نصوص أدبية

دِي. بِي. دِي *D.B.D

ديموقراطي/ بيرو قراطي/

 ديكتاتوري

nooradin samood

دِي. بِي. دِي *D.B.D / نورالدين صمود

 

كلُّ من قد كان في البدء زعيمًا ديموقراطي

صار في ما سار فيه بـيـروقراطي

ثم أمسَى بعد هذين ظلوما ديكتاتوري

هكذا الحاكم والأحكام في كل العصور ِ

وأنا في أمره قد مَلَكَتـْني حَيْرةُ الطائر في يوم مطير ِ

حيرةٌ لمّا تزلْ تَشْغَلُ في الكون عقولا وقلوبْ

أوشك القلبُ، إذا ما فكر فيها، أنْ يَذوبْ

وهْيَ كانت في جواب عن سؤالْ

حير الناس نساءً ورجالْ

مثل تحقيق المُحالْ:

(أين نـَلـْقَى المثلَ الأعلى لحكم ٍ

عادل تَرْضَى به كلُّ الشعوبْ؟)

وأنا في حَلـِّهِ، ما زلتُ حيْرانَ الفؤادْ

في بحارٍ من سُهادْ

فوق مهد من قتادْ

فأتاني من (بني الإغريق) في الأمر الجوابْ

إنه فَصْلُ الخِطابْ:

(خَيْرُ حُكْمٍ قَنـَّـنـُوهُ في (أثينا)

ورأيناه سليما غاليا جدًّا ثــمِينا

وهْوَ حكمُ الشعب بالشعب من الشعب على كل الشعوبْ).

قد دَعَوْهُ (ديموقراطي) مَنْ قديمْ

قبْلَ (سُقْراطَ َ) الحكيمْ

وسَرَتْ في الكون بُشْرَى غمرتنا

وبعيش ناعمٍ، في ظل عدل، طـَمْأنـَتـْنا

وهْي، مِمَّا لاح فيها من بَهاء، جعلتنا

لِبَني اليونان ِبالشكْرِ نـُغَـَنِّي

وشعوبُ الأرضِ، من نشوتها، راحتْ تُهَنِّي

غير أنـّي

خاب ظني

مثلما خابَتْ ظُنونُ الناس في مَنْ حَسِبوهُ ديمو قراطي

يَحْْكُمُ الناسَ بعدلٍ في طريق مستقيم كالصِّراطِ

فلقدْ ظـَـنـّوا، وبعضُ الظن إثـْمٌ، أنـَّهُ

عادلٌ ما بينهم ليس اعتباطي

وبِـِطول ٍالعهد في الكرسِي كسلانَ بلا أي نشاطِ

خاب ظن الناس فيه إذ ْبَدَا يحكُمُهُمْ مِنْ خلفِ (بيرو)

وهْو صِفـْرٌ مستديرُ 0

وهْوَ في الأحكام (زيرو)0

ما الذي كان يُديرُ؟

لم يُدِرْ إلا رقابَ الناس، يا بئسَ المديرُ !

مالَـَهُ فِيهِمْ ضميرُ

أو شعورُ

وهْو في الحكم يَجُورُ

رأسه كِلـْسٌ وطينٌ و(يَجورُ)

وهو (طابوقُ) بناءٍ في جدارْ

شدَّهُ في الأُسِّ بالإسمنتِ بـَنـّاءٌ قديرُ

فهو واللهِ غبيٌّ كالحمارْ

لم يكن يسمع منه الناسُ إلاَّ:

(عُدْ غدًا أو بعد غدْ)

هكذا دوْما ولو أقبلتَ من أقصى البلدْ

وهو قولٌ منه كلُّ الشعبِ مَلاَّ

وبهِ قد (غَدْغَدَ) الناسَ ولم يُنصفْ أحدْ

في البلدْ

وهْو لا يأتي إلى مكتبه إلا لِيُمْضي

بَعْضَ وَقْتٍ،ٍ ثم يَمضي

ليس إلا ليس إلاَّ

وهْو لا يُمضي على تلك المطالب

بسِوَى الرفض لها، واللهُ غالبْ.

هكذا قد صار في تسييره كلّ الأمور ِ

(بيرو قراطي)

يحكم الناس من (البيرُو) فَتـَعْسًا للمديرِ !

بعد ما قد حسبوه ديموقراطي

وهو في أعماله جـِدُّ اعتباطي

هكذا الحكمُ لدينا قد تطوَّرْ

فتصوَّرْ

أنه في الشعبِ، مذ جاء، تجبّرْ

وتنمَّرْ

وعلى الكرسيِّ كالمِسمار، في اللوح تـَسَمَّـرْ

وعلى الناس تكبرْ

وغدَا مِـنْ بعد هاتيك الأمورِ ِ

يَحَكَمَ الناسَ، بحكم (ديكتاتوري)

فتراهُ هاجمًا قولا وفعلا كالنـُّمُور ِ

(أو كأصوات الموتور ِ)

في عسيراتِ الأمور ِ

ويَرَى كلَّ الذي يَحْسَبُهُ الشعبُ ضروري

(موش ضروري)

والضروري لم يعد في رأيه شيئًا ضََروري

بل يراهُ صار ضُـرّْ

وخطرْ

ما خطرْ

للبشرْ

وهْو شَـرْ

وَمِنَ المُرِّ أمرْ

وبعيدٌ نَيْلـُهً مثلَ صعودٍ للقمرْ

عند هذا الدكتاتوري

وهو أمْرٌ من بسيطات الأمورِ ِ.

****

يا ضمير الشعب، يا من نِمْتََ في الضّـَيْم، استفقْ

وإلى النصر، على أجنحة العصر، اسْـتـَبـِقْ

وعلى الجُبْنِ انتصِـرْ

ولـْـتَـَطِـرْ

في سماءِ المجدِ يا مَنْ

شِئْتَ أن تبقَى مَدَى الأيام آمِـنْ

تتمنى أنْ تُقضّي العمْرَ حُـرّ ْ

دون سعْي مُـسْـتـَمِـرّ ْ

للظـَّفـَرْ

فَلـْتَثـُـرْ

وعلى الجوْر انـْتَصِـرْ

وبمَنْ قد صار فينا ديكتاتوري

فاعتبرْ

حينما تحلـُم أنْ تَحْكُمُ يوما في البشرْ

بشعار الديموقراطي

ثم تغدو مثل من ثـُرْتَ عليه،

بيرو قراطي

وتُرَى في آخر الأمر عليهم ديكتاتوري.

* * *

دي بي دي D.B.D

يا رفاقَي يا كرامَ البلدِ

أ تُرانا سوف نبقى هكذا للأبدِ؟

بين حكم ديموقراطي يَبْتدي

ثم يغدو بيرو قراطي في شؤون البلدِ

ونراهُ بعد هذا ديكتاتوري

جائرًا كالأسدِ

دائمًا يظلِـمُ إذ يحكمُ في كل الأمور ِ

وعلى كل حقوق الشعب دومًا يعتدي.

لا تلوموا كلَّ مَنْ قد زعموه (ديموقراطي)

مستقيما كالصراط

وهْو في مَنْ دون سِنِّ الرُّشْدِ ِمِنْ كلِّ الشعوبْ

لم يكن في الحكم يسعَى لسِوَى مَلْء الجيوبْ

ونـَراهُ لم يكنْ إلآ اعتباطي

والقوانينُ التي قد قنّنوها

والتي قد دونوها

والتي قد كتبوها

والتي قد نقـَّحوها

والتي في الرائد الرسمي يوما نشروها

بعد نقد ونقاش وجدال تَـمَّ في كل تباطي

طبَّقوا، غير الذي قد كتبوهُ، بالسياطِ.

* * *

لا تقولوا أيَّ شيء بعد هذا

مثل: ماذا أو لماذا؟

ولتلوذوا بعد طول الخسف بالصمت لواذا

وانـْدُبوا حظـَّكُمُ في ذي الحياة ْ

إذ خنعتمْ وانبطحتم للطغاة ْ

فاقضموا السبابة اليمْنَى التي قد بَصَمَتْ

واَلـْعَـنوها

وعلى ما أجرمتْ يوم جنتْ

فــاَقـْطـَعـوها

(وبإبهام)  ٍلكم في رجلكم فلتبصموا

واهتفوا في الناس كي ما يعلموا

أنكمْ من كل جَحْش ٍ، قبل أن يغدو حمارًا، (أبهمُ).

 

تونس - د: نورالدين صمود

..................

هوامش:

1) أدخلت بعض الألفاظ الفرنسية والعامية عمدا للسخرية من بعض الأوضاع الاحتماعية المضحكة من باب قول الشاعر: (وشر البلية ما يُضحك) وقول المتنبي:

(وكم ذا بمصرَ من المضحكاتِ*ولكنه ضحكٌ كالبكا)

(بيرو)  BUREAU باللغة الفرنسية: مكتب أو طاولة المدير المسؤول.

(زيرو) ZERO بالفرنسية صفر 0 أي فارغ  لا شيء فيه، والصفر عند العرب عبارة عن دائرة فارغة.

قال الأخضري، بعد المقدمة المنظومة في 23 بيتا. (الباب الأول في حروف الغبار وما يتعلق بها) وفيه خمسة أبيات نذكرها كاملة، والشاهد على أن الصفر عند العرب دائرة نجده في البيت الثاني منه، ومعلوم أن شكل الحروف يكون بالفتحة والضمة والكسرة، وأما السكون فقد رمزوا له بصفر مدور 0 أي أن ذلك الحرف صفر من الحركات، والضمير في البيت الأول يعود على الحساب،:

 حروفـُهُ معلومة ٌمشهورهْ*من واحدٍ لتسعة مذكورهْ

وجعلوا صفرًا علامةَ الخلاَ*وهْو مدوَّرٌ كحلـْقةِ جَلاَ

وأربــعٌ مراتـــب الأعــدادِ*أولـهــا مراتــبُ الآحــادِ

والعشراتُ بعدها المِــؤونا*وبعدها الآلافُ يـذكرونا

ومِن هــنا تـَبَدُّلُ الأعدادِ*فــترجــعُ الآلافُ كالآحــادِ

المصدر كتاب: (نظم الدرة البيضاء، في الحساب وفقه الفرائض والمواريث) لأبي زيدعبد الرحمن الأخضري، صححه وضبطه الشيخ محمد الجديد أحد المتطوعين بجامع الزيتونة وطبع بمطبعة التقدم العلمية بمصر المحمية سنة 1325هجرية، أي منذ مائة وثلاثة وثلاثين سنة هجرية.

تعقيب على معاني القصيدة:

قال عِمْران بن حِطّان:

حتى متى لا نرى عَدْلاً نعيش بهِ*

ولا نرى لرُعاةِِ الحقِّ أعوانَا؟

وقال حافظ إبراهيم:

رأيُ  الجماعةِ لا تَشْقَى البلاد بهِ،*

رغم الخلافِ، ورأيُ الفردِ يُشقيها

وقال خليل مطران:

كُلُّ قوم خالقو نيونِهِمِْ*

قَيْصرٌ قِيلَ له أو قيل كسرى

قال أحمد شوقي:

زمانُ الفردِ يا (فرعون) ولـَّى*ودالتْ دوْلة المتجبرينا

وأصبحتِ الرعاةُ بكل أرضٍ*على حكم الرعية نازلينا

والمقصود بفرعون هنا كل حاكم متجبر بالرعية والشعوب.

 

في نصوص اليوم