نصوص أدبية

أنا مَنْ أَهْوَى

فَالحُبُّ  يُطْلِقُ  في الوَاحَاتِ صَيْحَتَهُ

مَا رَقَّ  قَلْبٌ  إِذا  مَا  زَارَهُ  الكَدَرُ

malik alwaseti

أنا مَنْ أَهْوَى / مالك الواسطي

 

للهِ دَرُّكَ ما أَبْصَرْتَ يَا مَــــــطَرُ

قَلْبِي يَئِنُّ عَلى حَـــالي وَيَنْتَظِرُ

 

سَمْرَاءَ رَقَّ لَهَا قَلبِي وَمَــا تَعِبَتْ

عَيْنَايَ مِنْهَا وَمَا لِي دُوْنَهَا بَشَرُ

 

سَمْرَاءُ تَشْفِي جُرُوْحَ القَلْبِ نَظْرَتُهَا

كَأَنَّهَا الصُّبْحُ فـي اِشْرَاقِهِ ظَفَرُ

 

رَقَّتْ كَــمَا المَاءُ لا حَيٌّ يُفَارِقُهَا

وَلا لِأَرْضِكَ هـــذِي بَعْدَهَا أَثَرُ

 

لاحَتْ كَمَا الصُّبْحُ حَتَّى لا يُلَامِسُهَا

لَيْــلٌ تَعَثَّرَ فـي أَرْجَائِــهِ قَمَرُ

 

هَامَ الفُؤَادُ بِهَا حَــتَّى ظَنَنْتُ لَهَا

بَيْتًا على الأُفْقِ نَجْمًا سَاقَهُ المَطَرُ

 

يَسْقِي فُؤَادِي رِضَابَ العِشْقِ لَذَّتَهُ

كَأَنَّهُ مِـنْ رَحِيْقِ الوَرْدِ يَنْعَصِرُ

 

سَمْرَاءَ نَافِرَةَ النَّهْدَيْنِ يَسْكُنُــــهَا

وَهْجُ الصَّبَابَةِ في العَيْنَيْنِ يَنْفَطِرُ

 

دَمْعًا يَسِيْلُ عـلى الخَدِّيْنِ هَامَ بِهِ

قَلْبِي الضَّعِيْفُ ومَا في ضُعْفِهِ بَطَرُ

 

مَازِلْتُ في لَهَفٍ بَيْنَ الدُّمُوْعِ أَرَى

قَلْبِي المُتَيَّمَ مِنْهَا خَائِفٌ حَذِرُ

 

يَغْفُو عـلى الغَيْمِ مَسْكُوْنًا بِلَوْعَتِهِ

ضَاقَ التَّوَسُّلُ فِيْهِ مَلَّهُ السَّـفَرُ

 

جَالَسْتُهَا يَوْمَ أَبْدَتْ لــِي تَلَطُّفَها

وَيَوْمَ ذُقْتُ رِضَابًا مَــا لَهُ خَبَرُ

 

لا شَيْءَ أَحْلَى مَذَاقًا مِــنْ تَبَلُّلِهَا

بَيْنَ الشِّفَاهِ وَإِنْ في الهَمْسِ أَعْتَمِرُ

 

ظَلَلْتُ أَشْهَدُ في العَيْنَيْنِ  بَسْمَتَهَا

حَتَّى كَأَنِّي بِلَيْلٍ زَارَهُ الــــقَمَرُ

 

أَمْسَيْتُ فـي ظِلِّــهَا طَيْفًا تُقَلِّبُهُ

رِيْحُ الشَّمَاتَةِ فِيْهِ يَعْبَثُ الغَجَرُ

 

حَارَتْ بِهَا الرُّوْحُ لا ضَيْفٌ فَتَعْرِفُهُ

وَلا دُعَاءٌ بِــهِ الأَمْوَاتُ تَنْتَصِرُ

 

غَسَّلْتُهَا بِدُمُوْعِ العَيْنِ  يَوْمَ دَنَتْ

وَمَا حَسِبْتُ لِجُرْحٍ فِيْهِ أَحْتَضِرُ

 

عَجِبْتُ مِنْهَا خِصَالاً أَنْ تَرَى جَسَدِي

نَحْلَانَ في عِشْقِهَا عَطْشَانَ يَنْكَسِرُ

 

طَالَ اِنْتِظَارِي لَهَا عَيْنَايَ قَدْ رَمَدَتْ

فِيْمَا يَئِنُّ عَلى حَالي بَـدَا الحَجَرُ

 

قَدْ عَلَّقَتْنِي طَوِيْلًا فــــي تَدَلُّلِها

حَتَّى بَدِيْتُ كَظِلِّي مَـا لَـهُ أَثَرُ

 

قَدْ أَشْعَلَتْ في ضُحَى قَلبِي مَنَاحَتَهُ

وَقَدْ تَوَاعَدَنِي  في بُعْدِهَا الكَدَرُ

 

الشَّمْسُ مِنْهَا عــلى بُعْدٍ تُغَازِلُهَا

تَمْشِي وفي مَشْيِهَا كَالظِّلِ أَنْكَسِرُ

 

مَنْ يَطْرُقُ اليَوْمَ  بَابًا قَـدْ تَوَاعَدَهُ

طُوْلُ الغِيَابِ وَبُعْدٌ ثَوْبُهُ السَّهَرُ

 

لَيْتَ الحَبِيْبَ الَّذِي غَابَتْ مَلَامِحُهُ

يَأْتِي بِطَيْفٍ بِـهِ أَشْكُو وَأَعْتَذِرُ

 

فَالحُبُّ أَضْنَى عِظَاِمي وَهْيَ وَاهِنَةٌ

مِنْ حَرِّهَا اللَّيْلُ بَاتَ اللَّيْلَ يَسْتَعِرُ

 

سَمْرَاءُ مَا أَثْقَلَتْ في الطَّيْفِ مَشْيَتَهَا

تَحْبُو كَظِلٍّ بِهِ الأَحْبَابُ قَدْ عَثَرُوا

 

مَا أَثْقَلَ اليَوْمَ إِنْ غَابَتْ وإِنْ حَضَرَتْ

حَسِبْتُ طَيْفًا بِهِ عَيْنَايَ تَنْبَهِرُ

 

وَطَّدْتُ دَارَا لَــهَا كَانَتْ مَدَاخِلُهُ

عِطْرَ البَنَفْسَجِ فِيْهِ العِشْقُ يَأْتَزِرُ

 

كَأَنَّـــمَا  فــي  ثَنَايَاهُ  مَبَاهِجُــهُ

تِلْكَ النَّسَائِمُ فِيْهَا الشُّوْقُ يُخْتَصَرُ

 

الدَّارُ مِنْ بَعْدِهَا  جَدْبَاءُ  يَسْكُنُهَا

لَيْلٌ يُفَارِقُنَا فــــي ظِلِّهِ القَمَرُ

 

أَيَّامُ حُزْنِي كَلَيْلِي طَـــالَ  مَرْقَدُهَا

ظَلْمَاءَ دَبَّ بِهَا الإِعْيَاءُ والضَّجَرُ

 

ضَاقَتْ بِأَيَّاِمَي الآمَــالُ وَابْتَسَمَتْ

في الخَافِقَيْنِ جِرَاحٌ سَاقَهَا القَدَرُ

 

نَاحَتْ عَليَّ دُمُوعِي يُـــوْمَ فَارَقَنِي

خِلِّي الَّذِي فِيْهِ مَاءُ العَيْنِ تَنْبَهِرُ

 

فَاضَتْ عُيُونِي بِهَا الاحَزْانُ وَاِكتَأَبَتْ

أَيَّامِيَّ البِيْضُ وَاِسْوَدَتْ بِهَا الصُّوَرُ

 

سَمْرَاءُ أَشْقَتْ مَآقِي العَيْنِ لَفْتُّـهَا

أَوْدَتْ بِقَلبِي قَتِيْلًا لَيْسَ يَنْتَصِرُ

 

هَيْهَاتَ أَشْكُو لَهَا حُزْنِي وَمَظْلَمَتِي

فَكَيْفَ أَشْكُو لِمَنْ في القَلْبِ مُعْتَمِرُ

 

يَا مَــــنْ أَرَاكِ بِقَلبِي كُمَّا نَطَقَتْ

فيَّ الجَــوَارِحُ والأَحْـزَانُ والعِبَرُ

 

لُطْفًا بِقَلبِي إِذا مَا كُنْتِ عَازِمَـةً

على البِعَادِ فَذِكْرَاكِ لَـــهُ سَمَرُ

 

لا تَعْذُلِيْهِ فَطُـــوْلُ اللَّيْلِ تُوْجِعُهُ

ذَكَرى حَبِيْبٍ بِهِ الأَيَّامُ تُخْتَصَرُ

 

لا العُمْرُ بَعْدَكِ مَـجْبُوْلٌ على دِعَةٍ

وَلا الاَمَاني بِـهَا الاحْزَانُ تَنْدَثِرُ

 

الـــدَّارُ تَبْكِي  وَتُبْكِيْنِي مَلامَتُهَا

فَفـِي  مَدَاخِلِهَا  بَاقٍ لَـكِ  أَثَرُ

 

قَدْ جِئْتُهَا  وَدُمُوْعُ العَيْنِ سَاكِبَةٌ

أَبْغِي التَّلاقِي فَمَا مِنْ حَالِنَا خَبَرُ

 

فَأَيْنَ مِنْكِ جِرَاحِي وَهْيَ شَاخِصَةٌ

في المُقْلَتَيْنِ بِهَا الأَمْوَاتُ قَدْ بَصَرُوا

 

مَا لي أُقَلِّبُ أَيَّــــــامِي وَأَنْشِدُهَا

أَنْ لا تَهِمَّ بِمَا أَبْدَا لَـهَا القَدَرُ

 

فَالحُبُّ يُطْلِقُ في الوَاحَاتِ صَيْحَتَهُ

مَا رَقَّ قَلْبٌ إِذا مَا زَارَهُ الكَدَرُ

 

شعر: مالك الواسطي - نابولي ربيع 2017

 

 

في نصوص اليوم