نصوص أدبية
كريم مرزة الأسدي: (إنسانٌ وإنسانٌ): حتّى يُقالَ إلى الإنسانِ (إنسانُ)
قصيدة نظمت بمناسبة اليوم العالمي
لحقوق الإنسان (8 / 12 من كلّ سنة)
(إنسانٌ وإنسانٌ): حتّى يُقالَ إلى الإنسانِ (إنسانُ)
كريم مرزة الأسدي
البحر البسيط
الإنسُ إنسٌ ولم ينقصْهُ عنوانُ ** دهداهُ للجور ِطغيانٌ وإذعانُ
حرية ُ المرءِ قبلَ الخبزِمطلبُها * إنْ أدركَ المرءُ أنَّ الخبزَ سجّانُ
كفرتَ باللهِ إنْ لم تستقم خـُـلقاً ***وإن أحاطُكَ انجيــلٌ وقــرآنُ
عجبتُ ممن يفيضُ الوسعَ محتملاً * إذْ حلَّ قلبهُ شيطانٌ ورحمانُ
كأنهُ دونَ بدءِ الخلقِ مرتبةٌ ***لا يرتضي مثلها غولٌ وحيوانُ
أين الإلهُ ؟ بلفظٍ أنـــتَ تذكـرُهُ ** إنَّ الإلهَ مـدى التاريخِ وجدانُ
***
الإنسُ إنسٌ ولم ينقصْهُ عنوانُ *** دهداهُ للجورِ أشـباهٌ وطغيانُ
يا ليلُ مالكَ في اطفاءِ جذوتنا **فهلْ ستُــخفى بغسق ِالليلِ نيرانُ؟
من قبل ِسـبعةِ آلافٍ وموطنُنا *** رمزُ الرقيِّ وللإنسان ِ عنــوانُ
يستكثرونَ عليكَ المجدَ هل ذكروا **من بعدِ مجدكَ رومانٌ ويونانُ؟
هنا الحضاراتُ قد شادتْ ركائزها ** فسائل ِالدهرَ إذ كنّا وإذ ْ كانوا
مَـنْ استطالَ مع الدنيا لغرّتها ؟ **وأين حطّتْ بثقل ِالفكر ِ أديانُ؟
ماذا عليكَ إذا أُخمدتَ في زمنٍ *** مَنْ فاتهُ زمنٌ جاءتهُ أزمانُ
حاشاكَ يا مُلتقى الأفذاذِ منعدماً **فللشهامةِ يومَ الضنكِ فرسـانُ
ليسَ الترابُ ولا الأحجارُ موطننا *إنْ القلوبَ ووسعَ الصدر ِأوطانُ
سنزرعُ الأملَ المنشودَ فــي بلدٍ **فدجلة ُ الخير ِعنـدَ القحطِ ملآنُ
إذا خبا الحقُّ يقفو مَـنْ يؤجّجهُ **** فقدْ تعــاقبَ إنسـانُ فإنسانُ
***
لو كان يدركُ مَنْ ساءتْ سرائرهُ ** إنّ الحضارة َألطـافٌ وإحسانُ
تسريحُ نفسكَ ظلماً رحتَ تضمرهُ ** لا يرتقـي شأوهُ خيرٌ وإيمانُ
هذي الخلائقُ أورادٌ منسـقةٌ * **منْ كلِّ جنس ٍعلى الترباءِ أفنانُ
فالارضُ مزرعة ٌللناس ِتنبتهمْ**فالعربُ روضٌ وأهلُ الصـين ِبستانُ
لو أنَّ كلَّ بقاع ِ الأرض ِ يمـلؤها ***خلقٌ تشـابه هــدَّ الخلقَ خلقانُ
ما كان نيسانُ تهواهُ القلوبُ شذىً ** لو أنَّ كلَّ شهور ِالدهــر ِنيسانُ!
إنَّ التافرَ عقبــاهُ لجاذبــةٍ ***** والوصلَ لذتـــهُ وجدٌ وهجرانُ
سبحانَ من نوّعَ الإنسانَ لهجـتهُ *** وعرقهُ كـي يقيمَ العدلَ ميزانُ
سبحانَ من لبّسَ الآنامَ زخرفــــةً**تـُـمتـِّعُ العينَ أزيــــاءٌ وغـزلانُ
تسيرُ في جنّةِ النُّعمـــى وتغفلها **فانْ سُوْحك فـي الاحياءِ سلوانُ
وسائل ِ العزة َ القعساءَ مُذ خُلِقتْ **أنّى يُعــــزُّ بلا الإنسـان ِ إنسانُ
***
لا يستقيمُ مدى الأيّام ِ إنسانُ *** وجهــانُ للنفسِ سفاحٌ ورحمانُ
طوراً يسبّحُ للرحمـان ِ مغفرةً ** وتارةً فيه تجــديفٌ وبهتـانُ
سل ِ الأُلى من أبـي ذرٍ بربذتــهِ ** أو مَـــنْ تزّهــدَ عمـارٌ وسلمانُ
ماذا تحقـّــقَ من شرع ٍ بذمتهم؟**وأيــن نكرانُهم للذاتِ مُذْ كانوا؟!
غطـّى عليهمْ بريــقٌ لبّـهُ صدأ*** تسمو الرجالُ بأشكال ٍ وتزدانُ
أضحى البريءُ لفي جرم ٍ ولاسببٌ*والجـرمُ يزهوبفخرٍ وهـو عريانُ
حتّــــى كهلتُ و أيّامي تعلّمني** فـي كلِّ ألفٍ من الآناس ِ إنسانُ
إنَّ الحــــكيمَ يرى الدنيا كعاقبةٍ* ياليتَ جمعَ الورى في العقل لقمانُ
لقــــــد بلغتَ إلى الإنسان ِ منزلةً**لو أنَّ خصمكَ في وجهيكَ إنسانُ
***
يا أيها العقلُ مَن أعطاكَ مكرمةً؟ً ** فالعقلُ نابٌ وفكرُ الناس ِ ذيفانُ!
نخشى الكواكبَ منْ مجهولها خللاً** وذرةُ الارض ِ تدمـيرٌ ونيرانُ
هذا الوجـــودُ لفــي طيّاتهِ عـــدمٌ*** وفي الحقائق ِ إثبـاتٌ ونكرانُ
ماذا بقى بعقول ِ الناس ِ يدهشُـها؟ *عشــرونَ مليونَ في كفٍّ وإنسانُ!
***
إذا تأملتَ لمحَ العمـــر ِ يخطفـهُ**رمسٌ وفيهِ من الأضدادِ ألــــوانُ
ضربٌ من العجز قبلَ الموتِ يُرهبنا**ولفلفتْ بعـــدهُ الترهيبَ أكفانُ
لِـــمَ التجبرُ والدنيا لنا عِبـــرٌ؟! *** حصيلة ُ العمر ِ لحـدٌ فيه جثمانُ
وإنْ سموتَ على الجوزاءِ مرتبةً***سـتقهرُ الرفعة َ العــــلياءَ ديدانُ
أجلُّ أعمالكَ الفضلى وصـالحها** نفحٌ من الطيبِ: غفرانٌ وتحنانُ
ما أبلغَ المرءُ إنساناً بعاطفـةٍ !**** إذا تهاــــفتَ للإنسان ِ إنسانُ
***
حبُّ الطفولةِ إيمــانٌ ووجــــدانُ** نبعُ الوجودِ ، وللأوطـــان ِ أركانُ
لا يعبقُ الوردُ إلّا مِنْ تنسّـمها** عبـــثٌ و لهـوٌ و للأنفاس ِ ريحانُ
لا تشرقُ الشمسُ من علياءِ دوحتِها ** إلّا كوجهِ صبيٍّ وهـــو جذلانُ
عينُ الطفولةِ قرّتْ وهي حالمةٌ**لم يبقَ في الأرض ِ تشريدٌ وحرمانُ
وللحياةِ ضـروراتٌ وأعدلــُها*** في حزن ِعَـمر ٍ يسرُّ البيتَ عمرانُ
سبحانَ من أودع الإنسانَ بدعتـهُ**قــَـدْ ولـّـدَ الفــردَ باللــذاتِ إنسانُ
***
جمعية ٌ باركَ اللهُ الجهــودَ بهـا*** فكلُّ جُهـــدِ لها فضـــــلٌ وعرفانُ
أمينـة ٌ في مساعيها موثقــــةٌ ** فالشرُّ متـَّهــــــمٌ والحـقُّ سلطـانُ
جلَّ الدفاعُ عن المظلوم ِ مكرمـةً**سيفٌ عـلى الجرم ِبالحدّين يقظـانُ
نبــــلُ الجهودِ بـأنْ نسعى لغايتِها ** حتّـى يُقالَ إلـى الإنسان ِ(إنسانُ)
...................
1- هذا الخلق خلقان: أي فسد الخلق وبلى, لأن التشابه دليل على عدم التجديد، في التنوع تجديد للحياة واستمرار لتطورها.
2- الذيفان: السم القاتل
3- اذا نونت كلمة (عمرو) تحذف الواو ... عمران: اسم علم وفيه تورية للعمران والبناء واستمرار الحياة.