نصوص أدبية

حسن رحيم الخرساني: شاهدٌ على نصفِ وطنْ

hassan rahimينحني البابُ ولا ينكسرُ، المدينةُ أُنثى لها قامةُ رمادٍ،عيونُ رمالٍ تبكي،وعلى جانبي الطريق أشباحٌ في نُعاسٍ دائم أمامهم براميلُ نفط (في رؤوسهم فقط)، لا تُصدق السمك الذي رحلَ  تاركاً للنهر ذكريات غزل ٍ أبيض، أمي تقولُ ولا تقول، لقد رحلتْ قبلَ ان يتورطُ قلبُها بالديمقراطية، وأبي كذلك، كلاهما سعفتانِ  سرقوا منهما أسميهما ومنحوهما إشارة الدين!. العمامة ُ الوحيدةُ التي لم تقعْ تحت أقدام الكراسي هي الجوع.أركضُ مثلَ حروفٍ اصابَها إسهالُ بسبب فيروس الكذب. أقفُ ثانية ً، ثم أصرخُ بي:

 أركضْ أيّها الــ ..

 إلا إنني دون قدمينِ .

 هكذا ولدتُ أحملُ معي نصفَ جسد.

 قالتْ لي الحربُ :ـ أنتَ لغتي. لم يضحكْ ظلي لأنه ُ شاهدٌ على نصفِ وطنٍ لهذا بقي معي صامتاً كدموعِ بغداد.

أنا ثاني الملايين إذ هما في القلب ...أيُ قلب ٍفي هذا الكهف؟

ينحني البابُ ولا ينكسرُ.

النوافذُ غادرتْ ألوانَها .الترابُ يبصقُ على أقدامِهم .السماءُ تشتعلُ بالهواء المر.أصدقائي الطيبون نزلوا إلى أصابعِهم وقالوا كذلك .لم يبقَ إلا بائعوا الوطن. فتحوا كروشَهم حتى أصبحتْ مقابرَ!

غداً في أقصى الروحِ وردةُ جوري وآسٌ ودعاءُ أمٍ ونظرةُ طفلٍ يتيمٍ وما تبقى من حليب الطين.

غداً جميعهم يُشيدونَ العراقَ بنورٍ لا ينتمي إلّا إليهم،

إليهم فقط.

 

TRELLEBORG –SWEDEN

 

في نصوص اليوم