشقِ مُــبـتــدأً

فـاخـتـارَ أنْ يـغـدو لــه الـخَـبَـرا

 

عِــقـدانِ والــبـلـوى رديــفــتُــهُ

طحَنـتْ حـشـاشـتـهُ وما ضَجِـرا

 

بـيـن الـضلـوع تـقـومُ نـخـلــتُـهُ

أنّـى مـضـى وأقـامَ أو حَــضـرا

 

مـاهـزّهـا يـومـاً ولا عــرفــتْ

قـلــبــاً لـهُــدهُــدِ وجهـهـا نُـذِرا

 

دهــرٌ عــلى شـــوقٍ يـُـكـابــدُهُ

سِــرّاً فــمـا أفـضـى ولا ذكَــرا

 

سَــئِـمَ الـسـنيـن تـمـرُّ مـوحِـشـةً

لـو تُـخْـزلُ الأعمارُ لاخـتـصَـرا

 

سـلــواهُ جـرحٌ راح يـنـبــشـــهُ

لِــيُـطيـلَ في أوجاعِـهِ الـسَّـهَــرا

 

ولــربّــمـا يــغــفــو عـلى أمَــلٍ

أنْ يـلـتـقـيـهـا في سـريـر كـرى

 

حسناءُ لا أحـلـى إذا ضـحِـكـتْ

سَكَرَ المدى وأخو الـتـقى سَـكـرا

 

عـشِـقــتْ ربـابـتـهُ فـحـيـثُ شـدا

رقصتْ وفاضَ حُـبـورُها غُـدُرا

 

تـلـهــو وتـجـهــلُ أنّ مُـنـشِـدَهـا

نـذرَ الــفــؤادَ لـهـا ومــا جَـهَـرا

 

عَـشِـقـتْ ربابـتـه ومـا عَـلِـمـتْ

أنْ حــبّـهــا مَـنْ حَـرَّكَ الـوَتَــرا

 

كـم حَـجَّ فـي صـحـوٍ وفي حُـلُـمٍ

وتـلا رســائِـلَ سـعــفِـهـا سُــوَرا

 

يـشـكـو ولـكـنْ فـي ســريـرتِـهِ

دامي المُـنى يـسْـتـنـطِق الصُّوَرا

 

ولـربّـما صـلّـى الـعـشـاءَ عـلى

وِتْـرٍ وصامَ وفي الضُّحى فَـطَرا

 

صَـبٌّ أغـاظَ الـصّـبـرَ تـحـسَـبُـهُ

فــرطَ الــتـجـلّــدِ جـامِـداً حَـجَـرا

 

قـد غـادَرَ الـنـهـريـن وهـو فـتـىً

صـافـي الـمـرايا كالـنـدى خَـفِــرا

 

حَـمَـلَـتْـهُ قـسْــراً عـن شــواطِـئِـهِ

زُمَــرٌ تـرى فـي الظـلـمِ مجدَ ذُرا

 

ضـاق الـعــراقُ وكـان ذا سَــعــةٍ

ودجـى وكان الـمُـشمِـسَ الـنـضِــرا

 

أزرى بـهِ الأوغـادُ فـاحــتــبـسـوا

عـن حـقـلـهِ الـيـنـبـوعَ والـمـطـرا

 

عـرضـوا عليـهِ ظِـبـاءَ واحـتِـهـمْ

والـجــاهَ والأنــعــامَ فــاعــتــذرا

 

فـأبـى سـوى أنــثـاهُ يـسـكــنـهــا

وطـنـاً مـن الأحـلامِ لـيـسَ يُـرى

 

ويحي عـليَّ كـتـمـتُ حشـرجـتي

أحسـو مُضـاغَ الجمـر مُصطـبـرا

 

في نصوص اليوم