نصوص أدبية
وهاب شريف: لأنهم من طينة واحدة
كانوا حفاة
ممتلئين حد الالتهام الا من السلام
لأنهم من طينة واحدة / وهاب شريف
أخي الكبير ُ ثقَّف الماءَ
أقنع النهر ليدخل المدينة
وأشعل َ الضياء في الأشجار
أوقد حكمة والدي
في أراجيح الصغار
نضجوا على جمر المحبة
صاروا نخيلا وبيانا وأرصفة
أخي الكبير ينقش الجمال في المحابس
ويرسم البلاغة والخيال في همس المساء
ويمارس الإنتظار..
أخي الكبير علّم السنابل كيف يبدعن الحياة
وعلّم الأمطار َ كيف تغسل الذنوب
وعلَّم الطرقات كيف تتسع
وكيف تمسح الدموع
أخي الكبير أسدل الستار
على السراب
وأدخلَ الحديدَ والنحاس َ والذهبَ دورة َ الرقّة والنزاهة
أخي الكبير كان روحَ الماء
ودعابة النسيم وإصرار الشجر
وخادم الجماعة ..
أخي الكبير بين حاجبيْ صباحه
يجمع الأعشاب والحناء والعطور
ويجذبُ الاطفال من بعيد حوله
يمنحهم عافيةَ التأمل
ويمنح آباءهم كيف يصبرون
في التكامل
وكيف ينظرون إلى صلابة النساء
والحجر
ليبدعوا فلسفةَ العناق
لأنهم من طينة واحدة .
***
يبحث عن شبيهه في الكاذبين
عن صديقه في القادمين
عن حقيبة ضائعة في المغادرين
عن بيت ابتسامة
في الماكثين
عن نفسه في الميتين
في المشافي
في الفنادق
في المقاهي
لا يجد
يبحث في نفسه عن اختلافه عن هؤلاء
لا يجد
غير خساراتهم
وحبهم لمنظر الذبول والضياع
كان يؤدي الحياة وفق ما تؤديه الحياة
كانوا اذا أحسوا بالحياة ضاق صدرهم
من كل من يرونه مبتسما
كانوا حفاة
ممتلئين حد الالتهام الا من السلام
