نصوص أدبية

أرى ما أرى...؟

وتـُغري بحسن ٍتـَبَدَّى لكل العيونْ

وحسن ٍخـَفِيٍّ تراه الظنونْ

nooradin samood

أرى ما أرى...؟ / نورالدين صمُّود

 

أرى ما أرى؟ هل تـَرى، ما أراهُ، عيونُ السهارَى؟

أرى ذات حسن ٍعلى حَلـْبَةِ الرقص ِفي رقصها تتبارَى

مع الفاتنات الحـِسان العَذارَى

وتـُبدي لنا كنزَ حُسْن ٍإذا ما تبدَّى توارَى

وإنْ رقصتْ أرْقصتْ مُهَجاتِ السهارَى

وإنْ حرّكتْ خَصرها تركتهمْ سكارَى

وإنْ ركض الموجُ في صدرها صيّرتهمْ حَيارَى

وجالت بأعماقه زائغاتُ العيونْ

وغاصت به حائراتُ الظنونْ

وألقت على أعين الساهرين انبهارَا

أرى ما أرى؟ هل تـَرى، ما أراهُ، عيونُ السهارَى؟

* *  *

إذا صرخ البوقُ واهتزَّ خَصرُ الوترْ

تـُصوَّبُ نحو اهتزازاته الرائعاتِ سهامُ النظرْ

وتـَتبَعُها أينما خطرتْ دون أيِّ خفرْ

وتبقـَى تـُسابقـُها

وبالابتسام تلاحقـُها

وبالنظرات تعانقـُها

وتبدو على حَلـْبَةِ الرقص تـُغري السهارَى

كما ركضتْ مهرةٌ في السهول الفِساح وبين فجاج الصحارَى

وتـُغري بحسن ٍتـَبَدَّى لكل العيونْ

وحسن ٍخـَفِيٍّ تراه الظنونْ

وإنْ خاله الناظرون، عن الأعين الساهراتِ، توارَى

أرى ما أرى؟ هل تـَرى، ما أراهُ، عيونُ السهارَى؟

***

تظل على الركح تـُبدي فنونـًا من الابسام

مع الاحتشام

مع الانسجام

مع اللامبالاةِ والاهتمام

ولم تتكلف إراقةَ َ ماء الحياءِ

لتـُرْوِي قلوب الظـّـِمَاءِ

لشرب لذيذ المدام

ولكنها تركت في رؤوس جميع السهارَى

من النشوة المُشتهاةِ دُوارَا

أرى ما أرى؟ هل تـَرى، ما أراهُ، عيونُ السهارَى؟

* * *

رأيت، برقصتها، كل شيءٍ لذيذ ْ

بها تترك القلب فيها أخيذ ْ

كأني شربتُ بها أكـْؤسًا من نبيذ ْ

وهذا البهاءُ المجنـَّحُ يترك في قـَفـَصِ الصدْرِ طيرَ حمامْ

يَرِفُّ ويعزف بين الجوانح لحنَ الغرامْ

له فوق أوتار قلبي خُفوقٌ وعَزْفُ

إذا ظل في الليل يَصرخ بوقٌ ويُنقـَرُ دُفُّ

ويُصْفـَقُ كـَفٌّ وكـَفُّ

ومنها يضوع ُعَبيرٌ وعَرْفُ

ويبقى فؤادي لهذا البهاء يَرِفُّ

ويوشكُ، ما يَستـُرُ الحسنُ، عنه يَشِفُّ

ويَكشِفُ مِنْ حسنها ما توارَى

أرى ما أرى؟ هل تـَرى، ما أراهُ، عيونُ السهارَى؟

* * *

أرى ذاتَ فنٍّ بديع ٍمِنَ الرقص تنسابُ بين الحِسانِ فريدهْ

فأحسب أني أرى مُهرةً ركضتْ في السفوح المديدهْ

تـُسابق في ركضها الصَّافِناتِ الجيادَ الشريدهْ

وتبدو لعينيَّ في رقصها مثلَ أحلى قصيدهْ

تـَرِنُّ وتـَسكبُ إيقاعَها في بحور جديدهْ

وتـَسْحَرُنا بقوافٍ شريدهْ

فحِينـًا تـُزيحُ عن الصبح ثوبَ السوادْ

وآنا تخط ُّ، على مرمرٍ ناصعٍ، بالمدادْ

ويبدو سوادُ الثيابِ على عسجديِّ القوامْ

بغير نظامْ

ولكنْ بكلِّ انسجام ْ

كـَمُسْوَدَّةٍ لقصيدةِ شعرٍ جديدهْ

تـُحاكي سوادَ المِدادِ على ناصعاتِ الصحائفْ

وتـُشبه أحلى قصيدةِ حبٍّ تبوح بأشهَى العواطفْ

لأحْرُفها السودِ أجنحة ٌفي بياض الصحيفة، من حسنها الليلُ يغدو نهارَا

وتبعث في الساهرين غريب العواصفْ

وتـُلهبُ في مِئـْزَرِ الليلِ نارَا

وتترك أفئدةَ الناظرين سكارَى

أرى ما أرى؟ هل تـَرى، ما أراهُ، عيونُ السهارَى؟

* * *

 

تونس ـ نورالدين صمُّود

 

 

في نصوص اليوم