نصوص أدبية

مقامات الأربعاء (3)

almothaqafnewspaperالمقامة الثالثة!!

حدثنا يحيى بن حيّان وقال: الإنسان هو الإنسان، والإجتهاد هو العنوان، والفارق يعكسه المكان، ويدوسه بسنابكه الزمان، والعمل دليل وبرهان.

"وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" التوبة: 105

وأضاف: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها" الملك : 15

وقال الرسول الكريم: " بادروا بالأعمال الصالحة".

فالعمل هو البيان، وشواهده العمران، ولا بد من التعاون ما بين الإخوان والإخوان، لكي ترتقي الأوطان.

والهمة قوة، وقدرة على العلاء والنماء والرقاء، فما خابت الهمم المتآزرة، ولا تاهت الشعوب المعتصمة بحبل الأمان المتين.

"وبالهمةِ العلياءِ يرقى إلى العُلا...ومَن كان أرقى همّةً كان أظهرا"

والمجتمعات بهممها وأعمالها، فهذا تقدم لأنه صاحب همة متقدمة، وذاك تأخر لأنه صاحب همّةٍ متأخرة .

"بقدر الكدّ تُكتَسبُ المَعالي...ومَن طلبَ العُلا سهرَ الليالي"

وقال يحيى بن حيان: كان هناك شاب لا يحسب للوقت حسابه، ويلهو ويبدد أيامه ويرغب أن يكون في علياء المطامح والأفنان، وكلما حدثوه عن الجد والكد والإجتهاد أشاح بوجهه ونطق بأسباب كسله وخموله، وأن للوصول إلى العياء هناك ألف باب وباب، لكنه ما فكر بكيف يفتح منها باب، ومضى على نكرانه وأنسه وعدم إكتراثه بغده، حتى واجه مصيره ذات يوم، وقد رأى الذين من بعده قد سبقوه وإنطلقوا في الحياة، وأسسوا لهم أعشاشا وسبلا للإرتزاق والإنطلاق، وهو متحين في محنته التي لا يجد منها مخرجا.

فإنهار باكيا يحدث نفسه عن سفه عدم الطاعة والجد والمثابرة.

حتى صار ينطبق عليه القول:

"ومن طلب العلى بغير كدٍّ ... أضاع العمر في طلب المُحالِ"

ومثل هذا العديد من المجتمعات والأوطان، التي نابزت العمل وأنكرت الجدّ وترامت في ميادين الخمول والكسل، فإزدادت ضعفا على ضعف، وهونا على هون.

ولا بد من القول:

"وما نيل المطالب بالتمني... ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا"

وتلك مَقامة فيها نظر!!

 

د. صادق السامرائي

في نصوص اليوم