نصوص أدبية

الفريسة

hamed fadilأنت يا امرأة تَسَيَدْتِ منبر الليالي، وظللتِ عاكفة في حضرة التاج والصولجان. تحرقين البخور، تشعلين الشموع، تعرضين بضاعة الحكي، وتنثرين حلوى الكلام. تقصين القصص وتطيلينها كي تطيلين عمرك. تَرْشين جلادك بالحكايات كي لا يجرد السيف من غمده. نعم أنت.. أعنيك أنت،. ألستِ التي اتقيت بدرقة الحكي سيفاً تسلط فوق رقاب العذارى، حيث لم تكن فيهن واحدة مثلك تجيد نسج الحكاية بنول الكلام.. ألا تسمعين.!! الديك صاح، أتى الصباح، ولم يعد الكلام لك مباح. أنتِ اعتليتِ منبر الحكي في الليالي، وأنا أعتليه في الأصباح. لقد حان دوري، فهلا تخلّين لي زمام الحكي، وستسمعين ما لم يُحكَ من قبل للخلفاء، أو الملوك، أو المدمنين الأرق. وقد تسألين: مَنْ أنت يا مَنْ أتيت تنفخ في جدثي.؟ وأُجيب، هل مُتِ حقاً؟ إنَّ شكي بموتك ما يزال مريب. وهذي الليالي وحكاياتها التي ما تزال إلى اليوم تُحكى، تؤيدني فيما ذهبت إليه.. أنا غير ذاك الذي ظللتِ لألف ليلة وليلة تقصين عليه أجمل القصص، وتخشين أن يصله بريد الملل، فيفصل رأسك عن كتفيك.. إعلمي أن لا قصر عندي، ولا فوق رأسي تاج، ولا بيدي صولجان، ولا جند تحمي ثغور قلاعي، ولا يسرع بين يدي الخدم .. أنا أيتها الحكاءة بكل بساطة، حكاء بدوي، أعرض بضاعة الكلام كما تعرضين، فدعيني أنصب خيمة على سجادة الصحراء بين البئر والسدر، لتسترنا عن عيون كائنات الرمال. سأجمع وَقْدة من أغصان شجر الغضا فطوراً لموقد هذا الصباح، أوقد النار كي يشيع في الخيمة الدفء. أدس الدلال بجمر الغضا، لأعطر الخيمة برائحة الهيل والبهار، أَجْلَى الفناجين، وأعد لك متكأ يطل على مرايا الرمال مسفوحة بلا أطر، حيث لا مصدات تمنع عينيك أن تسرحا في مراعي المدى الشاسعات.. هلمي تعالي لأحكي لك، وأصبري فالحكاية عندي مقدسة، لها طقسها وشعيرتها، فلا مشموم يزين مائدتي، ولا زق خمر يترع كأسي، ولا ندماء أجالسهم، ولا في خزائني غنائم حرب، ولا نساء سبايا، إذا ما انتشيت أضاجعهن، وأقتلهن إذا ما غضبت، ولا شعراء، ولا محظيات، ولا راقصات، ولا عازفات، ولا من تغني وترقص آخر الليل لي بمجون لتثيرني قبل أغارة خيلي على ثغور الحسان، هلا اقتربت، نعم هنا مكانك فخذي راحتك.. سأستهل حكايتي مثلما كنت تستهلين حكايتك، فأقول: بلغني أيتها الراوية السعيدة، أن بدوية معمرة رشيدة، عاشت ببادية السماوة العتيدة، حكت لأحفادها قرب موقد الشتاء حكاية عن صبية قصدت البئر تستسقي ذات صباح، فقالت: الليل قوض بيته، وراح ينأى تاركاً وشماً من الغبش الشفيف على التلال، وبدا لعين الأفق بَيْتُ الشَعْرِ خالاً فوق خد من رمال، وعلى ضفاف الفيضة الخضراء حطت قبرات، واختفت في فروة العشب المبلل بالندى، وتطلع الصقر الذي يختال أعلى وكره بالحبارى العائدات الى الديار، لعل أحداهن تنظر في عينيه فتعرف أنها طريدته، سيفصلها الخوف عن سربها. تحط، تحلق، تناور، تهرب، تقاتل، تدافع، تتخبط، ترشقه بالذروق، ولكنه في آخر الأمر يصطادها لا محال.. وسيفرد النسر جناحيه، يبكر في ارتقاء الجو بحثاً عن طرائد، ولربما انسابت أفاعي الرمل نحو جحورها ملأى البطون، أو قد يمد الضَبُ كفاً كي يعيد حصاته التي تُرِكَتْ طوال الليل خارج جحره، ويروح يلحس ما تجمع من ندى فوق الحصاة، وإذا هوت من فوق ( كارتها 1) القريبة حجارة، سحلية ستزوغ عنها، ويختفي اليربوع خوفاً من الكلب السلوقي المفكر بالفطور.. الليل ولى ساحباً أذيال ثوبه، وكائنات الليل تتبع ليلها، والفجر يختال بخطو وئيد، لتستهل الكائنات نهارها، هي سنة الصحراء مذ وجدت، لا آكلٌ يبقى ولا مأكول، وهناك خلف ستارة الغيم الشفيف، قمر خجول متشبث بالأفق لا يرضى الأفول، لكنه سرعان ما ينقلب على عقبيه، حين يرى سفيرة الفجر الجديد، محمولة على سنام الشرق، وكأنها بدوية في هودج فوق البعير، وعلى سجاجيد الرمال بها يسير، حيث الكلاب المتعبات الناعسات، بسطن أذرعهن بعد ما بحت حناجرهن من النباح.. ومن المدى المسفوح نحو الأفق صوت قد تناهى الى بعير جاثم قدام بيت الشَعْرِ: (جُرن 2) الشروق يُدَقُ فانهض أيها الفحل الذي سموه (بالمرياع 3)، وَقُدْ الى المرعى النياق، فرغى البعير يقول: أني قد أفقت وأيدته إناثه، فعلا الرغاء لِيُسْمِعَ الشمس التي لما تزل تخطو على مُهَلٍ، وبأثره سُمِعَ ثغاء أطلقته بعض أكباش القطيع، لكنه قد ضاع حين علا النهيق من الحمير.. وأَذّن الأفق المضمخ بالندى: يا كائنات البادية، هبي فذا فجر وليد، قد جاء يطرق باب يومكم الجديد، ومنازل الصحراء غير بعيدة عن نوره .. الليل ولى والصباح أتى لينصب خيمته، يعد موقده ويذكي جذوته، حتى إذا ما جاءت الشمس البتول، تخطو على الرمل البليل، ستهلل الصحراء هامسة بصوت العشب، حفيف أغصان السدر، وخفق أجنحة القطا، وتعد متكأ لها كي تستريح. هو هكذا أمر الصباح في كل يوم حين يسفح ضوءه فوق الرمال، تقوم منشدة إليه البادية، فيسير في خطو وئيد، ويروح يستمع النشيد، وعلى النشيد تقوم صحراء السماوة كي تضيف لعمرها يوماً جديد.. أزيح (محرم4) بيت الشَعْرِ عن بدوية هرعت الى الكانون. أذكت جذوة تحت الرماد، فانساب منها أفعوان من دخان، ولسان نار صار يلحس بالدلال. نهضت فبان قوامها كالخيزرانة. صبية سمراء فارعة، وكأنها خلقت لتعشقها الفلاة. سبقتها رائحة الانوثة الى أجمة السدر القريب، وهي تسير كأنها ( شف5) يروم الورد من ماء (القليب5). قبضت بكف مثل قبرة على الحبل الطويل. أدلت بدلو أترعته بما تدر الأرض من أثدائها ماء قراح.. ومثلما انكشفت لعين الشمس وافتتنت بها، انكشفت لعينين كامنتين في الدَّغَلِ الكثيف، هي لم تكن تدري بأن هناك كائن من ضواري البَرِ يكمن قربها، ما ناش مخلبه صيداً طوال الليل، أو ذاق الطعام. قد شم منها طيبها، ورأى الى الوجه الصبوح، فصار يلهث واللعاب يسيل من شدقيه، ولأنه الحذر، المخطط، والدقيق. راح ينسج خطته، وبنظرة المتمرس القناص مسح الجهات، لا انسٌ لا جِنٌ هناك سوى الصبية، هي وحدها والفجر والبئر القديم، وبدت لعينيه اللتين تتلظيان كجمرتين، مشغولة تستسقي ماء البئر.. شفتاها تبتسمان فربما كانت تغني لنفسها. لا لم تكن تثير صوتاً أي صوت، هي كالغزالة في وداعتها .. سحلية مرت سريعاً قربها لم تنتبه، والكامن الوحش الذكي راح يحصي ما تناثر من أثاث حول منطقة الكمين.. مسفوحة قدامه الصحراء، وعلى الرمال آثار أقدام ووشم زواحف، والنمل يسعى نحو أخدود صغير، أشجار سدر مزهرات، سيقان حلفاء وعاقول وعرد، وشىء جاثم لم يستطع تعريفه، وزنار عشب حول خصر البئر، وأساور من أزاهير ملونة، وحصى عبثت به كف الطبيعة، الرمل مسفوح على مرآته، والكائنات نضت ثياب الليل، والصبح حلقّ مثل حمامة بيضاء، والسماء تظلل الصحراء. تنصب خيمة زرقاء. وثمة غيمة شفافة بيضاء مرت محلقة على بساط الريح، وهناك في الأفق البعيد ضبحت خيول الصبح، وهو أبن ليل لا يليق به التجول في الصباح.. وأخيراً اتخذ القرار، تلفع عباءة العشب الكثيف، سار كأنه لم يسر، ثم انبطح، وراح يزحف كي يسد الدرب في وجه الصبية، هي لم تره، لكنها علمت به من قلبها ولسانها.. القلب لاذ بجوفها، وبحلقها احتبس اللسان، أطرافها شُلت، فتكومت فوق الرمال.. ورأته وهو يمر مثل البرق من قدامها، ويدور حول البئر مثل الزوبعة، عيناه صفراوان لامعتان، لكنه يتحاشى أن يلتقيا بعينيها.. هي لم تر من قبل ذئباَ غير الذي يراود أحلامها في المنام، والذئب ضيف دائم في حكايات الخيام، الموقد الشتوي والدفء في بيت الشَعَرْ، الجمر والدلة، والفنجان والقهوة، والهيل والزعفران، وحكاية لا تخلو من ذئب يصول على قطيع، فيقتل الكبش الكبير، ويخطف الحمل الوديع، ومن رجال بارعين، صرعوا الذئاب وأطعموها للنسور، ومن كلاب حتى الممات تقاتلت هي والذئاب، ومن حكايا أخريات فيها الذئاب تحن على الصغار من الجراء، وتحفظ البِرَ للوالدين.. هي لم تره من قبل هذي اللحظة في هذا الصباح، لكنه في ليلها دوماً مقيم. ذئب وديع، جميل، طويل، رشيق، جسور، سريع.. يخرج من محراب حلم جميل، بفرو كثيف، وعينين صفراوين، وأذنين قصيرتين، وبوز طويل، وخصر نحيل، ويدين قويتين، وساقين رشيقين، وذيل غليظ.. يروح يداعبها في حنين، فتمسح بكفها في حنو على رأسه، فيلقي به على صدرها، يكور جسمه في حجرها، ويغفو كطفل بمهد صغير.. ولكنها الآن في غير حلم، هي وحدها وذئب خطير، هي وحدها فبمن تستجير، وما حولها غير بئر عميق، ودلو عتيق، وعشب طويل، وسدر كثيف، وكثيب رمل، وكوم حجارة، وحفنة حصى، ولا سلاح لديها إلا إيمانها بالعلي القدير، وما فوقها غير خيمة الله، وما تحتها غير ما بسطته يداه، فكيف لها أن تقدّر ما سوف يحدث، وأنى لها بمعرفة ما قد يصير .. ها هو الذئب يستعرض قدامها كل ما قد يخيف، هو ليس ذلك الذئب الذي رأته مرارا بأحلامها، إنه الآن ذئب حقيقي، ربما لم يصب ليلة الأمس صيداً وفير، وها قد رآها كصيد يسير، فمتى يا ترى سيهاجمها، ليذبحها ويقطعّها ليأكل كبدها والحشايا، ورأته يتحرك قدامها، يتقدم منها، وينأى، وهي ما بين إقدامه وإحجامه، تموت وتحيا .. تسلق صخرة، فتسلق قلبها خلفه، وضع يديه على قمة الصخرة فازداد طولاً، رفع رأسه فبان جمال عنقه، وترّ أذنيه ومدّ ذيله، قدم ساقاً وأخر أخرى.. فكرت ربما لو أنها ركضت الآن نحو خيمة العائلة، فهل يتركها الذئب خشية أن تراه الكلاب، ولكنها فضلت أن تظل ساكنة كي لا تثيره فيهاجمها.. نزل الذئب من على صخرته، وعاد إليها يسير ببطء شديد، فراقبته بعين امرأة يسربلها الخوف من قمة الرأس الى أخمص القدمين، فرأته حين يمد يده اليمنى الى أمام، يغرز مخالب كفها بالرمال، وحين يؤخر يسراه يحني كفها نحو بطنه الضامرة.. تارة يرفع ذيله، وتارة يصفع به وجه الرمال، وفي لحظات قصار، تراشق هو والفريسة بالنظرات. عيناه خارقتان من نسج الخيال، عيناها مكحلتان بكحل العذارى، ولأنه لم ير من البشر غير الرعاة، ولأن له قدرة التميز بين الذكور وبين الإناث، ولأنه يعرف مَنْ خاف منه ومَنْ لا يخاف.. أقعى أمام الصبية، تمرأى في وجهها وراح يتملى خُلَعَ الجمال.. فأشرقت بعينيه غرة الجبين، واستظل كحل العينين بهلالي الحاجبين، وتدلى غصنا القصيبتين فوق شفق الخدين وشمخ الأنف فوق ساقية الشفتين.. وجلست هي تتملى جمال الذئب الذي أترعتها بالخوف منه الحكايات. أذنان منتصبتان كأنهما بالحناء مخضبتان، يبطنهما شعر ناعم مصفر، وصليب من فرو معتم ينزل من جبهته حتى أسفل عينيه، خطمه رمادي، أنفه أسود، ولسانه مبلل باللعاب، يلهث وقد سال أسفل حنكه فرو كعشب هائج مصفر، فيما تلفع فروة بلون الرمال، أضفت على شكله مسحة من جمال.. نظرت الى عينيه، فغض بطرفه، وتساءلت أوحش وخجول!.. قامت، فقام، ولكنه لم يدنو منها، وبدا لها وكأنه لم يكن يتهيأ للانقضاض.. أيعقل أن يفترسها الذئب وهي قريبة من أهلها، وكلابهم لما تزل أمام خيامهم باسطة أذرعها بالوصيد، ربما تفطن أمها لتأخرها فتأتي للبحث عنها، أو يمر من هنا أحد الرعاة، فْيفهِمَ الذئب أن كرته خاسرة، ربما يعطش كلبها فيتبع رائحتها الى البئر، عندها سيرى الذئب أي كلب يواجه. ناشدت الريح: أيتها الريح غَيِري اتجاهك لتشم الكلاب رائحة الذئب، فكرت لو تتراجع ببطء لترى ردة فعله، خطت الى الخلف خطوة واحدة. ضرب الذئب بذيله الأرض، وتقدم ليبقي المسافة على حالها.. تذكرت الصبية أن الجدات ذكرن في حكاياتهن أن الذئاب تأنف أن تفترس امرأة تكشف عن مفاتنها، فاستغشت ثوبها كاشفة ما بين ساقيها، تاركة زمام حياتها بيد القدر.. تفاجأ الذئب بحركة الصبية، توقف عن جلد الأرض.. طال الصمت، السكون، الانتظار، وصدر الصبية ليل شتائي تضج به طبول الرعود.. لم تتقهقر وهي تترقب لحظة الانقضاض، التي تقهقرت هي ذاكرتها، إذ رأت جدتها التي استنفدت سنواتها وتدثرت بالتراب جاءت تتوكأ على عصاها: أخائفة وأنت ابنة البادية، ولك جدة بالعصا تطارد أعتى الذئاب!؟.. وتذكرت أنها أنقذت مرة ظبية غرزت بالرمال، حملتها الى بيت الشَعْرِ، أطعمتها، سقتها، وتركتها لتغفو قرب الرماد الذي لما يزل دافئاَ، فكانت صديقتها التي أحبتها أكثر من كل جدي جميل يزدان به قطيع الشياه، حتى إذا خطفتها الذئاب في ليلة جفاها القمر. بكتها كثيراَ، ورثتها بما تحسنه من قصيد .. وتساءلت: تُرى لِمَ لَمْ تأت كلبتي النسرة الى البئر كعادتها كل صباح ؟ ربما هي الآن متمتعة بأمومتها، غافية على دغدغات الجراء التي ولدت منذ أيام.. ولم تدر أني وذئب هنا، والمسافة التي بيننا يحددها مخلب، ويقصرها ناب .. فريسة أنا هنا، ومفترسي ذئب، وخيول الوقت تداهمني، أحس وقع حوافرها تخب بين الحياة، وبين الممات .. الوقت ذئب آخر كلما مَرّ قربني من مخالبه، أنا هنا ومفترسي ذئب، سيفعل بي كما يفعل بكل فرائسه، سيمزق صدري ليأكل قلبي، يلتهم أحشائي.. شبعاناً، رياناً بدمي، منتشياً، يمضي ويترك خلفه ثوبي الممزق مخضباً بالدماء.. قدامها ما يزال الذئب منتصباً، الوقت من حولها يمضي، والعشب من تحتها يتكسر، والدلو يتأرجح في البئر.. عصف الهواء ثم أناخ ناقته، فعاد للرمل شكل انسفاحه، وحين أنهى الدلو رقصته.. شعرت بماء دافق ما بين ساقيها، وتنمل يغزو ذراعيها، وبدا النعاس يدب في عينيها، وقلبها ما عاد يخفق من خوف، بل صار يخفق كي تحمر خديها.. عادت الى رشدها كأنما خرجت من غيابة جب عميق، تنصتت لا شىء غير الصمت والسكون، لا صوت يصدر من الذئب، ولا صوت يصدر من الصبية.. فتأكدت أن الجدات أصدقنها القول بشان عفاف الذئاب، أعادت ثوبها لتستر محارمها فلم تر الذئب.. كان الذي يواجهها رجل يتأملها باشتهاء

 

قصة: حامد فاضل

..................

هوامش

1- الكـــارة: مكان مرتفع

2- الجرن: الهاون الذي تدق فيه حبيبات القهوة

3- المرياع: الفحل الذي يقود القطيع، والمرياع من النوق الكثيرات اللبن

4- الخشف: الغزال الصغير

5- القليـــب: البئر

في نصوص اليوم