نصوص أدبية

سوناتا إلى (صور)

موسيقى (اليامال) بوجهِ الرِّيحِ

تُعانِق فيها أشرعةَ السُفنِ السَكْرى

hosham mostafa

سوناتا إلى (صور) / هشام مصطفى

 

يا سَيّدةَ الذكرى المغْروسةِ في

نبضاتِ السَّطْرْ

هلْ لي أنْ أحلمَ باسْترْجاعِكِ ذاتي

مِنْ أعماقِ الْبَحْرْ

إنّي رحَالٌ آتٍ منْ

خَيْباتِ الْعُمرْ

قدْ ضلَّ طَريقَ الحُبِّ فأسْلَمَهُ

لِطريقِ الشِّعرْ

أتلحَّفُ حرفي كيْ أنجو

منْ برْدِ الْعَجزْ

يا سيّدَةَ الوَجَعِ المُمْتدِّ

على الجسدِ المتبَعْثرِ في أرجاء النَّهرْ

ما زلتُ أسافرُ

بينَ جزائرِ حُلْمٍ منْفيٍّ لا يدري

أينَ نهايةُ دَرْبِ المَشْدودِ إلى

غيْباتِ السِّرْ

فإنا الْمَعْجونُ بِحُبِّكِ

مُنْذُ وَعَيْتُ بأنّي إنسانٌ

يحْمِلُ في طيّاتِ الجِسْمِ المُنْهَكِ قلبا

لمْ يَعْرِفْ يوما

نسماتِ الْفَجرْ

فإذا عيناكِ تُحاصِرُني

(يا صور)

تُداعِبُ فيَّ رمادي ... تَبْعثُني

كيْ تُلْقيني منْ شطِّ هواكِ

إلى السَّفرِ الأعمى

لضفافِ حقيقَتِكِ المَجْهولةِ

ليس معي منْ زادٍ

غيرَ شِتاتِ الْفكرْ

يا سيّدةَ الحُلْمِ المُتَوالدِ

منْ أضلاع الصَّدرْ

تتلعثم في شفتي المَشْقوقةِ أسئلةٌ

تتكسّرُ منْها أجْوبَتي

كالمَوْجِ الحائرِ بَيْنَ غُموضِ الْبَحْرِ

وبينَ سكوتْ الصَّخرْ

أتَساءَلُ

كيفَ سَبَيْتِ خُطى الزَّمنِ الْمُتَلَوِّنِ

خَلْفَ جِدار الدِّهرْ ؟!!

لِتَكوني كامْرأةٍ لا تَعْرِفُ

معْنى الشَّيْبِ ولا حدّا

لجنونِ السِّحرْ

أوْ كيْفَ جَعَلْتِ غُوايَتَكِ الْمَسْكونةَ في

تيهِ الشُّعراءِ كأغْنِيَةٍ

تتعانقُ فيها دنْدَنةُ الصَّحراء بعودِ الْبَحْرِ لكي

تَتَرَنَّمَ ألْسِنَةٌ للطَّيرْ ؟!!

أوْ كيْفَ مفاتِنُكِ الْحُبْلى

بالْفيْروزِ الآتي من

ضوء الشَّمْسِ لِيَسْكُبَ عِشْقَكِ في

قنْينِ الْخَمرْ

فجعلْتِ هُيامَكِ قِنْديلا

لمُريديكِ الْمَسْلوبةِ كي يمْشوا

درْبَ العِشْقِ الأفنى

ويَلمُّوا أشْرِعَةَ العقلِ ...

وأجْنِحَةَ الفِكْرِ فلا يبقى

إلا إحساسُ الدّهْشَةِ يَهْديهمْ

لمراسي الأسرْ ؟!!

أوْ كيفَ جَعَلْتِ التَّاريخَ

يُطَرِّزُ منْ

روحِ الشَّرْقِ الْولهى

وفضاءات الْغَرْبِ الحُبلى

لوحاتٍ كاملةَ الْمعنى

تَتَجلَّى بيْنَ حوانيتِ التُّجار

وبيْنَ شوارعِكِ الْمَنْظومةِ

كالعقدِ المُتَلألئ في

عُنقِ الحسْنا

ويُشكِّلُ منْ أضدادِ العالمِ

موسيقى (اليامال) بوجهِ الرِّيحِ

تُعانِق فيها أشرعةَ السُفنِ السَكْرى

بغناء النّهّامِ وجِدِّ (نواخذها)

نحو الأفق المُترامي للخُلْدِ الأسمى

لا تمْحوها الأيّامُ ولا

عبثُ الدُنيا

تَتَحدَّى الفَخرْ

يا سيدةَ المعنى المُتَمَرِّدِ

فوْقَ خيالِ الشِّعْرِ وفوقَ

فضاء النَّثرْ

أتْقَنْتُ فنونَ الحبِّ المجنونِ

ولكني

لم أتقنْ يوما فَنَّ الْهجرْ

مارسْتَ مجونَ العِشْقِ فأسْكَرَني

لكني ...

حينَ عرفْتُ هواك مُصادفَةً

فكأنّي لم أعرفْ يوما

طَعْما للسُّكرْ

فدَعي الآلامَ ... تُعَلِّمني

منْ حُبِّكِ ... كيفَ

أخون الصَّبرْ

 

شعر / هشام مصطفى

......................

* صور مدينة ساحلية في عمان واسمها يتوافق مع صور اللبنانية تختزن في ذاكرتي بكثير من الذكريات في بدايتي العمل في عمان

 

 

في نصوص اليوم