نصوص أدبية

فاطمة الزهراء بولعراس: اشتقتُ إليكِ أمّي

fatimaalzahraa bolaarasحنيني لرائحة عطرها

يقهرني .. يشد بتلابيبي

 


 

اشتقتُ إليكِ أمّي / فاطمة الزهراء بولعراس

 

اشتقتُ منديل أمي بألوانه يزهو

اشتقتُ يدي تلمس ضفائرها

تتمنطق حول خصرها

والحب يطوّقه بحزامه الفاخر

حنيني لرائحة عطرها

يقهرني

يشد بتلابيبي

يستوطن بلوتي

ومحنتي في رحيلها الباكر

عطر أمي ليس من باريس

ولم يهدِها أياه والدي في ميلادها

عطر أمي كان ينطلق أريجا من روحها

وريحا زكية من مبسمها الساحر

اشتقت أمي

اشتقت نارا توقدها كل صباح

تدفئ بالحب أعمارنا

تحرق  في أتونها أسرارنا

لهيبها كان بردا وسلاما رافق

خطوتي

كان سحرا فك بطلْسَمِه حيْرتي

كان شفاء لشقائي

وبلسما لجروحي

ودهريَ الحائر

أماه

اشتقت إلى روض الحياة

وكنتُ فيه فراشة

تلوّن الحياة بنورها

إلى نشيد العصافير تؤنس وحدتي

تحلق بي في جنات الخلود

وتجلو وحشتي

وتجتاحني وحشة حرّى

لفيضك الآسر

ويحضرن طيفُك يا أمي

يستوطن كل أوقاتي يرافق أحزاني

منذ اسلمتِني لفراغ كنت أخشاه دوما

وليل استطال دهرا

وزمن غادر

و غادرت ذات فجر

لم يشرق بعده صبح

وغمر الليل بسواده أياما لست أعدّها

فليس لها وجود في ملتي

ولا لمذاقها طعم

مذ وقعتِ برحيلك غربتي

وبصمتِ دهري بحزن

ألفني والفتُه

ولازلت تسبحين في نهر الفراق

ممتدا على مدمعي الهادر

يا أمي

لم يبق لي بعد الفراق

سوى حروف تبكي ألمي

وتقهر بالصمت أسئلتي

تتلون بلون السواد والبعاد

وأشواق تحيّرني وأحيّرها

وحنين إلى هنيهة ألقاك فيها

فأقيم للدنيا أفراحا أحتفي فيها

بما ضاع  من عمريَ  الخاسر

اشتقت يا أمي لشمس تشرق

من ثغرك الجميل تتلألأ بالحنان

لقمر يضئ في عينيك

تهدا فيهما روعتي

وسأدفع عمري من أجل لمسة

تضمّد لهفتي

وتعيد ألق الوجود في مقلتي

اشتقت يا أمي لاسمي

تلفظه شفتاك فأزهو

فقد كرهتُ ألقابا لا تشبهني

ولا أشبهها

واشتقت أن أكون أنا

فقد أصبحت أخرى لا أعرفني

ولولا أنك في دمي تنسابين

لما عرفت شيئا مما يذكرون

ولا أمسكت يراعي

ولا خط الفؤاد بالأسى

على صفحات الروح جماره

ولا أولمتِ الرّوح للحزن

تحت أعراش ذكراك وذكرياتي

ولا رقصتْ على لحن الموت راجفة

وباحت بسرها الأثير

وناحت لحظها العاثر

 

فاطمة الزهراء بولعراس

 

في نصوص اليوم