نصوص أدبية

مثوى ومنفى

فلا بــغداد تــسـلـيْــني

ولا شــامٌ ولا حيْــفــا

 

مثوى ومنفى / جواد غلوم

 

ســلاما ايّــها المنْــفى --- أتَــيتُــك راغِـبا زحْـفـا

هـنا في ربعكم أصحو --- هـنا الجنّاتُ والمشفـى

طمرتُ الحبّ في الأعماقِ -- ما أبدى وما أخفى

فلا بــغداد تــسـلـيْــني---  ولا شــامٌ ولا حيْــفــا

ولا نَــبْــضي لها رقّــا--- ولا جَــفْـني لهـا رفّــا

هنا في الثلج مغمورٌ-- نسيت الشمْـس والصيفــا

وفي بَــحبــوحة البــردِ--- أنــام الــليــل ملتَــفّــا

فلا امرأة تراودنـي --- تُريني الصـدرَ والردْفــا

بلادي موطنٌ شــحٌّ  -- وما اعْــطى وما أوفــى

سمائي تمطر التهديدَ ---- أرضي تأنـس النسفا

بلادي تمقـتُ الميزانَ--- تهوى الغبْـن والحيفــا

ضئيل مثل دود الارْضِ---- نزرٌ قاربَ النُتْـفـا

فلا حــبٌ دنــا مِـنِّي --- عبوسٌ فــارقَ اللطفــا

ولا مَــالٌ ولا جــاهٌ----- حنِــيـنٌ حامـلٌ خـفّــا

بلا رِجْــلٍ بلا عَــزمٍ--- كأيْــدٍ فــارقَـت كَــفّــا

انا في آخـر الطابوْرِ---- لو نَـظمـوا لنا صفّــا

كسيح الجسم مهذارٌ --- أقول المَيْـنَ والسخفـا

انا نسْـيٌ ومنسِــيٌّ---- رخيْـص مثقَلٌ حَـيْـفــا

لأني امقـت التـنكيلَ--- والتهـديـم والخــسْفــا

وبي فَـزعٌ من القـتْـلِ-- أذمّ الــرعْـب والعنفا

أحب السلم في الانسان-- نُعلّي العلم والحرفا

انا وحدي بـلا عونٍ---- فــريدٌ اكْـره الحلْـفـا

فأهلي طبعهم جُـرمٌ--- وكـلٌ يحـمل السيْــفــا

وجلّ سلوكهم دامٍ--- وطاغٍ يـشتهـي الحتْـفــا

فساستنا لئام الناس--- تهوى النهْـب واللغْـفـا

إلهي ضاق هذا الكونُ-- بيعت أرضنا وقْـفـا

هباتٌ قُدِّمت للشيخِ – ما أعطى وما استوفى

أكولٌ ، طامعٌ ، نهمٌ – فما استغنى وما عفّـا

يبابٌ حقْـلُـنا ، جُـدْبٌ -- وقفرٌ شابهَ النشْـفــا

اريـد الـماء فَـياضا-- فما أحـلى وما أصفـى

أظلّ أغصُّ مخنوقاً – وأنفث حسرتي أفّـا؟

 

جواد غلوم

 

 

في نصوص اليوم