نصوص أدبية

هكذا حدثني قابيل

MM80هذه الكلمات صرخة في وجه الشعار القائل بأن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان فكانت نتيجة هذا الكلام وكما جاء في التوراة يد كل واحد منا على أخيه – وهذا هو حال عالمنا بيومنا المعاش - بدلا من أن تكون ممدودة إلى أخيه وهذا الفكر المعاق والذي خلق فينا الكبر والتكبر والنرجسية القاتلة يجب أن نطهر قلوبنا وعقولنا منه وهذا لكي نؤسس مدينة ابن الإنسان والتي تتسع لكل بني الإنسان.

 


 

هكذا حدثني قابيل / سمير خلف الله بن امهيدي

 

أتراني ذئب وكل الناس حمل وشاةْ

أتراني ضبع وكل الناس ريم أو مهاةْ

أتراني صقر وكل الناس فرخ بغاثْ

أتراني أنا وحدي ينبوع الحنانْ

وكل الناس في الناس ظفر ونابْ

أتراني أنا وحدي طيبة وفارانْ

وكل الناس في الناس أخدود نجرانْ

أتراني أنا وحدي قـُـلة العطر الفواحْ

وكل الورى خَــبَـثُ لئامْ

أتراني أنا وحدي الغزالْ

وكل الورى قرود وجرذانْ

أتراني أنا وحدي الإلهْ

وكل الناس بعوض لا يستحق الحياةْ

أتراني قيصر واهب الموت والدوامْ

وكل الناس رق ومِـلـْك لي كما قطيع النعاجْ

أتراني دوحة الأنوار والثرياتْ

وكل الورى ديجور بان ولاحْ

أتراني من عروق لؤلؤ وماسْ

وغيري أنا التراب همو والرمادْ

أترى كل الورى الجور والطغيانْ

إلا أنا القسطاس والميزانْ

أتراني يحي المعمدانْ

وكل الورى زناة أو لصوص أو بغاةْ

***

أتراني أنا وحدي قديس عفيفْ

وغيري أنا فاسق زنيمْ

أتراني أنا طه الأمينْ

وكل الورى يهوذا اللعينْ

أتراني من معدن الأخيار ومن تبر ثمينْ

وكل الورى فخار وطينْ

أتراني بلسم وترياق لكل داء سقيمْ

وكل الورى إرب من الجحيمْ

أتراني سنبلة القمح والشعيرْ

وكل الناس في الناس أفيون أو حشيشْ

***

أتراني الماس والذهْــب الثمينْ

وكل الورى صدأ وأعراف الحديدْ

أتراني الطاووس فيه حسن وتيهْ

وكل الورى بوم له نعيق ووجه قبيحْ

أتراني زلال النبع والغديرْ

وغيري أنا لجة القيح، لجة الصديدْ

أتراني نسل للأميرة والأميرْ

وكل الورى رعاع تباع وتـُـشْرى كما العبيدْ

أتراني دوحة المسك والعبيرْ

وغيري المزابل والنفاية والرحم العقيمْ

أتراني صفوة القوم من نسل لقمان الحكيمْ

وغيري أنا البغال وقافلة الحميرْ

***

أترى قدري هو أن أكون الوزير ْ

وغيري أنا ماسح أحذية حقيرْ

أترى قدري أن أسكن القصر الفسيحْ

وغيري بيته كهف وكوخ لعينْ

أترى قدري أن أملك البر والبحر والفضاء الرحيبْ

أترى قدري هو أن أعانق عيشا رغيدْ

وغيري أنا يخنقه جحر لمنكر ونكيرْ

أترى قدري أن أنكح كل بكر متى أريدْ

وغيري له الفضالة إن وجد السريرْ

أترى قدري أن آكل فاكهة الشتاء والربيعْ

وغيري يرتاد مزابلا كما لو كان كلبا شريدْ

أترى قدري أن أرتدي أثواب الحريرْ

وغيري له الأسمال ممزقة كما شفاه البعيرْ

***

تراني تـَجَـسؔـُـدَ الحسن فما لي من مثيلْ

وغيري هم القبح بيننا يسيرْ

تراني منبع النثر والشعر والقول الفصيحْ

وغيري متى قال قافية ً

فرفس الثور لا حسن فيها أو بديعْ

تراني متى سرت بين الورى

يسير معي ريح الصبا والنسيمْ

وغيري متى سار تصحبه الزوابع والهجيرْ

ترى متى أقول فقولي الفصلُ

يعلو كما الزيت وما له من بديلْ

وقول غيري أضغاث أحلامْ

وإن أتاها أحيقار الحكيمْ

ألا قولوا هو الجود والكرم بيننا مقيمْ

وإن غير هذا ففيكم عوار وجانبتم السبيلْ

وان غير هذا فلؤم منكم ونكران للجميل ْ

****

أتراني بقولي هذا ملاك كريم أم شيطان رجيمْ

أم بين ذاك وذاك في الدرب أسيرْ

أتراني بينكم قابيل وهابيلْ

ومن منا يحمل السيف ومن منا الضحية والقتيلْ

 

الجزائر 26 / 04 / 2015

 

في نصوص اليوم