نصوص أدبية

أوراق سرية لمواطن محكوم عليه بالإعدام

naseem alasadiإذا ما مات إنسانٌ

يعيشُ لغيرهِ فينا

 


 

أوراق سرية لمواطن محكوم عليه بالإعدام / نسيم عاطف الأسدي

 

بمقبرةٍ أرى رجلًا

بجانب قبر والدهِ

حزينًا ملؤه الألـمُ

يجالسهُ

يحادثهُ

ويكويهِ حنين الأمسِ، يعصرهُ

على ماضٍ مضى ندمُ...

....

تراهُ

لم يكن يدري

بأنّ الموت يقطفنا؟

وأنّ حياتَنا دَينٌ

غدًا لا بدّ يخطفنا؟

لماذا لا نحبُّ النّاسَ أحياءً

ولا نهديهمُ وردًا

وما زالت قلوبهمُ

تدندن لحنَ أيّامٍ طويناها؟

ترى هل تنفع الأمواتَ باقاتٌ من الوردِ

ودمعٌ سال حرّاقًا

نبعثرهُ..

على الخدِّ؟

***

 

على شبّاكنا الحالمْ

تحطُّ حمامةٌ بيضاءْ

فأطعمها

ببعضٍ من فتاتِ الخبزِ، أرقبها

تمسد ريشَها النّاعمْ

غريبٌ

كيف لا نرحمْ

ضعيفًا لا يعادينا

ويَهْدِلُ كي يسلّينا

نطاردهُ

نلاحقهُ

كما لو كان تنّينا

تساءلتُ

وما يبقى من البشرِ

إذا عشنا

كأنْ لا شيءَ يعنينا

إذا ما مات إنسانٌ بداخلنا

يعيش لزهرة البستانِ... للأطيارِ...للبشرِ

إذا ما مات إنسانٌ

يعيشُ لغيرهِ فينا.

***

 

بقريتنا أرى رجلًا

قديمًا كان يعرفنا

يُصادِقُنا

يُصَدِّقُنا

ويضحك إذ يلاقينا

نحاكيه فيسمعنا

ونسمعه يحاكينا

أراه اليومَ قد أرخى

على الذّقنِ

على الخدّين لحيتَهُ

وصارت تحجبُ البسماتِ

إذ يلقى أحبّتَهُ

يمرُّ بجانبي عَجِلًا

عَبوسًا لستُ أعرفُهُ

أهذا أمرُ دينكمُ

ومبغاه ومطلبهُ؟

أليس الدّين أن نرضى لإخوتنا

كما نرضى لأنفسنا؟

وأن تسلمْ

نفوسٌ من أيادينا وألسُنِنا؟

نردُّ تحيّةً قيلت

بأفضل ما تَمكّنّا؟

أليست بسمةُ الإنسانِ للإنسان رايتَنا؟

أليس الجوهرُ الأصلَ

وليس المظهرُ الخدّاعُ غايتَنا؟

أليست غاية الدّينِ

بأن نرقى بأمّتنا؟

نسامحُ حين نقتدرُ

ونعتذرُ

إذا ما نحن أخطأنا؟

 

* من ديوان " أوراق سرية لمواطن محكوم عليه بالإعدام"

 

في نصوص اليوم