نصوص أدبية

قبل أنْ يُسدل الستار

jawadkadom gloomلستُ هامشاً حتى أُركن في زاويةٍ عمياء

لكنّ يدي توشك ان تقف

 


 

قبل أنْ يُسدل الستار / جواد غلوم

 

هل لزاما عليّ أنْ أعرى

ويجنّ جنوني؟!

ليطاردني الصبيةُ هازئين

تنوشني أحجارُ شتائمهم

يرغمني رجلُ الميليشيا أن ادفعَ له أتعابه

وقد ضجر من إفلاسي

عبثا يحرسني ويُبقي على حياتي بلا دراهم

مالك متجر البقالةِ يشتكيني لجاري الصلف الطباعِ

لأني لم ادفع له فواتير الديون السالفة

رجولتي تهشمتْ قطعا ذابلة

بعد ان ابتزّني الصيدليُّ العريق بالخداع

إذْ باعني " فياغرا " مغشوشة بثمن باهظ

لم يتح لي أن اشبع نهمي من عاشقتي

سأموت باكرا خالي الوفاض مدينا للسادة اللصوص

عليّ أن أسددَ سلفَ إيماني الضائع

استعيد صلواتي المسروقة  من رجل الدين

هذا الذي أوصلني الى الكفر بعربته السريعة

سلبني جيبي وأقعدني في عشش تخلو من التواليت

طيّر قصائدي وأودعها لمنطادٍ تائهٍ في الفضاء

مثل أوراق الروزنامات الهائمة فوق مكبّ النفايات

وهي تحمل سنواتنا الضائعة

أعمارنا الصاعدة على ظهر ثورٍ هائج

يطاردهُ " ماتادور " ساديّ بسهامهِ

كلٌ ينهش لحمي ، يكسر عظمي

الفتى الثوري النرجسيّ المتلهف لقشعريرة السلطة

في تظاهرات عصر الجمعة

المخبول الذي بنى قصرا طوباويا في مخيلتي

دون ان يضع لبنة في خرسانة الحديد المنخورة بالصدأ

سوى اني شممتُ رائحة زبَدِهِ السائلة بين شفتيه

الموتور صائد غرمائِه العاشقين لخليلته

الجاهل الذي ضربني وأنا اشتري كتابا في المتنبي

المتثاقف سليط اللسان الذي يزبد ويرعد في قنوات التلفزيون

الشبقيّ مختلس الشهوة الذي يعاشر العاهرات ليلا

ويؤم الصلاة بعد ان يؤذن للفجر

السمّ الزعاف الذي يخالط معسول الكلام

يرغمني على تقطيع ثيابي وأنا أمزّقها نصفين

الصحفُ الصفر الكريهة لم تعد تصقل زجاج نوافذي

قرضتْها فئرانُ الكتاتيب

السيارات المصفّحة المارقة سحقت طفولة حريتنا

مازال لحمها طريّا لكنها بعثرته على إسفلت الشوارع

اللصّ الذي يفتش في جيوب قتلى الإنفجارات ويُخلي جيوبهم

لِمَ لم تسمعني ايها الربّ الاعلى ؟؟!!

اعرف انّ صوتي خافتٌ

عهدي بأنك تعرف ماتخفي الصدور وماتريده السرائر

كلّ مافيك أدوات نفيّ ونهي

لا رجاء ولا شروع في عزمك

سياطك تعذيبٌ وترهيب

يدُك بطشٌ وسطوة عمياء أعرْتها للجلاّدين

معذرةً إني ألثغ لخوفٍ مستديمٍ في فمي

لكني أتقن إظهار الجناس الناقص بين الجلاّدين ورجال الدين

بين العاهر والطاهر

بين العلمانيّ والغلمانيّ

بين جنين السفاح وجنين النكاح

في مختبرات المشفى لفحص  " D.N.A   "

مع هياجِ عاهرةٍ يصل الى أسماعي

وهي تمضغ عِلكة " الداندي "

ما زالت عيناي قادحتين بالفطنة

لستُ هامشاً حتى أُركن في زاويةٍ عمياء

لكنّ يدي توشك ان تقف

أعجز عن رفعها مُلوّحاً بالوداع

لم يبقَ في دواتي حبرٌ سوى ان اكتب حرفين

أ . ھ

 

* كتبت هذه القصيدة منتصف ليلة الثلاثاء 2/2 / 2016 داخل مشفى إثر وعكة صحية كدتُ اقترب فيها من النهاية

 

في نصوص اليوم