نصوص أدبية

حسن رحيم الخرساني: نحن الذين سقطنا جميعا في الجب

hasanrahim alkhorasaniلا جديد ..كي نتأملَ

نحنُ العرب قناني فارغ تعوي بها الرياحُ

 


 

نحن الذين سقطنا جميعا في الجب

 حسن رحيم الخرساني

 

الوطنُ الحبيبُ الذي كان يمنحُنا السلام،

لوثوا قميصَه ُ بدم الكذب

أحزابٌ تنهشُ بأنفاسِه ِ

دين ٌ لا علاقة َ له ُ بالرب

مذاهبُ صُنعتْ خصيصا للعراق

لها أنيابُ داعشية

ووجوه مبرمجة لابتسامات مؤدلجة

الوطنُ الوحيد الذي كان يتيما ً

(هو العراق)

ومازالَ يتيما ٌ

وسيظلُ يتيما ً

لماذا أذن

يُتهم ُ بجرائم الحرب

لماذا تجعلونَه ُ أوكارا ً للإرهاب

وأنتم ساداتهم .

 

2 ـ

على رؤوسِنا

بُريلمانٌ أعرجُ

و

أصلع ُ الضميرْ!

فيه ِ نهيق ٌ غامض ُ

لم يأت ِ

لا من أسد ٍ

ولا حميرْ!

هناكَ ظلُ واقفٌ

قرارُه ُ هو الأخيرْ

لاتفرحوا

لا تحزنوا

الكلُ قد يطيرْ

بنظرة ٍ..أوهمسة ٍ

لأننا ... قشُ

أحلامُنا تركضُ في المنفى

ونحنُ خلفَها ندور ...ولا ندورْ

نزرعُ في الرمال ِ

والقبورْ

فصولُنا إمراة ٌ عارية ْ

تجهضُنا.. تلعنُنا ..وتضحكُ

يا سيدي

نحن هناكَ ..أو هنا

ضمائرٌ مستترهْ

وجوهُنا مزوره ْ

يا سيدي

على رؤوسِنا

بُريلمان ٍ أعرجُ !

 

3 ـ

جلسَ السوادُ ...رمادُهُ بينَ العيون ِ

تنوحُ في فمِه ِ البلادُ !

موتى تُقاتلُ بعضَها

قبرٌ يُحدقُ جائعا ً

صمتٌ مُمزقُ

ظلٌ يمدُ يداً

إلى يده ِ

لا صوتَ إلا الخوفَ

دمدمَ هامسا ً:

هذي النهاية ُ

والبداية ُ

والنهاية ُ

والـ ..

لكنّ يوسفَ لم يزلْ في الجب ِ

في بغدادَ

يا يعقوبَ

عادوا.

عادوا

كما جلسَ السوادُ

وصداهمُ

هذا السواد ُ!

 

4 ـ

مُتّكأ على ظله ِ..يحلمُ بالشمس

ثمةَ قبرٌ طويلٌ أبتلعَه ُ بصمت

 

مثلَ قنينة ٍ فارغة ٍ حبلى بنا

ــ نحن الكرة العالقة ــ

بين داعش الموت وداعش البرلمان .

 

6 ـ

كلُ المسافات ِ في رأسه ِ عبارة ٌ عن كرسي

يضمنُ له الفوز بـ (جنة ) الدنيا،،

وكذلك الفوز بـ ( نار جهم ) في الآخرة .

 

7 ـ

في القبلة ِ الأولى

أحتشدَ الجسدُ برمته ِ وطارَ من القلب ...إلى القلب!

 

8 ـ

لغة ٌ توزعُنا شظايا ، نحن الذين سقطنا جميعا في الجب .

 

9 ـ

تجاهلتَ موتَكَ، فأنتَ العراق ُ

ربيعُ العيونِ لنا سُلمُ

رأيتُكَ فينا دُعاءَ النخيل

وقلبُكَ نورٌ بنا مُغرمُ

 

10 ـ

لا جديد ..كي نتأملَ

نحنُ العرب قناني فارغ تعوي بها الرياحُ

 

11 ـ

قالَ جلجامش :

أياكم أن ترقصوا أمامهم

فأنهم سيغسلون أحذيتهم بما تبقى

من مطر ِ وجوهكم!

 

12 ـ

وقفُ أمامَ ظله ِ صارخا ً

متى نلتقي؟

 

13 ـ

لي طريقي ....ولكم الإنتخابات

أنا قامة ُ النهرين ِ

يمنحنُي النخيلُ

أسمي

ورسمي

وهويتي

أما أنتم

فتمنحكم الكراسي

زبدَ البحر.

 

14 ـ

قبلَ أن يبزغَ الفجرُ

رأيتُ عصفورينِ ..نخلتين ِ..نهرين ِ على قلبيهما مقابرُ جماعية ٍ تصلي

قلتُ للشمس ِ لا تشرقي قبلَ أنْ تقفلَ القبورُ ابوابَها .

 

15 ـ

وهي تركضُ بإتجاه ِ حبيبِها

سقطَ منها ظلُها

حينَ وصلتْ

تركها قلبُها ورجعَ إليه .

 

16 ـ

الخارجُ منا ....لانعرفه ُ

الداخلُ إلينا ... لانعرفه ُ

نحنُ مثلَ تفاحة ِ نيوتن

سقطنا على كوكب ٍ ... لا نعرفه ُ

أبتسمَ إلينا

ثم راحَ يأكلُنا

واحدا ً

واحدا

ونحنُ

لا ..

 

 

 

 

 

17 ـ

لم تكنْ عيونُهم نجوما ً بسبب سواد رؤوسهم الحالك

ألسنتهم طحالبُ مستوردة لأنهم بلا وطن،، أستعمروا الرمالَ

ثم شيدوا لهم طرقا ً تُضيءُ لهم أبوابَ الأختلاس ،،،

لم يكونوا من سلالة ِ جلجامش

ولا من مسلة حمورابي

وليس لهم علاقة بعدالة علي بن أبي طالب

ولا فتوحات عمر بن الخطاب،،

بل كانوا جميعم قادمون من دوائرَ مغلقة، أو قلْ: من دوائرَ مفتوحة على الإنغلاق، وفي كلا الحالتين هم لاينتمون إلى الشمس ،،

تعرفهم من أصابعهم التي لها أسنان كلب مسعور، وعيونهم التي لها زوايا تشتعلُ بأصوات ِ مواتى بلا أطراف،،وكذلك تعرفهم من خلال ساحات الحرب التي تتكور بسيمائهم!

إنهم جاءوا إلى الوطن بعمامةٍ واحدة ٍ حبلى بقبور ٍ جائعة!

 

18 ـ

تعلمَ أن يقودَ عزلتَه ُ إلى البحر كي يستريحَ الصمتُ من عواصف بقاياه .

 

19 ـ

بلد ٌ يعشقُ الموسيقى والورد والجمال

وبلدُ يغرقُ في الدم ويُغني للحرب والموت

وأنا بينهما نهر ٌسكران ٌ يكتبُ بالموج ِ أسرارَ المنفى.

 

20 ـ

مشرقا ً بالبياض ذلكَ القلبُ الذي ينتظرُ وعلى أحلامه ِ ترقدُ الشمسُ.

 

21 ـ

أثوابٌ ممزقة ٌ لا علاقة َ لها بالشرف، بل ببياض الشرف ..بلد ٌ يتساقط ُ رطبُه ُ بأيد ٍ داعشية ِ التجسيم ،  لها زوايا تمنحها حق القتل والدمار أمام َ العالم، حتى يبقى (هذا الوطن) يتيم المعرفة يتخبطُ في الجب،،، ِتحكمُه ُ الخنازيرُ المدللة ُ السمان.

 

22 ـ

من داخل ِ القلب ِ أفتحُ للنخيل ِ كلَ المساجد

فأنا الطائرُ الوحيدُ الذي لم يلوثْه ُ ولن تلوثَه ُ

التياراتُ الحبلى بسموم المجرمين .

 

23 ـ

لا شرفَ لك ِ أيتها الحرب

تفتحينَ ساقيك ِ أمامَ الكراسي

وأبوابَ القبور

أمام َ النخيل !

 

24 ـ

بينَ رغبة ِ الحرب ..ورغبة ِ الحب ِ

عودُ ثقاب ٍ معاق

لم يخبرْني شيئا

أنا حارسُ الشمس

أفهمُ دموعَ لغتي

ورغمَ هذا

لم يخبرْني شيئا.

 

25 ـ

المسافة ُ ما بيننا قبلة ٌ

حينَ أشتعلتْ

كنا كلانا رمادا.

 

26 ـ

أُحاولُ أنْ ...

أمنحي أذن ..لغة َ النهر

حتى أغيثك ِ بعيون ِ النوارس ِ حينَ يُغازلُها الموجُ

كلانا  ــ أيتها السومرية ـ

لنا أصابع ُ من قمح

وشفاه قطرة ُ مطر

وعيونٌ  من حدائق َ إبتسامة طفل

لنا

أسرارُ نجوم ٍ منعزلة ٍ تمارسُ طقوسَها في الصباح

لنا

خجلُ القصب أمامَ القرويات

أُحاولُ أنْ..

لكنني ــ أيتها السومرية ــ

أغرق ُ في المنفى !

 

27 ـ

ألتفتتْ عيناها بإشارة ٍ عطشى من القلب

لكنّ الموتّ سرقَ منها طائرَ الحبِ،

سقطتْ وعلى وجنتيها حدائقُ تزدهرُ بالنور.

 

28 ـ

لم تبقَ في وطني تربة ٌ لنا

كي تكون حبيبتي سنبلة ً

وأكون أنا مطرا لها.

 

29 ـ

لم نعدْ شيئا ً..بعدما أصبح الوطن أسيرا ً بأيدي الخونة.

 

30 ـ

جميعهم يُكذبون

الصادقُ الوحيدُ بينهم هو ـ الكذب ـ

فأنا أثقُ به ِ حينما قالَ لي:

بأنّه ُ يعرفهم تماما

وهو منزعج ٌ كثيرا ً من هؤلاء الذين يسرقونَ ثوبَه ُ، ثم يلوثونَهُ .

 

حسن رحيم الخرساني ـ السويد

 

 

في نصوص اليوم