نصوص أدبية
رسائل نُسيت في فمها
ما نخوضه ليس حربًا
ولكنه عقيدة
رسائل نُسيت في فمها / بلقيس الملحم
لأنك رب هذا الجنون..
ومئذنة اهتز لها جذع قصيدتي حين صاحت تستغيث من ضجيج الضلوع.
لأنك كل هذا، وفوق كل هذا، وشيء أعمق من كل هذا.. تقطعت بي أوصال القصيدة، فشكت لي هوانها عليك، وشكوت إليها عبثي بإخماد الجحيم.
كل ما في الأمر أنني أستلذ بهذا الجحيم.
لذا سأبقي عليه دون أن يسقط فيه طير مهاجر يحمل إليك رسائلي!
سأبقيه باردًا علينا..
ليحمينا من بعد المسافة، ومن نمرود الوشاية..
سأبقيه مشتعلا بكل ما يحمله شوق الشفاه وهي تقبلنا بهذا الشغف!
الرسائل:
-1-
كأني لم أولد هنا
أنا لا أستدل على موضع لرأسي لأنام
ولا حيزًا لجسدي فأستحم
لم أعرفني إلاًّ فيك
لذا ضعت بين طوفانين خلقهما الله في وطنك
فجاؤوا عليَّ وفرقوا عظامي وأنفاسي
كأني بك تجلسُ بين نخلتين
شابكاً يديك على ركبتيك
كمن ينتظر مولودًا جديدًا
-2-
القصيدة لم يصفق لها أحد
لكنها شربتك وشربتني
وتركنا القاع أملسا
ناعما كأصابعنا
-3-
لم تُكثر من التفاتك؟
ليس هناك ما يعجلنا
أنا أقيم صلاتي البابلية في صدرك
-4-
لا أحد يشبهنا
كلانا يشرب الآخر من فم النخلة
ويلمس السماء بدموع الصلاة!
-5-
مثلما ترتجف زهرة في شتاء بغداد
ترتجف نخلة من الحمى
مثلما ترتعد فرائص قبر غريب
تلتحف أنفاسي بوسادة دموعك
-6-
أيها العالم
هل بإمكانك أن تلتقط صورة لنا
حدِّق في السماء
وستجدنا!
-7-
ليست معجزة
لقد قرأ العشاق قصائدنا
أنا مثلاً التقيت بقيس
وضغط على يدي مبتهجًا بي
أنت مثلاً التقيت بليلى
وأوصتك بأن تسقيني من فمك البعيد
ليست معجزة
حين أخذتني إلى مقبرة كبيرة تسمى بغداد
التقينا هناك بباعة العصافير في سوق مريدي
أولئك الذين سحقوا بسيارة مفخخة
هم الآن يغنون تحت التراب
ويقولون لنا بأنهم قرؤوا قصائدنا
وتبادلوها مع معشوقاتهم في البرزخ
ليست معجزة
كان داخل حسن أيضا يطربنا
في وقت كنت تسحب فيه أنفاسك
وأنا أشربها من مدينة نائية
-8-
لن نبق وحيدين إلى الأبد
هناك أصابع ترمي نفسها كل ليلة على الحروف
-9-
السكين ليست هي من تذبح
اللحاف ليس هو من يدفئ
تعال لنتحرق
كي نضئ هذ العالم البارد
-10-
أحبك لسببين
واحد منهما تعرفه
والآخر ادخرته للحظة نجهل ميعادها
-11-
هل تسمع معي آهات تأتي من قوارب بعيدة
ترى متى ينتهون من كتابة قصائدهم الطويلة
أكانوا يغنون أم يبكون؟
لم أعد أفرق
أنا أشبههم
تنبت في حنجرتي نباتات غريبة
كلما غنيت لك أو بكيت منك
-12-
الحب بيننا لا يحمل معه هدنه
ما نخوضه ليس حربًا
ولكنه عقيدة
-13-
مع هذه الأشجار
والوحشة
والحب الأبدي
وليالي بغداد الساخنة
تقول للذي ذرفتُه:
دعيه يهطل كما تنساب دمعة أم على فقيدها.
