نصوص أدبية

باسم الحسناوي: النكبة

basem alhesnawiأوْطانُكم من رمالٍ لا ثباتَ لها

مهما ابْتَنَتْها يَدُ البَنّاءِ تَنْهَدِمِ

 


 

النكبة / باسم الماضي الحسناوي

 

بهيئةٍ هوَ باكٍ مثلُ مُبْتَسِمِ

كأنَّهُ خارجٌ توّاً منَ الرَّجَمِ

وما تخلّى بيأسٍ عن تفاؤُلِهِ

وإن دعا الناسَ أنْ ثوبوا إلى النَّدَمِ

ولم يكن ذات ثُكْلٍ قاطعاً رحِماً

برغمِ ما طَعَنَتْهُ مُدْيَةُ الرَّحِمِ

ألقى على صخرةٍ صمّاءَ خطبتَهُ

وحينَ منها انْتَهى أهْوى على الكَلِمِ!

مُبَعْثَراً كانَ مقسوماً إلى كِسَرٍ

يرعى لها ما استحقَّتْهُ منَ الذِّمَمِ

كانت لهُ الوجهَ حرباءٌ يلوِّنُها

بحَسْبِ ما هوَ يبغيهِ من القِيَمِ!

فإن يشأها تكُنْ صفراءَ فاقعةً

وإن يشأ تكُ حمراءً كأيِّ دمِ

وإن يشأ تكُ لا لونٌ يميِّزها

لأنَّ ألوانها اشتُقَّت من العَدَمِ!

قال العقيدةُ مَن؟ إنَّ العقيدةَ ما

يحقِّقُ الغايةَ القُصْوى لمُعْتَصِمِ

إن قيلَ يا أيُّها الإنسانُ ذا بَطَرٌ

ما أنتَ فيهِ وإنَّ الظلمَ كالظُّلَمِ

وأنَّ ذا صَنَمٌ ما أنتَ عابدُهُ

فلْتَحْمِلِ الفأسَ ولْتَهْجِمْ على الصَّنَمِ

سينبذُ الدِّينَ في رُكْنٍ وزاويةٍ

ويَنْتَحي جانباً عنهُ كذي صمَمِ

لا يعبدُ المرءُ إلا ربَّ غايتِهِ

فذاتُهُ الربُّ إنْ يَسْجُدْ وإنْ يَصُمِ

قُلْ لَيْسَ مِنْ جَنَّةٍ أو ليسَ من سَقَرٍ

ولن ترى الفرقَ بينَ النّاسِ والبَهَمِ

الألمعيُّ الذي داراهمو ومضى

لا كارهاً لهمو.. لا مُغْرَماً بِهِمِ!

***

أوْطانُكم من رمالٍ لا ثباتَ لها

مهما ابْتَنَتْها يَدُ البَنّاءِ تَنْهَدِمِ

قَبْلي غدا المتنبِّي دونما وطنٍ

لولا انتماءٌ إلى العَلْياءِ والهِمَمِ

شِعْري أنا وطَنٌ كالطَّيرِ يتبعُني

إنْ ذدْتُهُ ضَجِراً عن هامَتي يَحُمِ

مواطنوهُ أشدّاءٌ وتحسبُهُم

من رقَّةِ النَّفْسِ روحَ الصَّبِّ في النَّسَمِ

هم السكارى.. وإنَّ الخمرَ مُعْتَصَرٌ

من نَخْلَةِ الحبِّ أو من كَرْمَةِ الشِّيَمِ

أصبحتُ أحْفَلَ شخصٍ بالفرادةِ مُذْ

شَيَّدْتُ لي وطناً فذّاً من النَّغَمِ!

***

يا أيُّها المجدُ حدِّثْ عن معاركِنا

عن كلِّ منتصِرٍ فيها ومُنْهَزِمِ

قل إنَّ منتصراً فيها كمندحرٍ

وإنَّ منهزماً فيها كمُخْتَرَمِ

حدِّث عن البدءِ أيضاً.. عن نهايتِنا

عن جانِحينَ إلى سلمٍ ومختَصَمِ

قل إنَّ بدءاً شرعنا فيهِ أذْهَلَنا

عن أنَّنا شرُّ عنوانٍ لمُخْتَتَمِ

وأنَّنا لم نحز تقوى تروحُ بنا

إلى الجنانِ ولم نهنَأْ كذي ضَرَمِ

تلك الخساراتُ ما أشْهى فواكهَها

هاتِ الخسارةَ.. أطعِمْها لكلِّ فَمِ!

لا تَنْتَبِهْ أبداً.. أو فانْتَبِهْ.. فإلى

لا شيءَ تفضي دروسُ الطِّرْسِ والقَلَمِ

ولا تقِفْ.. أو فَقِفْ مستهزِئاً بَرِماً

إذ يقرؤون نشيدَ الحُبِّ للعَلَمِ

طُفْ حَوْلَ نفسِكَ، أو طُفْ حَوْلَ كعْبَتِهِمْ

فليسَ من صلَةٍ بالبَيْتِ والحَرَمِ

عانِقْ حبيبَكَ أو فاتركْهُ مُطَّرَحاً

سيَنْتَهي الحبُّ مطعوناً إلى رَمَمِ

قد كانَ في حُلُمٍ عن نكبةٍ عوَضٌ

والنكبةُ اليومَ يا مولايَ في الحُلُمِ!

 

في نصوص اليوم