نصوص أدبية

من بلقيس. إلى العراق في ليلة الميلاد

MM80منذ أن لمعت السماء

وماعت الأحزان في جيب الصلاة

 


 

من بلقيس. إلى العراق في ليلة الميلاد!

 

أين أجساد هذه القاعة؟

أين ذهبوا برؤوسها؟

وبألوانها الدسمة؟

ألقي برأسي على صدري

وأغفو وحيدة بين هذه الإطارات الفارغة

.

.

كساد الفرحة دخل إلى روحي مثل ضباب

أليست احتفالاتنا معتادة,

وأحزاننا معتادة!

أوشك أن ألمس ملامح وجهي

لكني أخشى أن يكون فمي قد ماع

كيف لي أن أقبل صغاري؟

وأن أغني في فسحة انتظار، قصيدة تهبط كملاك رحيم؟

.

.

كساد الفرحة دخل إلى روحي مثل ضباب

فلم أصغِ إلى صوت الريح الذي رسمه رافع الناصري

ولا إلى ضحكة الفتاة التي غازلها محمود فهمي

فانتشت وصارت بدينة..

بدينة ..!

.

.

في رواق بغداد الكبير

لم يقل أحدٌ شعرًا

لم تُعزف موسيقى

ولم ينفث أحد سجائره

كأنهم بصوت واحد يقولون:

" يا قليبي وين الحزن .. حدر الحدر مرفوع

دومك تون ونتك .. تبجي بدمع مفجوع

طيفك أمل كذاب .. فوق السما مرفوع

بالك تصيح بحزن .. صوت الحزن مسموع "

.

.

كساد الفرحة دخل إلى روحي مثل ضباب

في المكان البعيد الذي أسكن فيه

في بغداد التي تسكنني

أدفأ من الزيت

أدفأ من الماء

أسحق تلك الحياة تحت لساني

أموت ببغداد

بكل عَظْمةٍ : أُخلِّص شهقتي من بئرها العميقة

تستريح على فوهة القلب

فتسيل من شفتي قصائدي

كنمسة الموت التي يرسمهاأمجد الطيار

يلمسها أمجد وهو يدهن جرار كهرمانة:

لسنا بحاجة إلى بطولات

ولا إلى مجدٍ نلوح له في الرواق وننحي له!

.

.

كساد الفرحة دخل إلى روحي مثل ضباب

يدب في جسدي كما يدب لذيذ الشراب!

إنه لهبة عظيمة

يوم أن تركتكِ تذرفين في صدري عواصفك

تتَّحدين هناك..

في المكان البعيد..

مع أطفال العامرية الذين هرستهم القنابل

تقشرين لهم الأحلام

وتنامين بكل هدوء

جانب الصخور ونافورات الدموع

تسكبين للقمر المفقوء كأسًا شفافة

ليثمل ..

وينسى في ليلة الميلاد

سمَّاعة هاتفه معلَّقة

لشيء لم يُلفظ بعد من أمٍ مسكونة بالغياب

أو وميض لأنفاس أخيرة

يلتقطها النهر

فتلعب بها الأسماك

إني أراها الآن تقفز بشدة

شامخة كشجرة الميلاد

لكنها كانت تمطرنا بحلوى غريبة

حلوى باردة

مالحة

ويابسة

.

.

كساد الفرحة دخل إلى روحي مثل ضباب

إني أموت فيك مجددًا يا بغداد

ترتفعين عاليًا..

عاليا في السماء

أرفع رأسي

وأحدق فيك

إنك تنهمرين مثل سحابة ضخمة

تمطرين تفاحًا

ولوزًا

وشيئا يشبه السلوى

تعتمين ثم تشرقين

انظروا..

أقول لكل الأجساد والرؤوس التي غادرت الرواق:

ها قد ظهر قوس قزح

بألوانه السبعة المذهلة

وفي يديه سلةٌ صغيرة

عبأها من سوق الدهانة

ثم اختفى بين الأزقة والدروب

طارقًا بيتًا مصبوغ بابه بأسماء شهدائه

قد نبت عشب طري على عتبته

منذ أن لمعت السماء

وماعت الأحزان في جيب الصلاة

 

في نصوص اليوم