نصوص أدبية

تَبكي الشَّوارِعُ

MM80تَدُقُّ أجرَاسُ الكَنائِسِ لَوْعَةً

وتَنتَحِبُ المَآذِنُ كُلُّها أترَاحُ

 


 

تَبكي الشَّوارِعُ / كوثر الحكيم

 

تَبكي الشَّوارِعُ كُلَّ يَوْمٍ أهْلَها

فَفي كُلِّ بَيْتٍ مَأتمٌ ونَواحُ

نَزَفَتْ دِماءُ الأبرياءِ رَخيصَةً

وَعلا صراخ البَاكياتِ صِياحُ

مِنْ كُلِّ نَاحيةٍ تَندُبُ امرَأةُ

تُمزِّقُ الثَّوْبَ يَستُرُها الوِشَاحُ

تَسيلُ أنهارُ الدماءِ زكيةً

فَقيمةٌ الإنسان طوَتْها الرِّياحُ

ذَهَبَ الذين نُحبُهُم.. بَقِيَ

اللِئَامُ.. لهُم شُبهُ الكِلابِ نِبَاحُ

عقودٌ وأجيالٌ مَضَتْ

وقُلوبُنا لمْ تلتئِمْ فِيها الجِرَاحُ

كَمْ مِنْ رَضِيعٍ يَتَموا.. ونِسَاؤنا

أكبَادُهُنَّ عَلى الأدِيمِ تُطاحُ

ظَلَمَ القُساةُ.. هَدَموا بُيوتَاً

دَمَّرُوها.. أرْعَبوا وأباحُوا

قَتَلوا الشَّبابَ.. ذبحوا النِّسَاءَ

لَطَخوا أبنَاءَنا دَماً وأسَاحوا

تَدُقُّ أجرَاسُ الكَنائِسِ لَوْعَةً

وتَنتَحِبُ المَآذِنُ كُلُّها أترَاحُ

طَلَعَ الصَّباحُ الأسْوَدُ مَوْتاً

يَنذُرُ، فأينَ الخَيْرُ فِيكَ صَبَاحُ؟!

نَهَارٌ مُكفَهِرٌّ بِلا حَياةٍ

وشَمسٌ لا ضِياءَ بِها وَضَّاحُ

يَئِستْ شُعُوبُ العُرْبِ مِنْ حُكامِها

فَهذا مُنافِقٌ وذَاكَ مُجرِمٌ سَفَّاحُ

ومَشايخُ النفطِ والدولارُ حبيبُهُم

لَهوٌ وخَمرٌ وصِبيَةٌ ونِكَاحُ

لا نِعْمَ في جارٍ مَاتَ ضَمِيرُهُ

سُيُوفُهُ مُستَلَّةٌ.. قنابلٌ ورِمَاحُ

سَتَنفَضُّ الغَمَامَةُ عن صُدورِنا

سَيَبزِغُ فَجْرٌ تَهُبُّ فِيهِ رياحٌ

عاتيةٌ تلقي بعيداً عنا القِراحُ

ستعودُ أرْضُ الأمْسِ زَاهِيةً

ويَثُمرُ الزَّيتونُ يا بغدادُ والتُّفاحُ

فَلا حياةٌ لنا في الغُربِ بَارِدَةٌ

ورُعْبٌ في بلادِنا وقَتْلٌ مُباحُ

سَيَعُودُ الحَمَامُ لِهدِيلِهِ

ويَحْلُو للعراقِ عَيْشٌ مِلاحُ

سَتَرْجَعينَ لأحْضَاني حَبيبَتي

لِلحُبِّ والأحْلامِ.. فَغَداً رَبَاحُ

وسَتَخرجُ الأشْوَاقُ الحبيسةُ

مِنْ سِجْنِها وسَتَرْقُصُ الأفْرَاحُ

 

في نصوص اليوم