نصوص أدبية

إصغاء فقط

akeel alabodإلى صاحبي

الذي ودعني بصمت واهن

 


 

إصغاء فقط / عقيل العبود

 

يستشعرُ السكينة والاطمئنان هذا الجسد،

يرحلُ بطريقةٍ نسمع نحن عن حكاياتها.

.........

هكذا قبل آخر لحظة من الزمان،

الإضطرابات،

نبض يوزع أنفاساً متلكئة،

الحركة تنبعث من أقصى أعماق السكون.

............

ولد صاحبي الذي إرتدى عباءة هذا النهار،

فاستوفت مقلتاه كلمات اخر ما تبقى لها من صحيفة صباحية أُسدلَ الستار عن حروفها لاحقا.

............

هنالك عند أطراف المكان،

ابتسامة شاحبة،

تدور هكذا، تطلق ما تبقى لها من حياة،

كما جناح عصفور عاجز عن الطيران،

العزاء مائدة محبة، توزع أنفاسها آيات الذكر، وحضور المحبين.

............

الأجل دقات قلب تتكرر على وتيرة واحدة،

الساعة الثامنة في ستاربوكس قهوتنا المفضلة، بينما تدق أبواب الليل في بقعة اخرى من هذا العالم.

المساءات أروقة تتشخص عبرها إيقاعات احزان قديمة.

............

هي قوافل أعوامٍ،

تتلو ما تبقى لها من ذكريات زمن، لم تسدل الستارة عنه بعد.

لوس أنجلس محطة أخرى في حياة صاحبي،

الذي رحل سجله الان.

...........

نقطة التقاطع،

هنا حيث لا شيء إلا ذلك الوصف الذي نقف الان إجلالاً لاجله،

المشاهد القديمة تحل تباعا، لتستانف تاريخها الجديد،

سورة ياسين، تسبقها الفاتحة، تعد اخبارا لوفاة مولود يعود بماضيه الى زمن ما زال يتلو على مسامع الحاضرين أنشودة وطن لم يمت.

...........

النجف وحضرة الامام علي، مغسل المغري، الماء، الكافور، المقبرة، الدموع، التابوت، الشموع، البخور، الياس، الكفن، إضافة إلى نواعي الامهات، موضوعات لها علاقة بمقدمات

ترتبط أصلا بوقائع طقوس واعتقادات لم يفارقها الحاضر بعد.

...........

هنا إذ عندما يفارقنا الانسان، ضحكاته، كلماته، مشاعره تبقى تسكن فينا. الامكنة تقفز على شاكلة ملامح، يرتبط بعضها بفيزياء الضوء.

...........

ساعة فقط مضت منذ لحظة الوفاة،

الاشياء، جميع الموجودات،

كل ما يحيط بنا،

تحول بطريقة ما الى وجودات جديدة.

...........

لذلك صاحبي الذي لم يعد قادرا بعد على المجالسة،

لم يبق له في هذا العالم، إلا تلك الحاوية الخرساء المصنوعة من الخشب الصاج.

...........

الطائرة التي ستقله، تنتظر الان اجراءات الهجرة الجديدة، الهجرة هذه المرة، ليست على نمط جداول منظمات اللجوء.

...........

اللحظات تتقدم نحونا، تقلنا اوتقفز بنا صوب جدران هذا العالم، على شاكلة ارقام جديدة.

الملاذ الأخير تلك البقعة الشاهقة من هذا العالم،

تتجه نحوي بطريقة مسالمة،

تسألني رغم أني أشارك الفجر توزعاته الاخيرة.

...........

صديقي لم يعد كعادته متسائلا،

بل أحتفظ ببعض ما تبقى له من مساحات أعلنت خوائها الان، لتشارك كثافة هذا العالم إنشطاراته اللامرئية.

...........

الانزعاج هذا القلق الذي يسري في نفوسنا، يسلبها، ينتزع منها لحظات السكينة، هو أشبه

بدبيب نمل يسعى لالتقام طعام الحياة.

...........

الموت ناقوس يطلق صرخاته المتلاحقة،

ليعلن انه يقتضي أن تمنح الآخرين فرصة اخرى للتأمل،

ذلك قبل أن تغادر الساعة دقائقها الأخيرة.

التكتكات تشبه بشموخها دموع وطن ينتظر العودة.

...........

الجنازة لحظة افتراق،

تغادرنا طقوسها، تطوف حولنا، بطريقة يصعب تداركها، رغم أننا نحتاج لإن نصنع منها صرحاً جميلاً، نتبعه وفق ما أتيح لنا عند إنتظارات سكوننا المتحرك.

...........

أصوات الساعة الممتدة في الأفق، تدق في عقولنا، تشاطرنا العزاء، هكذا كما أجراس الكنائس المحيطة حولنا، رنين يتبعه رنين تحثنا على الترصد تشاركنا الرحيل.

 

ساندياكو

 

في نصوص اليوم