نصوص أدبية

منصور ضيف الله: مواطنة

MM80كان الأمر أشبه بفجيعة، صدمة حقيقية، والصدمات عادة تمر، لكنها تبقى مدخلا ملائما لإعادة النظر في كثير من المواقف والرؤى . منذ صبيحة ذلك النهار وهو يعد نفسه للقاء "الشريف"،  ثمة أمور لا بد ان يعرفها، سأقولها بصراحة، وإيقاع منضبط . لن تند كلمة هنا أو هناك، سأكون حريصا على ايصال الرسالة كاملة، بكل حذافيرها، وهي من زمن تجثم فوق صدري، تكاد تثير جنوني، وتشعل هستيريا من نوع خاص، لن يقف حده عند فوضى عارمة، ولا خطاب ذاتي مرتفع، او مقالة في صحافة محلية، يقولون: محلية !!! وفي الحقيقة لا تتعدى أرنبة محررها، وبسطار رجل أمن، ومناكفة زوجة عنيدة  .

يمسح عن وجهه بقية نعاس، بقية طفر قديم، ينهض بتثاقل، يشعل بابور الكاز، كأس شاي، وخبز حاف، ثم يشق طريقه نحو قيادة البادية، "ليس مهما درجة مواطنتي، أو لوني، فقط ضبط إيقاع الكلام، وتناغم النبرة مع الحرف، دون تأتأة، أو تعرق، حتى وإن حدث، بطرف الكم ينتهي كل شيء" .

الوقت خائن، والخيانات قاتلة، وليس له إلا الوصول . على باب القيادة يستل هوية برقم وطني، يسيل لعاب الأماني، تزدهي الآمال، تتراقص بضع كلمات سجينة، ويدلف إلى قاعة فارهة .

يلتقطه حارس، يمشي به إلى قاعة أخرى، ويجلس . هل رأيتم فأرا تتدلى شفتاه، عصفورا يتقافز وراء الأسلاك، خروفا تحاصره الذئاب. يفجر خيالاته صوت رتيب صارم: الأخ مقابلة؟

نعم . بالكاد تتدحرج من الحلق . لا أدري، لعل أحرفها تناثرت في الفضاء، متقطعة متنافرة بلا معنى .

- ويعود الضابط : مقابلات خاصة !

- ولكني ..........

 

- مقابلات خاصة، يقولها بحسم  .

- يعني مواطنين خاصين ؟

- لا لا، المسألة مش هيك، مجرد مقابلات خاصة .

- وأنا؟

- أنت، أنت، أنت، أن.....، رقم هاتفك ونتصل؟

- ليس معي .

- اسمك؟

- منصوووور .

- نتواصل معك .

يتفقد "هويته"، بقية أجرة الطريق .

يصافح جبينه الشمس، وترحل عيناه نحو أفق بعيد .

 

في نصوص اليوم