نصوص أدبية

جواد غلوم: لَذائـذُ ومراراتٌ

jawadkadom gloomأنا البنفسج العطِش لضوئكِ مهما خَـفَـتَ

أتوقُ لِمائِـكِ مهما يـأْسَـن

 


 

لَذائـذُ ومراراتٌ / جواد غلوم

 

أنتِ يا غانيتي، يا زنزانتي الإنفرادية

تضيقين بي فأوسع مساحتي حقولا من الصبّار

مدّاً رحيباً، فضاءً يغمرُ غمامي رواءً لا يُخصب أديما

ما أرعبَ جدرانك السود الملطخة بسخام العذاب

حين أحدِّق في غرافيتي أصْورتِـكِ 

هناك كَـفٌّ مدماة تشير اليكِ

صريرُ سلاسلٍ  تدنو من يدي

آهاتٌ، حشرجاتٌ تعلقُ في لساني

أنينٌ يُرجفُ شفَـتيَّ فزَعا

لأنك انتُخبْـتِ جلاّدةً وقحة الفعل

سليطةَ صوتٍ هادرٍ لاسعٍ مثل كَيِّ جهنم

أفعى ناعمة الْجَـلْد، ملمسٌ مزركش بالبَـغْـي

أنا البنفسج العطِش لضوئكِ مهما خَـفَـتَ

أتوقُ لِمائِـكِ مهما يـأْسَـن

مؤْنسة وأنت ترجمين بحصاةٍ صنعتْ من الورد الشائك

عذِّبيني بلمسات سوطك المخمليِّ

اضربيني بِـيَــدٍ من حرير

جئت طواعيةً متلذّذا بصلافة أظفارك

غائرةً في مسامِيَّ العطشى لِعروقِك

انا الطير الأبلهُ المغمض العينين

الشادي العازف الراقص فرحا في مذبحي

 كم آنس وانا معتقلٌ في جسدك القاسي الأصفاد

مرهونٌ منْسِيٌّ  في خزانة وَلَهِـك البوهيمي

لا انصاعُ لحقيبتي المسافرة

وهي تجرجرني بعيداً عنكِ

تومئ لي أن : اهربْ

كسحَتْ قدماي

أتلذذُ غارقاً في نقيع بَـلَـلِـك

مهما هدمتِ حائطك على رأسي

مهما فتحتِ زنزانتي المكْفهرّة معك

انا ورقة شجرتك الخريفية التي لاتسقط

لو طال موسمك الأجرد

فليقل عني صحبي اني خائن

لو انكفأت عنهم، بقيت عالقا في غصنك اليابس

يكفيني اني وفيت لك ولا أبرحك

وأرى فسحتي في عُـرْي خريفك

سابحاً في بركة سجنك الآسِنة

لا أسمع سوى ضفادعك تـنـقّ ...

تُثْـمر أنوثةً بغيضةً عليلة جرداءَ

 أشتهيها على زُفرتِها وسمومها

أساوم على اقتنائها وأعرف أنها صفقة العمر الخاسرة

عشائي الأخير المميت

هو ذا رهاني أن أتَـلَذذهـا باشتهاء

 

متى أستكـين بوادي الغضا **** أنا المستـقـرّ بِـوادي الأذى

غفلتُ لعمرٍ مضى وانقضى *** وغامتْ عيوني بفعل القذى

إذا نلت منكِ قليلا رضا **** ستَغْـدو لِشَرطيَ جَـزْما " إذا "

حريقك ثلجٌ صديق  اللظى **** وخَـنْـقُـك أشهى نسيم الشذا

جَـناحي كـسيْــحٌ يَـخـاف الـفضا *** *ظللتُ أسيرك ياحَـبّـذا

وفِـيْـكِ الخصام وأنتِ القضـا **** أؤرجِـح حُكْمي بذاك وذا

مَـلـيْـحُ هَـواك غـدا حامِـضا **** وحنْـظلُــك الـمرّ ما لَــذّذا

 

جواد غلوم

 

في نصوص اليوم