نصوص أدبية

سلام دواي: مع بوذا

salam dawayتجربة في تأملات

الزننبوذازم

 


 

مع بوذا / سلام دواي

 

مع بوذا أكون دائما بخير

فهو ليس نبيا

ولا ربا

انه سرب من النمل بين طيات العشب

مخطة الطفل

سعلة الشيخ

وطرطشة الماء بعد الحجر

*

في الليل يتكور الثلج

فوق صلعة بوذا

مثل قبعة بيضاء

وفي الصباح تختبئ تحتها الشمس

لكنها تذوب بسرعة

فتبدو الشمس صلعاء اكثر منه

بوذا أيها المحتال

*

الغيمة ثدي البحيرة

أقول لبوذا ، فيقول

ها انت تتفوق عليَّ

أنا مجرد تمثال

*

أتعلم من محتال خطير

اسمه شاسي

يعمل حفيدا لبوذا -هكذا يقول-

كيف ألقي نفسي من هذا الجبل

دون ان يشعر الجبل بالذنب

والريح بالمسؤولية

والصخرة بالصدمة

أقول له اخاف، فأنا لست بوذيا

يضحك شاسي ويقول:

بوذا ليس نبيا فلماذا تخاف

الم اقل لكم

ان شاسي محتال خطير

*

ما ان تخلصت من شاسي المحتال

حتى صادفت ضفدعا يعلم الوطنية

ما ان رآني حتى قفز الى البركة

ليقول لي الهروب الى الوطن نجاة

سقطت على رأسي

لاقول له يحدث مثل هذا حين يهرب الوطن

فضحك بوذا مني لاني لم أتألم

ومن الضفدع لانه لم يطرطش الماء

وتعدد حولي في كل الحدائق

يحمل في حجره الغلال

بوذا حشد من فلاحين

عادوا فرادى من حملة قطاف

 

*

بوذا في حديقتي ليلا

يسرق ثمرة غير معروفة

من شجرة غير موجودة

اسرقها منه في الصباح

أنا وبوذا نسرق ثمرة غريبة

وندحرجها مشاعة

تحت الشمس في الهواء

*

قلت له يا بوذا

ليس لي قبعة لتطير

انه رأسي هذا الذي يرفرف

ها أنت تبدو قصير النظر

مثل أفق ضيق  على كرة صغيرة

وحملته الى الغابة

وتركته عند النهر

وحين عدت وجدت نهرا على طاولتي ، وغابة

وبوذا بحجم حبة الرز

في حضنه برتقالة كبيرة

ترقد مثل بيضة في قبعتي

*

يهرب مني سريري

مثل فراشة تطير في نومها

بعينين مغلقتين

وما ان حط الصباح على الحديقة

وأشرقت الشمس من صلعة بوذا العظيم

حتى ذهبت اليه

لأسرق من ثماره قبل ان يتسلقها الدود

ويسري بها العفن

نظر إليَّ من منخريه الكبيرين

لم يكن بوذا يصلي ، هذا ما اكتشفته

كان يروض غيمة كبيرة تشبه بحيرة غاضبة

وبمؤخرته يغطي أسراب النمل

*

تركت بوذا قبل ان يهم بالكلام

فأنا لا أصدقه

لقد وجدته يوما مرميا كلعبة عاطلة

مسحت عن جبينه الطين

وازحت عن فمه الطحالب

وطردت من منخريه الخلدان

وأسكنته حديقتي الخلفية

لا يكلفني شيئا

فهو يسرق طعامه من أشجار ليست في بيتي

لكن صوته يصلني أينما ذهبت

الهواء ، وذرات التراب السابحة في الهواء

اجنحة البعوض

خشخشة صفرة الخريف

كلها تحمل صوته

*

في الخارج

تمطر السماء بشدة

في مطبخنا

بوذا يفرم البصل

*

وفي الليل مثل نعاس فاشل

او مثل نوم تعثر بصنبور المياه

يتسلل

وبكلمات بسيطة

تشبه آنية

تغتسل تحت ضوء القمر في النهر

يقرض عقلي

بوذا أيها الفأر

*

ولما ضقت ذرعا ببوذا

حملته فوق كتفي

ورميته في المكب الذي وجدته فيه

وفي طريق العودة كان الجو ماطرا

دون ان يمسني منه شئ

كان ظلا يشبه بوذا يتقوس فوق رأسي

ويدا مثل يده

تُمسح من فوق كتفي الأثر

ان تكن بوذيا

يمكنك التخلص من بوذا

وان لم تكن

فبوذا سيتشبث فيك

......................

 

مع بوذا مرة اخرى

 

على الغابة

ألقي نفسي

مثل دب في نهر

*

اسقط نفسي هنا احيانا

او كلما فكرت

بالقفز فوق العالم

*

تتعجب الأشجار

كيف يطير الكركدن ويحط مثل نملة

والريح لاتدري بما حصل

*

بوذا العظيم يرمقني برضا

وعلى فمه الذي يشبه فم السحلية

ترتسم ابتسامة

*

انا لست بوذيا ،اصرخ به

لكن ابتسامته لاتُهزم

مثل رائحة السنجاب المطارد

*

اعود الى البيت

وفي أذني أغنية

وبين أصابعي  زهرة لم اقطفها

*

غالبا لا أستطيع النوم

بوذا السحلية فوق سريري

وسنجاب على النافذة

*

لا أستطيع الصحو ايضا

فأحلام اليقظة

قد هربت

.................

 

مع بوذا مرة اخرى

 

كيف تكتب هذا الصمت

وانت لأتعرف كيف تستمع اليه ؟.

سألني بوذا دون ان ينطق

ولم يتحرك حتى ظل ورقة الموز

على صلعته الزرقاء

*

تقصدني عاصفة ترابية من بلادي القديمة

انا الوحيد الذي يسير متربا في هذه البلاد

مثل تمثال هارب من بابل

يقول بوذا بحماس شديد

وعلى كرشه الذي يشبه منطادا صغيرا

ترقص ظلال شجرة الموز

هذا ترابك ، لماذا تخجل

أيها العتيق مثل حكمة

والمندثر مثل اثر

آه يابوذا،

ايها الصعلوك الذي يتناول الفاكهة الطازجة

والملك الذي لاينش الذباب عن عينيه سوى الريح

لم تكن تلك حكمتي العتيقة

انه صمتي الطويل

 

في نصوص اليوم