نصوص أدبية

نسرٌ

abdulfatah almutalibiأسرفَ البريكَادير (توماس ويلي) في الحديث إلى مترجمه العربي وهو يشرح نواياه الطيبة حيال سكان البلدة الذين لا زالوا تحت تأثير توالي الأحداث الدراماتيكية اعتبارا من تجمعات حشود الرفاق الذين كانوا ينتظرون العدو الأمريكي لتلقينه درساً وهم يحملون صورة القائد حتى الصباح الذي استيقظوا فيه ليجدوا أن صورة القائد كانت ملقية على تلةٍ من القمامة القديمة وإن الرفاق قد تبخروا إلا من البعض الذين خلعوا ملابسَهم الكاكية وارتدوا الدشاديشَ واليشاميغَ وهم يهتفون مرحبين بتوماس ويلي وجيشهِ الذي يخفي أفرادُه عيونَهُم وراءَ نظاراتٍ سود، نظر البريكادير إلى البنايةِ الحكوميةِ التي بدت كأرملةٍ يكتنفها السواد من كل صوب إثر السخام الذي خلّفَهُ حرق النفط الأسود في البلدة وإخفائها تحت ستارٍ من دخانه الكثيف، صوّبَ نظراته إلى النسرِ المعلّق على واجهة البنايةِ الذي يمثل شعار الجمهورية وقد غطاه السخام وأحاله إلى ما يشبه الغراب ثم قال:

- هذا النسر العجوز يجب طلاؤُه، أيها العريف دعْ جنودَك يصبغون قوادمَهُ باللون الأسودِ وخوافيَهُ باللونِ الأحمرِ واكسِرْ منقارَه المعقوف واجعلْهُ مفتوحاً وعينيه مغمضتين وكأنه يُغني ولو بعيدا عن سربهِ ثم اجعل بين كل ريشةٍ من ريشهِ خطا رماديا بلون حواجز الإسمنت وأنت أيها المترجم قل لأهل البلدة أن أمريكا تُحبّ الطيور المغردة خارج السرب، نظر أهل البلدة إلى نسرهم العتيد، شعارِ وطنهِم وقالوا:

- عجباً كيف كنا نظن طوال الوقت أنّه نسر؟!.

 

عبد الفتاح المطلبي

 

في نصوص اليوم