نصوص أدبية
بقايا الرُّؤى
فَكَّ المَتَاهَةَ واسْتَحَمَّ بِحُلْمِهِ
فَتَعَلَّقَتْ فِيهِ الجُرُوحْ
بقايا الرُّؤى / مالك الواسطي
عِطرُ الأَزِقَّةِ
طَرَقَتْ عَليَّ البَابَ، لا تَدْرِي
أَكَانَ اللَّيْلُ يَسْبِقُهَا أَمِ الأُفُقُ الظَّلِيلْ
فَالرِّيْحُ تَصْرَخُ في الأَزِقَّةِ
وَالبُيُوتُ تَنُوحُ في كَرَبٍ وَوَيلْ
وَالمَوْتُ في جُنُبَاتِ بَيْتِي خَيْمَةٌ
سَفَرٌ يَطُوفُ بِنَا عِرَاقْ
وَالرِّيْحُ تَصْرَخُ بي عِرَاقْ
وَعَلى النَّوَافِذِ،
لَمْ يَزَلْ عِطْرُ الأَزِقَّةِ عَالِقًا فِيهِ الفُرَاقْ
طَرَقَتْ عَليَّ البَابَ، مَا بَرِحَتْ تَقُولُ لَها الظُّنُونْ
الحُزْنُ يَسْبِقُنِي أَمِ الوَطَنُ الخؤُونْ.
يا حُبُّ
حَطَّ المَسَاءُ مَتَاعِبَ اليَوْمِ الطَّويلْ
في رَاحَتِيَّ تَروُّحًا،
فإِفتَضَّ في قَلْبِي الكَدَرْ
واِنْتَابَنِي حُزْنُ المَقَاهِي واِكْتِئَابَاتُ السَّفَرْ
وَتَجَمَّعَتْ آهَاتُ ذَاكَ العَصْرِ في أُفُقٍ نَحِيلْ
وَعَلى المَقَاعِدِ في الأَزِقَّةِ لَمْ تَزَلْ
أَحَلامُنَا طِفْلَينِ يَحْتَطِبَانِ في وَجَعٍ بَلِيلْ
وَالصُّبْحُ يَغْفُو لَمْ يَزَلْ مِثْلي على دَرْبٍ طَويلْ
يَا حُبُّ، لا
لولاكَ لَمْ أَهْبِطْ إلى بِئْرٍ يَتِيهُ بهِ الدَّلِيلْ
يا دَارُ
يَا دَارُ خفَّ أليكَ عِطْرُ اليَاسَمِين
يا دارُ مَالَكِ تَنْحَبِينْ؟
والعَصْرُ ثَوبُ صَبِيَّةٍ
تَرْسُو عَلى أَكْمَامِهِ لُغَةُ المَحَبَّةِ والحَنِين
واللَّيْلُ هَذا اللَّيلُ
لَيْسَ سِوَى مَحَطَّةِ رَاحِلين
يا دَارُ خَلفَ الجِسْرِ، قَدْ وَقَفَتْ خُطَاي تَوَجُّفًا
وَنْهَالَ دَمْعِي كَالسَّواقي هَائِجًا
يَرْوِي مَزَارِعَ عَاشِقِين.
اِبْتِهَالُ العَاشِقِ
زِدْنِي بِعَطْفِكَ يَا كَريمُ
فَالقَلبُ جُنَّ تَلَهُّفًا
كَالأُفْقِ في ظُلُمَاتِ هَذا اللَّيْلِ يَسْبَحُ أَوْ يَهِيمُ
جَسَدِي طَوَتْهُ كَآبَتِي
وَمَدَامِعِي وَطَنٌ يَبِيْتُ بِهِ اليَتِيْمُ
يَا مُؤنسَ القَمَرينِ
ذَا وَطَنٌ وَذَا قَلبٌ يَفُرُّ إلى خُطَاكَ
وَعَلى خُطَاكَ مَسَالِكٌ رَمْضَاءُ حَاطَ بِهَا الهَشِيْمُ
وَمَسَالِكُ العُشَّاقِ مُقْفِرَةٌ إِليْكَ
رَحْمَاك إِنِّي في الضُّحَى
قَطَرَاتُ مَاءٍ في يَدٍ تَرْتَجُ مِنْ حُزْنٍ
يَكَادُ بِهَا يَقِيْمُ
البهجة
فَكَّ المَتَاهَةَ واسْتَحَمَّ بِحُلْمِهِ
فَتَعَلَّقَتْ فِيهِ الجُرُوحْ
وَغَفَتْ عَلى أَكْمَامِهِ تِلْكَ اللَّيَالي الحَانِيَاتِ
كَأَنَّهَا مَطَرٌ صَبُوحْ
وَعَلى الخُطَى
جَفَّتْ خُطَاهُ وَأَجْدَبَتْ أَطْرَافَهُ
وَبَكَى عَلى غُصْنٍ نَحِيلْ
شَوْقًا إِلى بَيْتٍ يَبِيْتُ بِهِ الخَلِيلْ
الدَّرْبُ يُوقِظَهُ إِذا سَهِيَتْ خُطَاه
وَالدَّمْعُ يُؤنِسُهُ إِذا مَاتَتْ يَدَاه
فِظِلَالُهُ المُتَلَكِئَاتُ هَوَادِجٌ
تُرِكتْ عَلى حَبْلٍ بَلِيلْ
يَغْتَالُهَا شَوْقٌ تَفِيْضُ بِهِ المَحَبَّةُ بَيْنَ أَهَاتِ القَتِيلْ
فَكَّ المَتَاهَةَ واِسْتَحَمَّ بِحُزْنِهِ
يَوْمًا
وَغَادَرَ ظِلَّهُ المُتَرَدِدَا
وَاخْتَارَ في خُطُواتِهِ
ظِلَّا تَوَطَّنَ كَبْدَهُ المُتَمَرِّدَا.
العِشْقُ
رَكَضَتْ خُيُوطُ الصُّبْحِ قَبْلَ مَدَامِعِي
خَجَلًا، يُعَانِقُهَا التَّرَدُّدُ والذُّهُولْ
فَتَمَايَلَتْ أَرْضٌ، تَنُوْءُ بِحِمْلِهَا
وَمَشَتْ تَلِمُّ جِرَاحَهَا رِيْحٌ تَمُوْجُ بِهَا السُّهُولْ
وإِفْتَضَّ مِنْ حَوِلي النَّهَارُ لِوَحْدِهِ
ثَمِلًا، يَفُرُّ بخَطْوهِ نَحْوَ الحُقُولْ
يَسْعَى إِلَيْكِ مُكَابِرًا في خَطْوِهِ
وَبِخَطْوِهِ عَثَرَاتُ سُنْبُلَةٍ يَجِسُّ بِهَا الذُّبُولْ
وَالمُوْتُ يَسْعَى في المَحَبًّةِ حَاذِقًا
غُلْمَانُهُ تَرَعٌ يَحُوْمُ بِفَيْئِهَا
إِرْثُ القَبَائِلِ وَالوُعُولْ
وأنا المُتَيْمُ فِيْكَ يَدْفَعُني التَّعَطُّشُ عَاشِقًا
أَسْعَى وفي خَطْوي إِليْكَ
وَإليْكَ لا يَسْعَى سِوَى قَلْبٍ خَجُوْلْ