نصوص أدبية

عودة المُغترب

nooradin samoodبين يدي القصيدة: يكثر الحنين إلى الوطن في مفتتح كل صيف، فتكتظ الموانئ بالبواخر الحاملة لأبناء شمال إفريقيا نحو أوطانهم حيث يلتقون خلال فصل الصيف مع القادمين من بلاد الغربة، والملاحظ أن القصيدة على البحر المقتضب القليل الاستعمال في الحديث، وقد ضبطه صفي الدين الحِلي بقوله:

اقتضبْ كما سألوا*مفعولاتُ مفتعلُ

مع وجوب حذف ثاني السببين الخفيفين في التفعيلة الأول، فيكون وزن كل شطر في البيت: (مَفْلعُلاتُ مفتعل) وأشهر ما كتب عليه الأبيات التي كتبها الحسن بن هاني ومطلعها:

حامل الهوى تـَعِبُ*يستخفه الطرب

إنْ بكى يحق له*ليس ما به تعبُ

وقد كتبت على منوالها معارضات كثيرة رسّخت مويقى هذا البحر في أذهان الشعراء، وللمقتضب ضرب ثان : (مفعلات مفعولنْ)  مثل قصيدتي:

(قد رمته بالنبْلِ*من عيونها النجْلِ)

 

عودة المُغترب / نور الدين صموّد

 

رَقـَــصَــــتْ بــه السّـُــفـُــنُ

حـِــيــنَ شَـــاقـَـــهُ الوَطـَـــنُ

عَـــائِــــــدًا إلـَــــى بـَـــلـَـــدٍ

أهـــلـُــــهُ بـِــــهِ سَـــكـَــنُــوا

فــــي دِيَــــــارِ غُــــرْبَــتِــهِ

لـَــــفَّ قـَـــلْــبَــهُ الشَّـــجَــنُ

لا تــــــهُـــــزُّهُ فِــــــتـَـــــنٌ

حَيْــــثُ تـَــبْــهَـــرُ الفِــتـَــنُ

إنْ صَحَـــــا يُـــصـاحِــبُـــهُ

طـَــيْـــفـُـــهُ، فـَـيَــفـْـتـَـتِـــنُ

وَيُــــقِـــضُّ مَــضْــجَـــعَـهُ،

حـِيـــنَ يَـهْــجَــعُ، الــوَسَـنُ

وَيـَـــظـَـــلُّ يَــــسْـــأَلُـــــهُ :

"هَلْ سَيَـسْـمَــحُ الزَّمَـنُ ؟...

وأراكَ ثـَــــانـــــيـَــــــــــــةً

يَـــوْمَ تــَـغْــرُبُ المِحَــنُ ؟"

إنّـَـــهُ بـِـــدونِ حِـــــمَــــــى

ضــائِــــعٌ ومُــمْـتــَـهَـــــنُ

حُــبّـُـــهُ لـِـــمَـــوْطِــنِـــــــهِ

بـالغِـيَــابِ يُـــمْــــتـَــحـَــنُ

فـَــــــذَوو قـَــــــرَابــتِــــــهِ

فــي ضُـلـُوعِـهِ سَـكـَـنُــــوا

أتُـــــرَاهُ فــــارَقـَـــهُــــــمْ ؟

أمْ هـُـمُ الأُولَى ظَعـَــنـُـــوا؟

إنَّ يَــــوْمَ عَـــــوْدَتِـــــــــهِ

يَـنْــتـَــهــي بـِـهِ الحَــــــزَنُ

فـَــهْـــوَ مِنـّـَـةٌ عَظُــمَــــتْ

حـِــيـــنَ تُـذْكــَرُ الـمِــنَـــنُ

يَــــوْمَ ضَـــمَّــــهُ وَطـَــــنٌ

ضَــمَّ رُوحَـــــهُ الـبـَـــــدَنُ

فـَــهْــو طـَــائِـــرٌ غَــــــرِدٌ

رَاقِـــصٌ بـِــهِ الفـَــنـَـــــنُ

لاَ يُــكِـــنُّ عـــاطِــفـَـــــةً

سِــــرُّهُ هُـــوَ الـــعَــلَـــــنُ

يَـفْتـَـــدي بـِـــهِ وَطـَــــنًـا

والأُولـَــى بـِـهِ قـَــطـَـنُــوا

وَطـَـــنٌ يـُــقـَــدِّسُـــــــــهُ

كُـــلُّ مَــــا بـِـــهِ حَـسَــــنُ

وَتـُــرابُــــهُ ذَهـَـــــــــبٌ

هَــلْ سألــتَ مَــنْ يَــزِنُ ؟

لا تـَــلُــــمْ عَواطِــفـَــــهُ

إنْ أَكـَـــنّـَـهــا الــبَــــــدَنُ

كــالبـِــحـــارِ زاخــــرة

كَيْـفَ تعـبُــرُ السُّـفُـــنُ ؟!

والقـصـيــدُ مُـقـْـتـضَــبٌ

هَــــادئٌ ومُـــتَّـــــزِنُ ؟

 

شعر نورالدين صمود!

 

 

في نصوص اليوم