نصوص أدبية

جمال العامري: مدينة السلام

MM80دمها المسفوك، يُراق في كل الأمكنة

باسم الآلهة، والهادي المنتظر

 


 

مدينة السلام / جمال العامري

 

ثمّة مدينة، لا يأبه بها أحد

تتقاطر وجعاً من شهوة الموت

وفيها يبنت الحلم بذاكِرة مشوّهة

يتناسل من قُنوط الشّبق

عينيها تتفتق عن ألم

ترمي دموعها جِماراً

ووجهها الصّبيح غارقٌ في الحزن

موبوءٌ بالقلق

دمها المسفوك، يُراق في كل الأمكنة

باسم الآلهة، والهادي المنتظر

في ظل صمت العالم

وتغاضٍ مُلفت للأمم المتفرِّقة

المُغلّفة بديمقراطية السولفان الكاذِبة

والمتوحِّشة

وتجاهل تام لمنظمات حقوق الإنسان

وصمة عار على جبين الدهر

سيقذف بالمجرمين إلى مزبلة التاريخ

ويذوب الظلام في وميض الغسق

مدينة السلام جاهزة للحرق

تحت الرّكام

تمشي فوق بحيرة من دِماء

مجرورة الإنكسار

يُحاصرها الموت من كل الجهات

يتناقلها الناس بهدوء

يُصعِّروا نافرين من مشاعر العطف والشفقة

ويقرؤها بصمتٍ على صفيح الورق

طائرات التحالف العربي

تُحلّق في فراغ الأمنيات

محشوّة بالرصاص الحارقة

والقنابل المحرّمة

لا تفرق بين جبروتٍ

أو قلب طفل يتيم فقد أبويه

تحت الركام

يُسقى وجهه حلمٌ كفيف

يرسم وعداً لغدٍ آتٍ

يتهجى لحضة صمت

صرخته اليتيمة تثقب الأشرعة

تنحني وجعاً على فلقة الفؤاد

وتظراته في قلق

الموتى كثيرون

والمقابر الجماعية تكتظ بالأضرحة

فيالق الحرب يرسمون بسلاحهم مجزرة

باتهامات باطلة

وسط دخانٍ معتم وضبابي

يسوده التظليل والتعتيم

لا يرحم طفلة ولا يرق

وحيدة كالغريب

وليس معها أحد يُميط عنها الظلام

تُنازع أثنى عشرة كوكباً

وآخر تدلى من السماء

لا الصباح يُقلّم أحزانها

ولا الليل يُقيها من صهوة الأرق

الجُنون يتراقص على رأسها

يقطف عناقيد العنب قبل نضوجها

وحبّات التفاح والرمان بلا حساب

ويقطع كل نخلة تلوح في الأفق

هولآء المصابين بهستيريا الأسئلة

يحصون أقلامهم في العراء

يتجشأون القصائد والخطابات

في مهرجانات الكلام

يستظلون تحت مظلة الصمت والخيانة

ويقومون بدور الحمام الزاجل

بأسناغٍ لائقة الحضور والسرق

لا يملكون جراءة الخوارج

صاروا أبواقاً أو صدى لأكداس أصوات نشاز

خيطاً من الصمت والإرتباك

يتلوّن بنقود الأعداء

يتواطأ مع المجرم

يتصاعد مع تصاعد هذا الغسق

وآخر يتدفق ألقاً في العروق

مُصفى من الشوائب

ويتأله في الفضاء كالشفق

 

.................. جمال العامري

 

في نصوص اليوم