نصوص أدبية
لا أرجــو سوى ذكراك
وإِنْ خاطبني طيفُك ذات ليل بارد،
تلحفتُ أشعاري وأوقدت أفكاري،
لأصطلي بها من قَرّ الوساوس العَنيدة.
لا أرجــو سوى ذكراك !! / محمد المهدي
كلما رَنَتْ عيناي صوب عيناك ..
طلبتُ النّجدة من رواد البحر،
و خبأت قواربي بعيدا عن التّيار .
فلا حاجة لي بصيدٍ يَتلوه الخراب .
أنا لا أُريدُ من البحر غير مَحارةٍ
وحيدةٍ فريدة ..
على جدارِها يُتلى تاريخ التراب،
و بعضُ أحرف من قاموس السّراب.
قلبي .. أنت يا أيها الشقي..
أيّها النقي التقي،
هل تُسْلِـمُ كل قلاعَك طوعا،
إلى مارد الغِواية !
أم تَنحني قَسرا أمام
رياحِ العشق المَقتول!
وتَتَمَترسُ خلف أحلام الصِّبا ،
وأطيافَ الشمس والصبح المأمول!
هل تُهــدي قواربَــــكَ الى المَــــــدّ ،
و تسدل أشرعة الشّوق الغابِـر في الأعماق؟
هل تَحجِز للأغنيات الحزينة،
مكانا بجوار المقبرة؟
حيث تتناثر زهيرات القرنفل والياسمين ..
سأمضي واثقا ،
أرسم خطوي على ضِفاف الجريدة،
وأمحو صدى الذكريات البعيدة .
و إِنْ خاطبني طيفُك ذات ليل بارد،
تلحفتُ أشعاري وأوقدت أفكاري ،
لأصطلي بها من قَرّ الوساوس العَنيدة.
أتلمسُ قَطر النّدى من على وجنتيك،
و أرشُف ما تبقى من بَرَد تَهاوى
من دِنَــان مُقْلتيك..
أُوَطِّنُ عيايَ على مَرمى الجمال..
وأَسقي بِراحِـي من نسيم الرّوح أشجاني،
فتورقَ عند انسلال النّور أهدابُ الشمس ،
و يسدلُ الحاضرُ ظلاله على العيون الممتدّة
صوب الأفق الغائــر .
تَرمُقُ زحف الغـد الهَروب ،
وتُسجل على رمال الشاطئ
وَقْـــعَ العاشقين ..
وتُبشّرُ حَيارى اليوم بِــغَــدٍ مجيد،
وسَهارى اللّيل بصبح وليــد .
أُساوِقُ وَساوسي الجامحـة،
أُراودها بِــيُسْـــــــر ،
كَيلا تـُــــلِـحَّ في السّؤال ..
أَتَحاشى حَــرجَ الكلمات المُتَكلسة في حَلقي ،
و تَمَنُّـــعَ القَصيــد الـمُسَجّـر في الوَريد .
هي الأمكنةُ وحدَها التّـي تُحابِــيني،
وتُثيـــــــرُ فــيَ نـَــــــــزق المُريـــــــــــــد،
و صورَ الماضي التّـليــــد .
تَحضُنني وأَحْضُنُهــا بعمق المـــــــــاء،
وبِحرارة العيــد عِند الصّبيـة ..
حيثُ كُنا نُـلاعب يومنا،
ونَرقُبُ الغدَ الآتــي بلون الأقحوان،
وأريج القرنفل والسنديــان ..
قُرمزيٌ لَون عيناكِ ،
يَشُدُّني كلما أثخنَتْ
قواربي صوب ذكــراك،
و يوقظُنـي كلما أسـرّ إلي بريـق
عيناك مواعيدَ لُقـياك .
فأَمسيتُ أَسيراً بين أمل يواري
شظف الحنين إلى عينـاك،
وأمل يستبقني إلى الارتماء في حوض دنيــاك .
فكيف أصُـدُّ طَـيْفَ هواك،
كلما رَنَتْ عينايَ صَوب عيناك!؟
محمد المهدي ـــــــ المغرب
05 ماي 2017