نصوص أدبية

بيت الصفيح وقصر الجِنان

شريعة نهْــب المال أضحَــت مباحَـةً

نَـغُـضّ لَـهـا طَـرفاً ونَــسكُـتُ كُـلّــنـا

 

بيت الصفيح وقصر الجِنان / جواد غلوم

 

تَـــبَــدّدتِ الآمـــال يَـــأسَــــاً ونَــكْــسَــــةً

فــلا طَــربٌ يَــسْــلِــي ولا رنّــة الــغِــنــا

لَـيــالٍ مـن الأحْــزان عِــشْـتُ بِــغُــربَـتـي

وأيَّــام قَــهْـــرٍ تَـعْـتَـعَـتْ خـافِــقِــي هُــنـــا

وأيّ مَــكــانٍ كــان سَــــلْــوى ومُــتْــعَـــةً

وأيّ زمــانٍ ظــلّ سَــــقْــمـا مُــسَــرطَــنــا

إذا لـم يَــكُــن مِـنْــكـم رجـــاءٌ ولا مُـــنَـــى

فـأهْــجـســكـم مَـــوتــى وقَــيْــدا مُــرقَّــنـــا

فَـمـا الـعـشْــب شَــوكــاً نـسْـتـلِــذّ بِــفـيْــئِــهِ

وهـل حَــسَــك السـعْــدان يُـثمر سَـوسنـا ؟؟

اذا بَــلَــغ الــشّـــكُ الـنــفــوسَ تَــخـاذلَــــت

فـلَــسْــت جَــديْـرا ان تُــــصــرّح مُـوقِـنــا

واكْــره مَــن يَــعْــرى ويَـكْــشِــف سِــــرّهُ

ولـيـت يـكـون الـمرء حِـصْــنـا مُـحَـصّـنَـا

تَــعــلّــم صفـات النـبْــل والعِــزّ والــنـدى

لتَـرقَــى إلـى الامجــاد أعـلـى وأحْـسـنــا

وكُــن قَـلـب بَـأس لا يخـاف مـن الــردى

ولا يَـتّــقي الأعْــداء والسّـيــف والـقــنــا

وكُــل عــذاب الــمـرء خـوفٌ مُـعــتَّـــق

وكـل صفــات الـسّـوء تأتي من الـوَنَــى

ولـو مَـلَـك الــعـبْـد الـقـبـيـح كَــرامَــــةً

لصـار نقِــيّ الوجْــه أبْــهَـى من الـسنـا

وكـم اكْـره الإنسـان لـو مـال مُـعْــجَـبـا

بِـأمْــوالِـــهِ فَـــخْـــرا وقــال : أنــا أنــا

فـان عَـفـيـف الـروح كـالـنهْـــر كـلّــما

تكاثرَ ماءً ؛ زاد في الـفـيْـض واغْـتَـنى

" اذا امْـتلأت كَـف اللئـيْــم مـن الغـنـى

تَـمايَـل إعْـجـابـا ، ما أحَـبّ وما حَـنــا

ولكـنْ كـريـمُ الأصل كالغـصن  كُـلمـا

تَـثَـاقَـل أثْــمارا، تَـواضَـع وانـحـنَــى "

فَــمـا حَـطّ وجْــه الـمـرء إلاّ هَــوانُــهُ

ولو مات عِــزّاً كان أجْـدى وأهْــونــا

أريــد لأهْــلي هَــدأةً يَــشـعــرونَـهـــا

جنانا بهـذي الارضِ تخضَــرّ موطنـا

وهل تَــدّعي بيت الصفيح ملاذهُــم ؟

متى عِـشَـشُ التعْـبى لتصلحَ مسكنا !

بـلادي تُـحيِـي الـشيـخ يـلبـس عِــمّــةً

ولــو كـان لُـوطِــياً بَــذيْــئــا وإنْ زنَـا

وتســتُـر مالَ الـسحْــتِ داخلَ جُــبَّــةٍ

فـوا عَــجَـبي حتّـى اذا اللصُ أعْـلَــنـا

شريعة نهْــب المال أضحَــت مباحَـةً

نَـغُـضّ لَـهـا طَـرفاً ونَــسكُـتُ كُـلّــنـا

نُـباركها شَــرعاً ونُــفْـتي بِــخـزنِـها

أليْـسَ حلالاً ان " تفرهدَ " مخْــزنــا

فَـذاك مِــتـاعٌ لـلـسنِـيْــن اذا كَــبَـــتْ

لو اسْـودّتِ الايـام في حالك الضنـى

كذا قضت الأوغاد في وطن الذرى

نَـعــيـش زمـانــا عَــفْـلَـقياً وأرعنـا

 

جواد غلوم

 

 

 

في نصوص اليوم