نصوص أدبية

خماسيات الثورة

أنتَ أوقـدتَ مِشعلاً في الـدياجيـ

فـقضَى نُـورُهُ على الظـَّلماء

nooradin samood

خماسيات الثورة / نور الدين صمود

 

1) سيدي الشعبُ، أنتَ ربُّ الكلامِ(1)ـ***قلـتَ شِـعرًا بدونِ أيِّ نِـظـام ِ

غـيرَ أنِّي أراه حُـرًّا طـلـيقـًاـ***وبَـليـغًا يَهُـزُّ كـلَّ الأنـام ِ(2)

سَمِـعَتـْهُ الآذانُ في كلِّ قـُطـْر ٍـ***ورأتـْـهُ يَـرِفُّ كـالأعــلام ِ

فهْـوَ كالسَّـيلِ مالـَهُ أيُّ سُـَـدٍّـ***وهْـوَ نارٌ تَدفـَّقـَتْ بالضِّـرَام ِ

أحْـرقتـْنا بـِحَرِّها، وهي نـورٌـ***بـِسَناهُ يُـزيحُ جيْـشَ الظـلام ِ.

***

2) سيدي الشعبُ أنتَ أكبرُ شاعـرْـ***والذي قد كتبتَ هَـزَّ المشاعـرْ(3)

قلتَ شعرًا بدون أي "عَـروضٍ"(4)ـ***منه "عِرْضُ" البِلادِ أصبح طاهـرْ

والجـراثـيمُ قد أُبـِيدتْ بـنـار ٍـ***أرسلتْ في السماءِ عِطْرَ المَـباخِرْ

فـتـسامـتْ إلى السماءِ نـُفوسٌـ***وتعالـتْ بالشِّعْرِ كلُّ الحـناجِـرْ

هاتِـفـاتٌ بكـلِّ قـولٍ جَـريءٍـ***وبِنسْفِ الأصنامِ ظلـَّتْ تُجاهـرْ.

***

3) سيدي الشعبُ أنتَ صوتٌ يناديـ***ويُـغـنـِّي بـِسامِـياتِ المبادي

وتـراه على المـَدَى في اعْـتِدادِـ***يرفع الصوتَ في القرَى والبوادي:

يـا بـلادي، وأنتِ خـيـرُ بلادِ،ـ***فيـكِ تحلو تضْحيَّـتي وجهـادي!

أنتِ تـُفـْدَيْنَ بالنفوسِ، ومَـنْ لاـ***يَفتدي الأرضَ من شُرور ِالعَوادي؟!

نحنُ فيكِ الشموعُ تـنشُرُ نـورًاـ***وتـُشِـيعُ الأفـراحَ في كلِّ نـادِ.

***

4) سيدي الشعبُ قيل عنكَ: طَغامُ(5)ـ***وضَـــلالٌ آراؤه وظـَــلامُ

وقطـيـعٌ أمـامَ راعٍ غَـشـومٍـ***وجُـموعٌ ليْـسـت لها أفـهـامُ

فإذا أنـتَ ثـورةٌ لا تـُضـاهَىـ***وإذا أنـتَ حِــدّةٌ واعْـتِـزامُ

وإذا أنـت قـائـدٌ عـبْـقـريٌّـ***وإذا أنـت قـُـدْوَةٌ وإمـــامُ

وإذا أنتَ مِـشْعَـلٌ ذو اتـِّـقادٍـ***بـِسناهُ يُمْـحَى ويُجْلـَى الظلامُ.

ـ***ـ***ـ******

 5) سيدي الشعبُ في جميع الربوع ِـ***طالما كنتَ في الدجََى كالشموع ِ

في حمانا "أشعـلتَ نفسَـكَ" كي ماـ***تـَكْـتسي بالضياءِ كلُّ الرُّبُوع ِ

ولِـكيْ تصـبحَ الـبلادُ ريـاضًاـ***مُزْهِراتٍ في مثلِ فصـل الربيع ِ

فـَاعْـفُ عَنـَّا لأننا، من قديـمٍ،ـ***قد حَسِبْـناكَ بـيننا كالقطيـع ِ!

فـإذا أنــتَ قـائـدٌ ذو دهـاءٍـ***تُـلْهِبُ العزمَ في قلوبِ الجُموع ِ.

***

6) سيدي الشعبُ عفـْوَ عينيْـكَ إنيـ***أتمنـَّى، وكم يروقُ التـمنـِّي!

أنْ أصوغَ الأشعارَ من وحْيِ فِـعـلٍـ***جُـزْتَ فيه ما قد تخيَّل ظنـِّي

وأُحَـيّـيكَ من صمـيـم شعـوريـ***وأُقـَضِّي الحـياةَ فيكَ اُغَنـِّي

فـلـَقـَدْ كنـتَ قائــدًا وهُـمامًاـ***حقـَّقَ النصرَ دونَ ما أيِّ مَـنِّ

ولـقـد كـنتَ شاعـرًا ذا بَـيان ٍـ***قلتَ شِعرًا وكنتَ أشعَرَ مِنـّي.

***

7) سيدي الشعبُ كنتَ كالتـّيّار ِـ***مستَجِيشًا يَنـْصَبُّ في الأنـهار ِ

(مُـقـبلا مُـدبرا مِكرًّا مِفرًًّا)(6)ـ***مثلَ مَـوْجٍ مُـدَمْـدمٍ زَخّــار ِ

دفعَـتـْه إلى السهـولِ الروابيـ***مثـلَ سَيْـلٍ ينصَبُّ نحوَ البحار ِ

موجةً ٌإثـْرَ موجةٍ إثـرَ أخرىـ***تَجْرِفُ الصخرَ مُزْبِدًا في انْهِمار ِ

قـَدَرًا كان لا يُـرَدُّ، وحـتـْمًاـ***ليس تـَرْتـََدُّ سَطـْوةُ الأقـْدار ِ.

***

8) سَيِّدي الشعبُ سامِحِ الكـُبَرَاءَـ***مَنْ دعَـوْكَ العِصابةَ َالغوغاءَ

تابـِعًا للذين قـد أخـْضَـعُـوهُـ***"مَعْـمَعِيًّا"(7)لا تـُدْرِكُ الأشياءَ

كنتَ، في رَأيـِهِمْ، ذيُولا طِـوالاًـ***وعـقولاً لا تـُصْـدِرُ الآرَاءَ

فـإذا أنـت "معمعٌ"(8) وبصـيـرٌـ***وإذا أنـتَ تـَخْلـُقُ الأنـباءَ

مِن رُعاةِ القـُطعانِ، منذ خُلِقـْنا،ـ***أرسلَ اللهُ في الورَى الأنْبياءَ.(9)

***

9) سيدي الشعبُ، جاَءَ كلُّ العبيدِـ***منـكَ للأرض، في قـديم العُهودِ

و"أبو جهل ِ" الـّذي كان فيهمْ(10)ـ***مُسْـتـشيطـًّا كالنارِ ذاتِ الوَقودِ

يَزْرَعُ الخوفَ في القلوب ويُلقِىـ***كـلَّ ويْـلٍ بـِما لـه من جنـودِ

ورأيْـنـاكَ، كلما جار طـاغ ٍ،ـ***قلتَ للأرض: "تحت رجليه مِيدي"!

فـَهَوَى وانـْتـَهَى وصار هَباءًـ***ومَشَى الشعبُ في دروبِ الخلودِ.

***

0) سيدي الشعبُ، أنتَ زلزلتَ قلـبيـ***بـِنِداءٍ عـن الحضارة يُـنـْبي

وزرعـتَ الورودَ في كـُـلِّ حقـْلٍـ***وأزلـْتَ الأشـواكَ مِنْ كلِّ دربِ

وجـعـلتَ الحُشُـودَ كالنارِ تسـريـ***فـي هَـشيـمٍ، وللنـِّداءِ تـُلبّي

ردَّدَتـْهُ حـنـاجــرٌ هـاتِـفـاتٌـ***فأتـَتـْها الجموعُ مِنْ كلِّ صوْبِ

ولقـد كـُنـتَ كالقضـاءِ. ومَـن ذاـ***سَيَصُـدُّ القضاءَ من أمرِ ربِّي!؟.

***

11) سيدي الشعب يا نشيد الخلودِـ***رَنَّ في مِـسْـمَعِ الزمانِ الجديدِ

أنتَ في هـيكلِ الوجودِ نشـيـدٌـ***ما اسْـتمعـنا إليه منـذ عهـودِ

أنتََ أنشـودة الأناشـيد نامـتْـ***مِنْ قـديـمٍ في قـُمْـقمٍ مسـدودِ

واستفـاقت لـتملأ الكونَ وَقـْعًاـ***ذا دَوِيٍّ يُـفـيـقُ كـلَّ الرُّقـودِ

إنّ ذا اليومَ يـومُ بعْثٍ وحَشـْر ٍـ***أيـقـظَ النائمـين تحتَ اللحـودِ.

***

12) سيدي الشعبُ أنت لَيْثٌ مَهيبُـ***وبما قـد فعلتَ غَنـَّتْ شُعـوبُ

في قـلوبِ الجمـيعِ أوْقـَدْتَ نارًاـ***شبَّ منها بين الضلوع اللهـيـبُ

بـِلظاها هَـبَّ الحـريـقُ ودَوَّىـ***فطوَى عُصْبَةَ َالـْفَسادِ الهُـبوبُ

وهْـوَ نارٌ قدْ أُحْـرَقـتْ بلـظاهاـ***أنْفـُسًا حُرّة ٌ، كَوَتـْها الخطوبُ

وقـَطـيعُ الذئابِ أضْحَـى نِـعاجًاـ***بَثَّ فيها الخُنـوعَ ليْثٌ غَضوبُ.

***

13) سيدي الشعبُ أنت - دُونَ مِراءِ-ـ***عبـقـريٌّ، بَلْ أحكـمُ الحكماء ِ

أنتَ أوقـدتَ مِشعلاً في الـدياجيـ***فـقضَى نُـورُهُ على الظـَّلماء ِ

والخَـفافـيشُ في الظلام تـوارتْـ***لتطـيرَ النسـورُ في الأجـواء ِ

وفـُلـولُ الأقـزامِ ولـَّتْ خَـزايَاـ***ورأيـنا أصنـامَهمْ في انـْحناء ِ

بعدما قد تعمـلقـوا واستـطالـواـ***ذَللَ الشعـبُ كل ذي كبـرياء ِ.

***

14) سيدي الشعبُ قد طلبتَ الشهادهْـ***وبها قد رأيتَ أقـصَى السعـادهْ

كـُنتَ جمْعًا في شكل فردٍ، وفـردًاـ***فيه جمـعٌ، يُـجيدُ فـَنَّ القـيادهْ

أنـتَ حقـّـقتَ، َبالإرادةِ، نصـرًاـ***وبعزمٍ، قـد شئـتَ فيه الـزيادهْ

والـذي يـمْـلكُ الإرادةَ أقـْـوَىـ***مِـنْ قـَـوِيٍّ بــدون أيِّ إرادهْ

إنّ حُـبَّ الأوطـانِ أكبـرُ فـَرْضٍـ***فهْـيَ، دوْمًـا جديـرةٌ بالعِـبادهْ.

***

15) سيدي الشعبُ، أنتَ ليثُ العرينِ ِـ***مَـلَّ ذ ُلَّ الأقـفاصِ منذ ُقـُرون ِ

ورأيناه - حيـنما اشـتـدَّ خطـبٌٌ-ـ***أرْعـبَ الظالمين خلفَ الحصونِ ِ

ورمَـى القـَيْدَ في وجـوه طـُغـاةٍـ***أوْرَدُوُه حِـياضَ رَيْبِ المَنون ِ(11)

حَـسِـبـوا زأرةَ الأسُـودِ ثـُغـاءًـ***وهْيَ رعـدٌ يشق قلبَ السكـون ِ

فـإذا بالسـجيـن أضحَـى طليقـًاـ***والجَبانُ الطليـقُ كالمسـجـون ِ.

***

16) سيدي الشعبُ، كنتَ دومًا صَبُورَاـ***تحت زيْـفِ الطغاةِ عشتَ دهورَا

 زعمـوا أنهم سِـراجُ الـديـاجيـ***يملأونَ الأكـوانَ عَـدلاً ونـورَا

 وحسـبـتَ الذي ادعـوه صـوابًاـ***ولقـد كان، في الحقـيقـة، زُورَا

 فطردتـمْ جيـشَ الظـلام بنـور ٍـ***وأردتـم نحـو الصباح العُـبورَا

 وملأتـمْ روضَ الحيـاةِ زهـورَاـ***ونشرتـُمْ في كلِّ قلـبٍ سُـرورَا.

***

17) سيدي الشعبُ، أنت ليثٌ غضنفرْـ***خالـَكَ البعضُ من خيالك تنفـُرْ(12)

ورأى الذئـبُ فيـكَ عـزةَ نـفـس ٍـ***ورأى فـيك كبـرياءَ المُظـَفـَّرْ

لا تـبـالي بكـل قـَزْمٍ حـقـيـرٍـ***قد تعالـَى في غابـِهِ وتـنَـمَّـرْ

غـير أن الذئـابَ، مهـما تعـاوتْ،ـ***لنْ تحاكي الأسُـودَ في الغاب تزْأرْ

إنـما الشـعـب قـوّةٌ لا تـُضاهَىـ***فهْـوَ مثـلُ الليوثِ دوْمًا يـُزمجرْ.

***

18) سيدي الشعبُ، يا مُزيلَ الكروبِـ***منـك شعّـتْ مشاعلٌ في الدروبِ

وأضـاءتْ سـبـيلَ كلِّ الحَيـارَىـ***وأزاحَـتْ ليلاً شديـدَ القـُطـوبِ

وأعـادتْ نـورَ الـنهـارِ لأفـْقٍـ***سلكـتْ شمسُـه طريـقَ الغروبِ

وتهـادَى وانـْداحَ في كـل أفـْقٍـ***وغـزا ضـوْؤُهُ جـميعَ الشعـوبِ

فمشتْ تطلـبُ التحـرُّرَ قـَسْـرًاـ***وتـُغـنِّي بكـل لحـنٍ طـروبِ.

***

19) سيدي الشعبُ، قد كتبتَ ُ كلامَاـ***أنـتَ أمليْتـَه، وصغـْتَ ُ النظامَا

حَـسِـبتـْهُ الأسماعُ زأرة َلَيْـثٍـ***والـذي قـالـَهُ بَـدَا ضِـرْغـامَا

صـارَ حُـرًّا مُحَطـِّمًا كـلَّ قيدٍـ***مثلَ سِـربِ النسورِ في الجوِّ حامَا

بعد ما طـوَّقـُوهُ دهـرًا طـويلاـ***بـِقـُيُـودٍ تـُكـبِّـلُ الأفـهـامَا

صرخة ُالشعبِ حرَّرَتْ كلَّ صوتٍـ***وأراها تُحَرِّرُ الأقْلامَا.

20) سيدي الشعبُ، يا مُـزيحَ الظَّلامـ***ومُــبـيـدَ الأنـذالِ والظـُّلاَّمِ

أنـت يا مَن أوقـدتَ عودَ ثِـقابٍـ***فتطهَّـرْتَ في لهيـبِ الضِّـرام ِ

وسَرَى في الهشيمِ، والريحُ تعـوي،ـ***فتعالـَى اللهـيبُ في "الأهـرام ِ"

واغْتدَى "النيلُ"، من لهيبكَ، نفطـًاـ***وسـرَى في مجالـه المُـترامي

فـرأيـناه في المـيـاديـن نارًاـ***وهْو زيتٌ يضيءُ دربَ السلام ِ.

***

21) سيدي الشعبُ أنتَ كنتَ المُلـَبِّيـ***لنِـداءِ الفِـداءِ في كـلِّ شعـبِ

 أنت أصبحتَ خَفـْقـَةً في فؤاديـ***وغـرامًا قد ظـل يَسكـنُ قلبي

كنـتَ فينا شـرارة ً، حين شبَّـتْـ***طهّرتنا، وأحـرقتْ كـلَّ ذنـبِ

قد فـَدَيْـتَ البلاد بالنـفـس حتىـ***صرتَ وَسْـط القلوب تِمثالَ حُبِّ

ورأتـْكَ الشعوبُ مثـْـلَ مـنارٍـ***إنْ رأتـْها العيونُ فـوْرًا تـُلبِّي.

***

22) سيدي الشعبُ أنتَ فخْرُ الزمانِ ِـ***أنـت أعْلـيْـتـَنا بكلِّ مكـان ِ

بـِكَ قـد صار يقتـدي كلُّ شعْبٍـ***وتـُغَنـِّي حـناجـرُ الأكـوان ِ

والقرابـينُ قـُدِّمتْ من حِـمـاناـ***مثـلَ مَهْـرٍ لرائعاتِ الغـوانيِ

قد خَطـبْنا حُـريَّة ًحَـجـبـوهاـ***في خدورِ المُحَصَّـناتِ الحِسان ِ

فهْيَ "لُبْنَى" والشعبُ "قيسُ" المُعَنَّىـ***ليس يَنسَى "لـُبناهُ" طولَ الزمانِ.(13)

***

23) سيدي الشعبُ لا تُجاوِزْ حدودَكْـ***بَعْدَ عَـزْمٍ حطـَّمْتَ فيه قـُيودَكْ!

ثـُرْتَ ضِدَّ (النظامِ) فاحْفـَظْ "نِظامًا"ـ***وأقِـمْ - ضِدَّ مَنْ تعدَّى - سُدودَكْ!

ولـْتقِفْ في وجوه مَـن قـدْ أرادواـ***أنْ يُضِيعُوا- بما أتوْهُ – جهـودَكْ!

صفـَّقتْ في الضلوعِ مِنـَّا قلـوبٌـ***حِينَ نِـلنا المُنـَى، وكنا شهـودَكْ

فلـْتُحاذرْ مِمّنْ يحاولُ، حُمْـقـًا،ـ***أن نراهمْ، فيما فعلتَ، جنـودَكْ!.

***

24) سيدي الشعب كنت دوما تـُشهِّرْـ***بـالـذي للنـظام دوما تـنـكـّرْ

وتـَحَـرّرْتَ مِـنْ قـُيُودِكَ، لكـنْـ***بـعـضُهـمْ قد أساء فَهْمَ التحَـرُّرْ

لم يُـراعـوا حرِّيَّة َالغيـرِ حتـَّىـ***قـد غَـدَوْا مثلَ مَن طغَى وتجبَّـرْ

سلبوهـمْ حـريَّةً، واسـتطـالـواـ***وغـدَا كـلُّ واحـدٍ يـتـنـَمَّـرْ

فلـْنقدِّسْ حُـريَّـة الغـيـرِ كيْ لاـ***نُصبـِحَ الآنَ بالتـَّحَرِّرِ نسْـخَرْ.

***

25) سيدي الشعبُ يا مثالَ الحَمِيَّهْـ***كنـتَ دوْمًا بـدون أيِّ هُـوِيَّهْ

وإذا بي أراك تـُطـْلِقُ صوتـًاـ***وتـُغَنـِّي أنـشـودةَ الحُـريّهْ

غـيْرَ أني رأيتُ مَنْ كان لِـصًّاـ***فـيكَ يَـندسُّ كي يُميتَ القضيّهْ

شَوَّهُـوا في البلاد كُـلَّ جمـيلٍـ***وأعـادوا الحِـمَى إلى الجاهليهْ

فلـْتكونوا ضِدَّ التـَّسَيُّبِ سَـُدًّاـ***ولـْـتكونوا حربًا على الهمجيهْ!

***

26) سيّدي الشعبُ، أنتمُ الشرفاءُـ***وإنِ ِانـْدسَّ فيكـمُ الغوغاءُ

مَنْ أرادوا تشـويهَ ثورةِ شعْـبٍـ***أوقـَدَتـْها الحَمِيَّة ُالغَـلـْباءُ(14)

هالهمْ أن يَـرَوْكَ تـُطلِـعُ فجـرًاـ***بـسَـناه تـُبَـدَّدُ الـظـّلـماءُ

واستـمـروا في غَـيِّهِـمْ وأرادواـ***أن تـُوارَى في أفـقنا الأضواءُ

فصرخْتـُمْ في مَـنْ أرادوا فسـادا:ـ***بئـس ما تـفعلون يا أغـبياءُ!.

***

27) سيدي الشعـبُ أنتَ أكبرُ سيِّـدْـ***وأراني، لِما فعلـْتَ، مُـؤيِّـدْ

غيـر أني لا أسْتـَسِـيغ انفِـلاتـًاـ***منه مالُ البلاد أضـحَى مُبَـدَّدْ

نـَهَبَ البعضُ رزقَ بعضٍ، وبعضٌـ***عاثَ بالجهل في التراث المُمَجَّدْ

واستـبـاحـوا آثـارنا وأقـامـواـ***فـوق أطلالها بـناءً مُـمَـرَّدْ

فتـلاشَى، بالجـهل، مَجْـدٌ أثيـلٌـ***وتولـَّى، بالحُمْقِ، إرْثٌ مخلـَّدْ.

***

28) سيدي الشعبُ يا مَناط َالأمانيـ***لخُـروج البـلاد مـمّا تـُعاني

أنـت قـد كنت مِشْعَـلا لشعوبٍـ***كبَّـلتـْها سلاسـلُ الطـُّغْـيان ِ

ورأيناكَ في سَنـَا الشمس تـَسعَىـ***وتُغني، للنـَّصْـرِ أحلى الأغاني

فمشتْ خلـْفكَ الشعوبُ بِـعـزْمٍـ***ساعِـياتٍ للنـصرِ في مِهرجان ِ

ولِـبابِ الحُـريةِ البِكـْرِ ظلـَّتْـ***مُـشـْرِعاتٍ بِدون أي تـَوان ِ.

***

29) سيدي الشعبُ أنت جيش عرمرمْـ***كنـتَ بالعزم مثل جُندٍ مُنـَظـَّمْ

وحـرسْـتَ (النـِّظامَ)، بعد "نظام"ٍـ***قـد تـَهاوتْ أركـانـُه وتهـدَّمْ

ثـَورةُ الشعبِ أنتَ صُنـْتَ حِماهاـ***من وُحوشٍ مثلَ القضاء المُحَتـَّمْ

بعضُهـمْ لاح كالمـلائك، لـكـنْـ***كلـُّهمْ كان مثـلَ إبليسَ مُجْـرِمْ

ما لهـمْ، في الحيـاةِ، إلا شـقـاءٌـ***ولهـمْ، في المماتِ، نارُ جهنـَّمْ.

***

30) سيدي الشعبُ أنت حققتَ نصرَاـ***منذ أنْ طِرْتَ في سمائك صَقْرَا(15)

وَثـْبَة ُ النصرِ قـُدْتـَها باقـتـدارٍـ***والذي قـد فعلتـَهُ كـان سِحْـرَا

أنـت لما أردتَ تغـيـيرَ أمْــرٍـ***قـَهَـرَ الناسَ، غَيَّـرَ اللهُ أمْـرَا

ثـورة ٌ بـارك الإلـَهُ خُـطـاهاـ***وحـباها، رغمَ المصاعبِ، نَصْرَا

لجمـيع الشعـوب أعطـيتَ درسًاـ***وكتبتَ الأمجادَ شعرًا ونثْرَا.

***

31) سيدي الشعبُ أنتَ رَمْزُ الفـداء ِـ***مـنكَ كانتْ مواكـبُ الشـُّهداء ِ

يبذلون الأرواح مـن أجـل أرض ٍـ***قد رأوْها الطريـقَ نحـوَ السماء ِ

ودماءُ الشـهـيدِ تـُرْسِـلُ نـورًاـ***كـشهـابٍ يسطـو على الظلماء ِ

قد رأى العيشَ في المماتِ فأضحىـ***يطلـب الخُلـْدَ في ديـار البـقاء ِ

فلـْنُـقدِّسْ أرواحَهمْ، ولـْنُعَـظـِّمْـ***مَـنْ فـَدَوْنا بساخِـناتِ الدماء ِ!.

***

32) سيدي الشعبُ يا ابنَ أرضِ الخلودِـ***مَنْ رَوَتْ تـُرْبَها دماءُ الجُـدودِ

وهْـيَ أمٌّ لـنـا، ونحـن بـنـوهاـ***نـفـتديـها بألـفِ ألفِ شهيـد

والفـدائـيُّ يَـبْـذُلُ الـروحَ فـيهاـ***ونراه يقـول: "هل مـن مزيـدِ"؟

فـهْـيَ أهـلٌ للـبـذل في كـلِّ آنٍـ***وهي رمزُ الأفراح في يومِ عـيدِ

قـد سكبْـنا الدمـاءَ فـوق ثـَراهاـ***ورفعنا في الأفـْقِ أعلى البنودِ.(33)

***

33) سـيدي الشعـبُ أنتَ جمعٌ غفـيرُ ***فيـكَ شـيخٌ وفيكَ طفـلٌ غريرُ

ونـسـاءٌ زَغـْرَدْنَ في يـوم عُـرْسٍ ***مُـنـْـشداتٍ، وصوتـُهُنَّ جهيرُ

وشـبـابٌ بـعزمـهِـمْ شـرَّفـونـا ***كلـهـمْ للفـداء كـاد يطـيـرُ

ورجـالٌ هُــمُ الـهُــداةُ إذا مــا ***سـألَ الحائـرون: أين المسيرُ؟

كلـُّهُمْ كالصُّـقور في الجـوِّ طـاروا ***باعـتِـدادٍ يـحدوهمُ التحـريرُ.

***

34) سيدي الشعبُ قلْ لمن سوف يَحْكُمْـ***هـذه الأرضَ: "جانِبِ الظلمَ تَسْلَمْ"

ولـْتـكُـنْ والـدًا وأمًّـا حَـنونـًاـ***منك نبغي في الشعب حكمًا منظَّمْ

ولـْتسِرْ في العـباد بالعـدل، كي لاـ***تُسخِط الشعبَ والحِمَى حين تحكمْ

فإذا ما جَـنـَحْـتَ للظلـمِ، صـرناـ***لك في الظلـم مثـلَ نارِ جهنـَّمْ

وإذا مـا حـكـمـتَ فـيـنا بعـدلٍـ***صِرتَ ما بينـنا الرئيسَ المُكرّمْ.

***

 35) سيدي الشعبُ قـل لهذا المُحَكَّـمْ:ـ***"باشِـرِ الحكمَ في الملايينِ، واعْلـَمْ..

أن هـذا الكُـرسيَّ للشـعـبِ، لكنْـ***قد رأى الشعب أن تكـونَ المُـقـدَّمْ

"وهْـو لـو دام للـذي كـان قـَبْلاـ***لم تـنلـْهُ ولم تكـُنْ فيه تحْـكـُمْ"(16)

فلـْتـَسِرْ بالقوانيـن والعـدلِ فـيهِـ***كي تكون الشَّهْمَ العظـيمَ المكـرَّمْ

أنتَ مِنـّا ولـسـت أعـظمَ مـنـّاـ***إنـما الشعبُ مَنْ دعاك المُعَـظـَّمْ".

***

36) سيدي الشعبُ قـُلْ لكل رئيـس ِـ***سـوف يأتي من بعـد هذا الرئيس ِ:

"لا تحـاولْ تمطيـط فـَترةِ حكـْمٍـ***تحْـتَ سيـفِ القانـونِ بالتدلـيس ِ

أو بـِحـزبٍ يَظـَلُّ يُصْـدِرُ أمرًاـ***هـو أقـسَى مِنْ سَـطـوة البوليس ِ

ثم تـبْـغي توريثَ عرشِـكَ لابنٍـ***لِـيَسـوسَ الحِمَى بـرأْيٍ خَـسيس ِ

نحن جيلُ الأحرارِ نرفـُضُ عيْـشًاـ***يُصبـحُ الشعـبُ فيه مثلَ الحبيس ِ".ـ***

***

 37) سيدي الشعبُ هذه الأرض جَنَّهْـ***وهْـيَ من خالـق السمواتِ مِنـَّهْ

قد حـماها أجـدادنا مـن قـديـمٍـ***يـوم كانوا لها سِـلاحا وجُنـَّهْ (17)

وحَمَـْوا بالجهـاد أرضًـا وعِرْضًاـ***فهْـو فرضٌ على الحمى ليس سُنَّهْ

نحن سُـورٌ لـهُ حَـفِـظـناهُ دَوْماـ***وسنـبقَى نـَفـْدِيه في كل محنـهْ

فاحفـَظـوه مـدى الحياة وكونـواـ***أبَـد الدهـر سَيفـَهُ ومِجَنـَّهْ.(18)

***

38) سيدي الشعبُ قـدِّسِ ِالأوطانَاـ***إنـَّها جَـنـَّة ُالخُـلـود مـكانَا

تـَفـْتِنُ الزائرين مـن كل صوبِـ***فهْي للحـسـن أصبحتْ عنـوانا

قد شربنا مياهها مُــذ ْخُـلِـقـْناـ***وأكـلـنـا ثِـمـارها ألـْوانـا

ونـَهَـلنا حَـنـانـها، فـهْـي أمٌّـ***ورضـعـنا من ثـديـها الألبانا

قـد حـبـانا بـها إلهُ البـرايـاـ***فاحفظـوها ولـْتحمِدوا مَنْ حَبانا!.

***

 

نورالدين صمود

البداية= تونس 14 جانفي (يناير) 2011 المقطع الأخير 1/5/2011

........................

هوامش وتعليقات:

1) تعوَّد الناسُ على مخاطبة الجماهير بكلمة: "أيها الشعب" وقد فضلت أن أناديهم بـ(سيدي الشعب) في بداية كل خماسية من هذه القصيدة بعد ثورة 14 جانفي 2011 تقديرا لما قاموا به في هذه الثورة.

(رَبُّ الكلام)، أي مالكه وسيده، قال تعالى على لسان يوسف في تعبير رؤيا أحد أصحاب يوسف في سجن عزيز مصر: (يا صاحبَي ِالسِّجنِ أما أحدكما فيسقي ربه خمرا) يوسف 41. وقال االمتنبي مفتخرا بنفسه:

أنا تِرْبُ الندى ورَبُّ القوافيـ***وسِمامُ العِدَى وغيظ ُالحسودِ

ويقال: "فلان رب البيت." أي مالكه. ويمكن أن نقول في هذا البيت: أنت حُرُّ الكلام، أو: روح الكلام...

(2) الأنام: الخلق، قال تعالى: (والأرض وضعها للأنام) سورة الرحمن 10.

(3) كانت المظاهرات أيام الثورة تندفع على وقع شعارات وأناشيد فصيحة أو شعبية مرتجلة جادة تارة وساخرة تارة أخرى منطوقة أو مكتوبة لتشجيع الجماهير على المطالبة بتحقيق إرادة الشعب، وقد انتقل معظم تلك الشعارات إلى كثير من الأقطار العربية الثائرة.

(4) العَروض: ميزان الشعر، والعِرْض: الشرف.

(5) الطـَّغام: أوغاد الناس، تستعمل للمفرد والجمع، والعامة تقول: أوباش.

(6) صدْر هذا البيت مأخوذ من قول امرئ القيس في معلقته، مشبِّها سُرْعة جواده بسرعة انحدار صخرة كبيرة أنزلها سيل المطر من مكان عال في الجبل إلى السفح، وقد وقع تحويله من البحر الطويل الذي كتبت عليه المعلقة إلى البحر الخفيف الذي كتبت عليه هذه الخماسيات،، وأصله:

مِكَرّ مِفَرّ مقبل مدبر معًاـ***كجلمود صخرٍ حطه السيلُ من عَلُ.

 (7) المَعْمَعِيُّ: هو الإمّعة التابع الذي لا رأي له، فهو يقول لكل أحد: "أنا معك".

(8) المَعمَعُ: هو ذو البصرِ بالأمور والمزاولة يقال: هو ذو معمعٍ، والمرأة المعمع: الذكية المتوقـِّدةُ.

(9) معظم الرسل والأنبياء كانوا رعاةً.

(10) وأبو جهل الذي...: تـُقرأ هكذا: (جَهْلِن ِ الـَّذي) لإقامة الوزن. وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان يُقال له أبا الحكـَم، فدعاه المسلمون أبا جهل، وهو رمز للظلم والجبروت في صدر الإسلام، وقد قـُتل في معركة بدر.

(11) ريبُ المنون: الموت أو مصائب الدهر، والزئير: صوت الأسود، والثـُّغاء: صوت الشياه.

(12) الغضنفر: الأسد، ومن أسمائه وكـُناهُ وألقابه الكثيرةِ التي جاءت في "كتاب نظام الغريب"لعيسى الربعي: (الضيْغم والضِّرغام والهصور والقسورُ والضُّبارِم والرِّبال والخاذر والمُخـْذِر والليث والقـُضاقضة والمُلـْبـِدُ وذو اللـِّبْد وأبو الشِّبل وحَيْدَر أو حيدرة والهَموس والدَّلـْهَمْس والبيْهس والعنبسة والغضنفر والشتيم والعَفرْنا وأسامة والدِّلـْهاث)، وقد سها مؤلفه عن ذكر أسمائه الخمسة التالية: الهـِزَبْر والأغلب والوَرْد والفدوْكَس والهرماس، وفي القرآن الكريم: (فمالهم عن التذكرة معرضين كأنهم حُمُرٌ مستنفـَرة فرّتْ مِنْ قسْورة). (سورة المدَّثـِّر51).

(13) فضَّلنا هنا تشبيه حب الشعب للحرية بحب (قيس بن ذريح للبنى) على حب (قيس بن الملوّح لليلى) لأسباب كثيرة منها أن الأول قد بنى بلبناه ثم فارقها مضطرا تحت السلطة المادية والمعنوية لأبويه ثم تزوج أخرى اسمها لبنى أيضا أما الثاني فلم تكن له زِيجَةٌ بليلاهُ وحُرم منها حتى جُن وفاز بها غيره.

(14) الحَمِيَّة ُ: الأنَفَة ُ، والعزّة الغلباء: العزيزة الممتنعة.

 (15) الصقر كالنـَّسْر بفتح النون: وهما من الكواسر والجوارح، ويمكن أن نعوِّض الصقر بالنسر في هذا البيت.

(16) من قولة مشهورة على لسان الحكام الحكماء: (لو دامت لغيرك لما وصلت إليك). وقد رآها الشاعر مكتوبة على باب قصر أمير الكويت.

(17) الجُنة: الوِقاية.

(18) المِجَنُّ: الترس الذي يتقي به المحاربُ سيوف ورماح الأعداء

 

 

في نصوص اليوم