نصوص أدبية

حمزة الشافعي: لا تقتلني (2)

hamza alshafiفانا مجرد ابن فلاح صغير،

يخدم فلاحا كبيرا

 


 

لا تقتلني (2) / حمزة الشافعي

 

قتلتني،

فانقطعت عني أخبار أرضي،

وتفاصيل حقولي الصغيرة؛

فمن يسقي شجرة اللوز؟

ومن يحمي بستان العنب والرمان؟

وما أخبار نخلتي الباسقة

التي تستقبل أطفال القبيلة

بابتسامة عريضة

في كل خريف

لترشقهم بأحسن حبات الثمر؟

كيف حال القط الأصفر

الذي يعشق مشاكسة كلاب مدربة

اختفت ألوانها

لطول حراستها لخزينة الدولة

في برد الشتاء

و تحت أشعة الشمس الحارقة؟

***

لا تقتلني إذن،

فانا مجرد ابن فلاح صغير،

يخدم فلاحا كبيرا

لم يحمل قط معولا أو محراثا،

وأنا ابن عامل قلما يعمل

في جنوب منسي،

لا يذكرونه إلا في محافل التضحية

ببضع عبارات ثناء يتيمة.

***

لا تقتلني،

قبل أن أرمم ذاكرتي

التي نالت منها  الحروب،

ومزقتها المؤامرة

والهجرة.

***

ها أنت قتلتني،

ألا ترى طيفي في منامك

كل يوم!

ألا تسمع صيحتي

من أجل الحرية،

كل وطن قادم

كل وطن ممكن!

***

لقد سقطت الآن أرضا

وتفاصيل جسدي

استولت عليها الدماء

بعد أن لطخت كل أحلام العودة.

لكن تذكر،

أنه عندما قررت قتلي

فقد بدأت تهاجم وطنا ممكنا؛

وطن إمكانية النهضة…

***

قبل أن تقتلني،

اعزف على مسامعي ببطء :

كيف سينهض الوطن

دوني ودونك،

نحن حافاته المنبوذة،

وهوامشه المتناحرة؟

***

لا تقتلني  إذن !

إن قتلتني

فأنا وأنت سنتداعى

ويحزن الوطن،

و سأرافق أحلامي إلى اللحد،

و ستسترق أنت في الحياة

في كل عصر

وعلى كل أرض… .

***

لا تقتلني،

كي نحمي أسوار الشتاء،

و نراقب كتائب الثلج،

حتى تخضع لقوانين الفصول

وحتى لا تفر من شتاء هادئ،

لتقيم مملكة برد

حيث يموت الأطفال،

كل يوم

في أحضان أمهات،

أتعبهن الصمود.

***

أقتلني الآن،

ترى بأم مصيرك،

ثمن دماء تسيل

وصخب زهور

كنت تظنها زهورا؛

زهورا متوحشة

ألقت العطر أرضا

و تمردت عن أعراف الجمال

عصورا عصورا.

 

حمزة الشافعي - تنغير/ المغرب

 

 

في نصوص اليوم