نصوص أدبية

تغاريدُ روح

كذا النفسُ التي أمَرَتْ بسوءٍ

تُبَرِّرُ فعلَها أنّى اسْتطاعتْ

sadiq alsamarai

تغاريدُ روح!!* / صادق السامرائي

 

تغاريدٌ بها الأعْماقُ فاضتْ

وأنغــــامُ بأوْديةٍ تهـــــادَتْ

 

تُلحّنهــــــا إراداتُ انْبثاقٍ

وتَسْجَعُها حَمائمُ إسْتجارتْ

 

وتسْكبُها على رَمَضِ اشْتياقٍ

فتُلهِبُ خافقا فيهِ اسْتقادتْ

 

هيَ الأرواحُ من وجعٍ تسامتْ

على أفقٍ من الأشجانِ طافتْ

 

تُسائلُ جذرَها عن أصْلِ تُربٍ

وعَنْ ماءٍ بهِ العُليا تساقتْ

 

وعَنْ ألمٍ بهِ الآلام تُكْوى

وعَنْ وطنٍ بهِ الآحلامُ ماتتْ

 

وديعُ القلبِ مَحفوفٌ بنَبضٍ

وأنياطٍ إذا انْقبَضَتْ تراختْ

 

كذا الدنيا لآلتها انْفراجٌ

بتعْسيرٍ وتيْسيرٍ تواصَتْ

 

وإنْ جَهَمَتْ على قومٍ بعَصرٍ

فإنّ النفسَ قد أثِمَتْ وخانتْ

 

وإنّ الشرَّ في بَشَرٍ عَميمٌ

وكلّ خطيئةٍ فيه اسْتطالتْ

 

تحاورُنا الخطوبُ بما أجادتْ

وتسألنا لماذا إسْتدامتْ؟!

 

وفي سؤل الخطوب لنا جوابٌ

لهذا الداءُ أدويةٌ تلاحَتْ

 

ومَنْ عَرَفَ العلاجَ يَموتُ همّا

كأنّ الداءَ داءاتٌ ترامَتْ

 

تَبقّل بعْضُها وطغى بغيْرٍ

فأفْسَدَ خلقَها والنفسُ طاشتْ

 

مفاسِدُها بإفْسادٍ تعنّتْ

ومِنْ عَجَبٍ بأديانٍ أكادتْ

 

كذا النفسُ التي أمَرَتْ بسوءٍ

تُبَرِّرُ فعلَها أنّى اسْتطاعتْ

 

وتملكُ مَنْهجا مِنْ أفكِ ذاتٍ

يُسوًغ آثما، فترى أصابَتْ

 

نواهِيُنا لأنفُسِنا عَبيدٌ

تؤمّرها عواطفنا فخابَتْ

 

وقولُ العقل في زمَنِ اضْطرامٍ

كقطر الماء في نارٍ تشابتْ

 

أجيجُ مُنافقٍ بُرهانُ عَزمٍ

وحِكمةُ عاقلٍ فيها تخابَتْ

 

فصُنْ وطنا في كونِ روحٍ

ودَعْ وطنا بهِ الأحوالُ ساءَتْ

 

تَسَرْطن ظلمها فالجَورُ دينٌ

وكمْ ضاع الأمانُ بما أضاعتْ

 

هي الأوطانُ في خُلُق اجْتماعٍ

وعِصْمة ُذاتِها منها اسْتزادتْ

 

ومَنْ حَسِبَ القويَ بها مُعينا

ستأكلهُ الوحوشُ كما أرادتْ

 

فكلّ قويةٍ تسعى لفتكٍ

وإنّ ضِعافَها خوفا تراشتْ

 

شعوبُ الأرض قدْوَتُها منارٌ

تكونُ بها وإنْ فُقِدتْ تعادتْ

 

فلا تعتبْ على شعبٍ تشظى

تقودُ مَسيرَهُ زمرٌ أحافتْ

 

تولّى الناسَ ما فيهمْ عَليْهمْ

لخانسةٍ لهمْ بَرَزتْ فسادتْ

 

فواقعُ أمرنا مرآةُ إنّا

شواهدُها على عُصُرٍ تبارتْ

 

غَريبُ الدارِ مَنْ مُحِقَتْ رُباهُ

وعاشتْ في خيالٍ أو تراأتْ

 

فآهُ الروحِ مَوئلهُ دَفوقٌ

وإنَّ الروحَ مِنْ ألمٍ أباحتْ

 

جراحُ الروح تنكؤها جراحٌ

وما التأمت لأهاتٍ توالت!!

 

فحسْبُ الروح مَوْطِنُها اغْترابٌ

يؤلِّمُها بأحْداثٍ تشاكتْ

 

هيَ الأيامُ تأكلنا بصَمْتٍ

وترْمينا على سُفُحٍ أكالتْ

 

فهلْ جاءَ السرابُ لنا بماءٍ

وهلْ بزغ اليقينُ بها فحانتْ؟!!

 

تُطاردُ وهْمَها نفسُ ابْتلاءٍ

سرابا لاطِئا أرْضا أقالتْ!!

 

لنا أمٌّ بشانئةٍ ترزّتْ

وأحفادٌ أهانوها فخارتْ!!

 

فعِشْ زمنا بهِ الأزمانُ تَشقى

وَصِلْ أمَلا إذا الأحْلامُ بانَتْ!!

 

د. صادق السامرائي

................

* القصيدة من وحي تعقيب الأستاذ المبدع الأصيل الشاعر يحيى السماوي المحترم على قصيدة "تعادى الناس" المنشورة في صحيفة المثقف الموقرة، وهي من نفس البحر، مع خالص التقدير والإعتزار والود.

 

 

في نصوص اليوم