نصوص أدبية

روشتا لبريق الشيخوخة

jawadkadom gloomشيء من الوفاء

إلى زين العاشقات

 


 

روشتا لبريق الشيخوخة / جواد غلوم

 

لست يافعا بالقدَر الذي أصول وأجول

في مدن الأنوثة المزدحمة بما هو ممتع ومتعب معا

ولست عجوزا مع إنّ خطواتي تقترب من عتبة السبعين

من قال ان هزيمتي ستكون ماحقة منكرة

مع امرأتي الفاتنة!!

لحظة لقيتها تلوّح لي مهللةً لقدومي

تقدّم لي مكامن جمالها السالف

على طبق من خزَفٍ امّحتْ صبغـتُه

لكننا قادران على إعادة الحياة اليه

نصقله ونعيد فخارَهُ

نُلوِّنُ صفحتَهُ بالزهريّ والأخضر اليانع

نرسم صورتي روميو وجوليت في حواشيه

وفي قعرهِ ملامح لشيرين وفرهاد

نملؤه تفاحة غير آثمة

وبقايا عشبةٍ فلتتْ من فم أفعى "جلجامش"

سنقضمها سويةً

ثم نعلكها مثل قاتٍ يماني يخدّرنا أمَدا

آنفُ ان نعيش عاما يخنقُ عاما آخر

مثل خزَفٍ يكسرُ بعضُهُ بعضا

أليست الدنيا لحظات وصْلٍ وليالٍ قصيرة

نهرب بعيدا عن مقصّ العمر الى مخابئ يجهلها

ننتشي وحدنا؛ نضحك بتوئدة

ندنو، نتعانق، نهزأ من شيخوختنا

نطلي تجاعيد وجهنا بفرشاة ساكتة

لا تُصدر حسيسا

نوصي أواني البيت الاّ تُحدث جلَبَةً

لئلا يسمع المخبرون صرير سريرنا

غريبٌ أمرُ تلك العيون المتلصصة علينا

لماذا تترقب خطانا وتطاردنا؟؟

تثقب آنية الماء المعدّة لسقاء ميسم زهورنا

أيَّ حسـدٍ أتنحّى، أيَّ لسانِ تنينٍ أتّـقـي

فأنا المسمّى بِلغةِ شفتيها "زين العاشقين"

لا أتقنُ لغة الشتائم ومناكفات رجال الشوارع

ألأني أنشر رحيق هرمي في مهجعي؟؟

أهمس بآذان فتوّتي لتصحو من غفوتها

على فنجان قهوة من يد حبيبتي

ولقمة سائغة تطعمني إياها

أيَّ غلظة قلبٍ تتبعني لتُطيح بي

أنا الأعزل من السلاح

الخارج من معمعان الحروب بأعجوبة

طمرتُ شراستي مذ تعلّقتُ بضفائر معشوقتي

نزعتُ نجاد سيفي من عاتقي وألقمتهُ النار

ان شئتم ان تصوّبوا سهامكم عليّ

او رميي في البحر غرقا

سيأكل القرش من حشاشة قلبي

يتعلم طقوس الحبّ المقدسة

يُسالم الحيوانات الصغيرة ويرعاها

يؤنس أطفال بلادي الغرقى

الهاربين من سَقَـر بني جِلْدتهم

يُطعمهم مما يلقى من أعشاب البحار

حيث لا دمٌ ولا نزفٌ ولا لحمٌ مقدّد

في مسالخ الحروب

في مجازر رعاة الكره وحائكي عباءات الوقار الزائف

هونا ايها الصائدون من طرائد المتعبين

أما شبعتم من قنص غزالات غابات الفيافي الخضر؟!

أنتم لم تفقهوا نصْحَ صانع "الغورنيكا":

"لم يزل الهوى فتيّاً فينا ونحن نعبر نهراً بقاربِ الستين"

مافتئ يزحف كالسلحفاة على اجسادنا

منذ أنْ رسا يخْتُـنا على ضفاف الشيخوخة

 

في نصوص اليوم