نصوص أدبية

ترنيمة حُــبّ الموريسكي الأخير

MM80تفنى عقود الجمان وتصبح باليه

ويبقي مقال الشعر فيها بين الورى فاشيا

 


 

ترنيمة حُــبّ الموريسكي الأخير / سمير خلف الله

 

حبيبتي غرناطةً بنتّها الآلهه

بنتها عشتار واللات

ومناة الثالثه

أما كانت لنا جنةٌ عاليه

وكانت لنا بها عيشة راضيه

وكانت قطوف لنا بها من القلب دانيه

أما غرناطةً هي فردوسنا الأولى والثانيه

ومن بعدها خراب، يباب وأرض خاليه

وإني لمن بعدها لاقيتُ كتابيه

وإني من بعدها لأشقي بنار حاميه

أما كانت قشتالةً لغرناطتي لظّى كاويه

وريح الصرصر العاتيه

أبْـقـتْ قصورا على سبيكة الحمراء خاويه

وأهلكَـتْ قومي بالضربة القاضية

فلم أر يا نزارُ لبني الأحمر أو لقرونها الثمانيه

أو لبني سراج من باقيه

كأنما وطَـرٌ بزمان الوصل لم يدم إلا ثانيه

أيا لسان الدين أجبْ عن سؤاليا

تُـرَاه الصغير كفرعون أتي بالخاطئه

فكانت لنا أثمان أخطائه الطاغيه

منفي وسيوف لهم رابيه

فو الله تلكم هي حاقة لنا وواقعه

تركنا بها عيونا جاريه

تركنا بها رياضا لاهيه

وثمارا دانية

وحللنا في صحارى وربوعا خاليه

فمن تبكي اليوم علينا سوى ذكرى لها صاحيه

تعانق في الحمراء للساريه

وتستذكر للزهراء تنام في الضاحيه

تُـرَاكَ صدّقتَ يا حِـب بلقيس من يمنٍ إليك آتيه

تراه صحيح لم يبق من عصورنا الزاهيه

غير الذي يبقي من الخمر في قاع الآنيه  01

ترى قصر غرناطة عاد كامرأة من الرخام عاريه 02

تعيش على ذكرى لقصة حب ماضيه 03

وأنّى يكون هذا في أزماننا الحاليه

ونحن نرى ولادة في كل وجه بإسبانية

وفيها لنا ما زالت تغني اعتماد بحرا وقافيه

وفيها يُـبْـعـثُ مجدُ قومي ويولد مرة ثانيه

وأصوات للآذان مرفوعةً من المآذن العاليه

كما كان في عهد أبناء معاويه

وسارة تسأل عن عبد العزيز كل سفينةٍ راسيه

وبنات من بني النجار في عذوبة خمر الداليا

ينتظرن سرايا لطارق، يحملن زهر الأضاليا

ورايات بني أمية لا زالت ترفرف في كل ناحيه

ولا غالبَ إلا اللهَ جذوة نار بقلبي كما هي

وقطعة من الخلد أهداها الواحد الباقيا

وتستحثُ فينا درب استرداد أيامنا الخواليا

وما تلك يا نزار إلا أحكامك الواهيه

هي لم تكن ثمودا، ولم نر لها من باقيه

أما عَـلِـمتَ بأن خِـمَّـا عادت تسمى

كما كانت عاليه

وأن يوحنا أضحى يسمى كما كان

أبناء قحطان واليمانيه

وأن لوركا عندليب إسبانيه

فخورٌ بأن جدودا له قد جاؤوا من الباديه

أمَا عَـلِـمتَ بأن قراها في مرسيه وبلنسيه

عَـرَبية، بربرية أسماؤها في الزوايا النائيه

تأبدتْ فيها كما هي جبالها الراسيه

لهذا وذاك فنحن لم نرحل يوما عن إسبانيه

ألم ترانا في نقوش سانتا ماريا

وفي كلام لوليتا إذ تقول زيتا وساقيه

أحب فيها شذونة وقرطبة ودانيه

أمَا عشقها في كل قطرة من دمي ثاويا

أحبها حبّ حليلة لا حب عشيقة وجاريه

ومهري لها النظم في سلك البسيط ينير النواصيا

تفنى عقود الجمان وتصبح باليه

ويبقي مقال الشعر فيها بين الورى فاشيا

كما قصائدٌ في ولادة لا تزال بستانا زاهيا

لذلك بيني وبينها قصة حب ما كانت بخافيه

ستبقي حية كما آيات ربي عليَ تناديا

هي في صفحة الكون زهرة في كل رابيه

هي قِبلةً لكل أوجاعنا شافيه

ولكل أحزاننا نافيه

هي نوبة الضحى والأماسيا

وحبيبتي أنا أندلسي الغاليه

أحب فيها كل شبر من أرض إسبانيه

تحبني وأحبها حبيبتي الغَانِيَه 04

وأحب مَرأى سمائِها الزرقاءِ والصافيه

أحب شمسها تعانق للورد مثل أميمة حانيه

وأهوى جدران بيوتها البيضاء والباهيه

وأحب ثغر ونهد بناتها الغاويه

هي ليلي، هي لبنى، هي آسيا

هي كل حبيبة لي حاويه

وكل وجنة لي داعيه

هي حيزية والجازيه

وعنقاء تُـبْـعَـثُ في كل صائفة وشاتيه

وفي كل وجه، وفي كل زاويه

سنرجع يوما نحمل إليها سلاما وعافيه

ومن بعدها لن تبق عيني لأندلسي باكيه

 

.....................

هذه القصيدة كتبتها على منوال سورة الحاقة في القرآن الكريم لما لها من جرس موسيقي عذب

01 – 02 – 03 اقتباس وتوظيف مباشر من قصيدة نزار قباني أحزان في الأندلس

04 – الغانية : وحسب المعاجم العربية هي المرأَةُ الغنيَّة بحسنها وجمالها عن الزينة

 

بن امهيدي / الطارف / الجزائر

 

في نصوص اليوم