نصوص أدبية

أنا وَالجِّسْرُ العَتيق وَشَطُّ الحِلَّةِ

theyab shahenاليوم وَقَد احْدَوْدَبَ ظَهْرَهُ

رَأَيْتُهُ يَحْتَضِنَ الشّطَ بِحَنانٍ

 


 

أنا وَالجِّسْرُ العَتيق وَشَطُّ الحِلَّةِ / ذياب شاهين

 

1

حِينَ عَبَرْتُ

عَلى الجِسْرِ العَتيقِ

أدارَ رَأْسَهُ غَضَباً

شَطَّ الحِلًّةِ

وَلَمًا سألْتُه ُ عَنْ ذلِكَ

قالَ لي:-

أعْبُرْني سِباحَةً يا وَلَدي

كَيْ يَمْتَزِجَ جَسَدانا

فَكِلانا ماءٌ وَعَلَقْ

***

 

4

رَكِبْتُ البَلَمَ

لأَعْبُرَ الشّطَّ السّاحِرَ

مَدَدْتُ يَدي لِتَعْبَثَ

بِنُهودِ المَوجِ

ضَحِك الشَّطُ بِخُبْثٍ

وكَيْ يَغيظَ الجِّسْرَ

طَوى راحَتَه اليُمْنى

وَأَخَذَ يَديرُها

عَلى باطِنِ راحَتِه اليُسْرى

امْتَعَضَ الجِّسْرُ

حَدَجَني بِنَظْرَةٍ مُعاتِبَةٍ

فَأَطْرَقْتُ خَجَلاً

***

 

2

في مُنْتَصَفِهِ

أَوْقَفَني الجِسْرُ

وَسَأَلَني أَسْئِلَةً كَثيرةً

وحينَ رَجَوْتَهُ أنْ

يَتْرُكَني

ضَحِكَ وّهْوَ يُشيرُ

إلى الشَّطٍّ قائِلاً:-

دَعْني أُغيظُ

هذا الدِكْتاتور

الّذي أَوْقَفَني هُنا

مُنْذُ مِئةِ عام

***

 

5

عِنْدَ طُفولتي

مَرَّةَ كادَتْ الشَّمْسُ

تسْقُطُ عَلى شّطِّ الحِلّة

وَتُحْرِقُهُ

فَدَفَعَها الجٍّسْرُ بَعيداً

بِيَدَيْهِ وَأعادَها للسَّماء

اليوم وَقَد احْدَوْدَبَ ظَهْرَهُ

رَأَيْتُهُ يَحْتَضِنَ الشّطَ بِحَنانٍ

لِيوقِفَهُ عَلى قَدَمَيْهِ

لكِنَّهُ يَفْلِتُ مِنْهُ بِقوَّةٍ

لِيَنامَ عَلى ظَهْرِهِ

وَحِينَ ابْتَسَمْتُ مُسْتَغْرِباً

قالَ لي وَهْوَ يَنْضَحُ عَرَقاً:

لِمَ الاسْتِغْرابُ؟

لا أَحَدَ يَتْرِكُ

وَلَدَهُ نائِما خارِجَ البَيْتِ

***

 

6

القَمَرُ كانَ مُلَطَّخاً

بِالغُيوم

حينَ حَلَمَ الشَّطُّ

أَنَّ الجِّسْرَ العَتيقَ

قَدْ اسْتَقَلَّ القِطارَ

وَرَحَلَ بَعيداً عَنْهُ

فَفّزَّ مَذْعوراً

وَحينَ فَتَحَ عَيْنَيهِ

عانَقَهُ الجِّسْرُ بِحَنانٍ قائلاً:-

لا تَخَفْ يا صَديقي

لَنْ أرُحَلَ وأَتْرُكُكَ

وَحيداً أَبَداً

***

 

3

سَألْتُ الشَّطَّ

ما لِي أَراكَ وَقَدْ احْمَّرَّ كَتِفَاكَ

قالَ مُشيراً لِلجِّسْرِ:

مِنْ فِعْلِ هذا

المُراهِقِ العَجوزِ

- لِماذا:-

لِأَنَّ هذا الخَرِفَ

كُلَّما تَعْبُرُ عَلَيْهِ

صَبِيَّةٌ جَميلَةٌ يَتَأَوَّهُ

راكِلاً أَكْتافي بِقَدَمَيْهِ

المُتَهالِكَتَيْنِ

***

 

7

سَألْتُ الشَّطَّ:-

وَجَدْتُ صاحِبَكَ الجِّسْرَ العَتيق

يَرْقِصُ مَعَ الأَقْزامَ وَالسَّحَرَة

وَالعَرّافاتِ وَكَأنَّ والِدَتَهُ قّدْ تَزَوَّجَتْ

ويَقولُ إنَّكما

سَتُهاجِران معا

- نَعَمْ فَقَدْ مَلَلْنا هُنا

مِنَ البُكاءِ وَالنَّحيبِ وكأننا

في حُزْنٍ أَبَديٍّ

ثُمَّ سَكَتَ.... وَأكْمَلَ

تَصَوَّر يا صّديقي

أَسْقيهُمْ ماءً فُراتاً

وَيَنْثِرونَ عَلَيَّ المَزابِلَ

وَمياهَ المَجاري

- وَإلى أَيِّ مَكانٍ سَتُهاجِران

- إلى هولَنْدا إنْشاءَ الله

- وَلِماذا هولَنْدا؟

- أَقْنَعَني الجِّسْرُ أَنَّنا سَنَحْصَلُ عَلى

جِنْسيَّةٍّ ثانِيَة

ثُمَّ أضافَ غامِزاً

يُقال إنَّ الفَتياتِ هنالكَ شَقْراوات

ويَسْبَحْنَ عارياتٍ فِي الأَنْهُرِ وَالبُحَيْراتِ

الحلة            

16/04/2015

 

في نصوص اليوم